> مقالات

التنمية في الالتزام والحوكمة

كتب : د.عبدالعزيز إبراهيم التركي |
التنمية في الالتزام والحوكمة

على الرغم من تعدد التعريفات لمصطلح الحوكمة، فإنها تلتقي جميعها في ممارسة سلطات الإدارة الرشيدة من خلال إحكام الرقابة الفعالة على أداء المؤسسات، عن طريق الشفافية، وتوافر المعلومات، وتطبيق المعايير المحاسبية الدولية، والنهوض بمستوى الكفاءات البشرية، والالتزام بالقوانين والخطط والامتثال لسياسات وإجراءات العمل. فالحوكمة، كما تعرفها مؤسسة التمويل الدولية، أنها «النظام الذي يتم من خلاله إدارة الشركات والتحكم في أعمالها». أما منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، فترى أن الحوكمة عبارة عن «مجموعة من العلاقات في ما بين القائمين على إدارة الشركة ومجلس الإدارة وحملة الأسهم وغيرهم من المساهمين». فالحوكمة هي النظام العام الذي يربط بين مجموعة النظم والسياسات التي تتحكم بإدارة المؤسسة لحمايتها وتحسين أدائها، حيث برزت هذه الممارسات كجزء من الاستراتيجيات الحديثة للحوكمة الرشيدة والجودة وإدارة المخاطر والامتثال المؤسسي بهدف تقديم أفضل نموذج لبناء هيكل تنظيمي وإداري للشركات المساهمة والمؤسسات الحكومية. يمكننا أيضاً تطبيق هذه الممارسات في خطة التنمية من خلال إعطاء صلاحيات الحوكمة والالتزام المؤسسي للقائمين على التنمية لضبط ومتابعة أداء الأجهزة الحكومية في تنفيذ مشاريع التنمية في الوقت المحدد وحسب الميزانية المحددة. فكل ما تقوم به الحكومة من نشاط إداري يتعلق بالقرارات التي تحدد الميزانيات، أو التعيينات، ومنح الصلاحيات، وإقرار الخطط والمشروعات، ورقابة ومتابعة أداء كل قيادي والجهات التابعة له، يعد من ممارسات الحوكمة الحكومية التي يفترض أن تسهم في تحسين كفاءة الجهاز الحكومي للوصول إلى أهداف التنمية المستدامة في كل قطاعات الدولة.
فالتنمية المستدامة تتطلب تطوير الأرض والمدينة والمجتمع والأعمال التجارية والحرفية لتلبية حاجات المواطن والمقيم، من دون استنزاف موارد الدولة وحصص الأجيال القادمة. فالحوكمة والالتزام المؤسسي ضروريان لنجاح تطبيق خطة التنمية ولتحقيق المصلحة العليا للدولة، لأنهما يعززان الإدارة الرشيدة في قطاعات الدولة من خلال نشر مبدأ الثواب والعقاب، وأخلاقيات المهنة والثقة المتبادلة في المعاملات، والمسؤولية المجتمعية والقانونية، ومكافحة الفساد، والافصاح، وثقافة المحاسبة والالتزام، ومراقبة الأداء، والحفاظ على المال العام، وتنويع مصادر الدخل والتمويل، واستخدام التكنولوجيا، ووضع هيكل إداري واضح، وإجراءات عمل، وفرص عمل حقيقية، وتدريب ذي جودة عالية، وتعليم يعزز القيم التاريخية الأصيلة، وإدارة فعالة للمخاطر، وتشجيع المنشآت والمؤسسات على استخدام الموارد بطريقة اكثر كفاءة وفاعلية. فالتنمية على أرض الواقع بحاجة الى حوكمة شاملة والتزام وامتثال مؤسسي يعالج الاختلالات الهيكلية والادارية والمالية في أجهزة الدولة. 


د. عبدالعزيز إبراهيم التركي
alterkey@gmail.com 


عدد الزيارات : 1476 زيارة

كل التعليقات

    لا توجد تعليقات علي هذا الموضوع

اضف تعليق