> مقالات

مستدامي جيل الحمّـاره

كتب : د.اميره الحسن |
 مستدامي جيل الحمّـاره


نسميها بـ"أيام الفقر" ولكني أسميها بـ"أيام الاستدامة" حيث كان الكويتيين يمارسون ممارسات بيئية سليمة مائة بالمائة! فعندما يهدمون منازلهم كانوا يأخذون الشبابيك والأبواب ويركبونها في المنزل الجديد إلا إن كانت حالة الخشب مهترئة وأكلته الأرضه أو الدنجل أوالباسجيل أو المنقور مضروبين وخربانين أو الحديد "حلي" فيبحثون لهم عن صرفه.
أما بقايا الطعام فكانت ترمى للدجاج الداجن لأجل بيضه أو لأكله أولأجل ريشه! وبالنسبة لبقايا الخبز الناشف فإما يصنعون منه طبخة "محروق صبعه" ويأكلونه أو يجففونه ويطعمونه للخرفان، ومن لحم الكباب أو التشريب الفائض  يعاد طبخه في وجبه جديده تؤكل بلذاذه! والعيش (الرز) الزائد يرفع في الملّاله لأكله في اليوم التالي وفي حالة فائض طعام الأعراس فيتم توزيعه على الجميع والباقي ممكن أن يرمى في البحر. كانوا يحترمون "نعمة الله" ولذلك يطبخون بما يناسب عددهم ولا يسرفون، وكان مكيال العيش "المعتمد" في الكويت هو علبة الأناناس.
أما عن عملية غسل الثياب فكانت تتم بمرحلتين نظرا لشح المياه ولأنه كان يباع ويشترى بأثمان تستهلك دخلهم: المرحلة الأولى هي غسل الثياب في مياه البحر، ثم احضاره للمنزل لغسله بالماء العذب مع صابون "بو ديج"، والشيء نفسه يتم مع "الجدور" الكبيرة و"المواعين" الكبيره التي تحتاج لمياه غزيره لغسلها بعد العزايم ، يتم اخذها للبحر لغسلها ثم شطفها مرة أخرى بالمنزل.
وأما بالنسبة للثياب، فقد كانت النساء هن من يخطن الثياب للنساء والرجال، حيث كان الخياط الرجالي أقل عددا، وكانت المرأة الكويتية تخيط القماش بناء على القياس وهو "دشداشه أو نفنوف" "نمونه" يتم قياسهم بالتشبير! وهذا النوع من الخياطة كانت شائعة حتى منتصف خمسينيات القرن الماضي. وكانت الخياطات أنواع: خيّاطة زري، وخياطة تيل، وخياطة ملابس.
وكانوا يحولون أكياس الاسمنت القطنية بعد تنظيفها إلى أكياس بقالة تباع للاستهلاك: "الخمس أكياس بربيتين" والناس يقبلون على شرائها، ولم يرموا الملابس القديمة وإنما يعالجونها لتصبح بقياس من هو أقل في العمر والحجم فتقوم ربة المنزل بعمل اللازم، او يمكن تحويله كيس بقاله أو "بيز" للمطبخ. كان عدد الثياب للفرد محدودا، فهي تشترى لفصلين هما الشتاء (كسوة الشتاء) وللأعياد والصيف (كسوة الصيف أو كسوة العيد).
وبعد، فهذا غيض من فيض السلوكيات المستدامة للكويتيين مما يمكن تصنيفها إلى السلوكيات المستدامة ( The Four Rs) (إعادة تدوير والترشيد والاسترداد وإعادة الاستخدام).
وفي ضوء ما تم من مصادقة 195 دولة شاركت في مؤتمر باريس للبيئة على ميثاق يتضمن كل من (الماء والنفايات والطاقة) للحد من تغير المناخ العالمي الذي نتج بسبب ظاهرة الاحتباس الحراري التي أدت إلى كثرة الكوارث الطبيعية بما تسبب في هلاك المحاصيل والحيوانات والبشر بصورة غير مسبوقة.
إذا، نحن في أمس الحاجة للسير في الركب العالمي والتخلي عن سلوكنا الاستهلاكي اللامبالي، والرجوع إلى حكمة "الأوليين" لأنها أثبتت رؤيتها المستقبلية.
ملاحظة: خالص الشكر لوالدتي على المعلومات الواردة في المقال.

عدد الزيارات : 2895 زيارة

كل التعليقات

    لا توجد تعليقات علي هذا الموضوع

اضف تعليق