> فن وثقافة

رسولاف.. يدفع ثمن مقاومته للفساد والاستبداد


رسولاف.. يدفع ثمن مقاومته للفساد والاستبداد

رافع البرغوثي -  منعت السلطات الإيرانية المخرج السينمائي محمد رسولاف من السفر للمشاركة في مهرجان برلين السينمائي الدولي، الذي ينافس فيه بفيلمه «لا يوجد شيطان» على جائزة الدب الذهبي. ومن المقرر عرض الفيلم يوم الجمعة المقبل، في المسابقة الرسمية للمهرجان الذي انطلقت دورته الـ70 في 20 فبراير الجاري، وتختم في الأول من مارس المقبل. وجاء منع رسولاف من السفر عقب إعلانه أن السلطات الإيرانية رفضت إصدار جواز سفر له، بدلا من جواز سفره الذي صادرته عام 2017 بعد عودته من مهرجان كان السينمائي الدولي، حيث فاز فيلمه «رجل نزيه» بجائزة أفضل فيلم في قسم «نظرة ما». وتدور أحداث «لا يوجد شيطان» الذي تم إخراجه في السر، حول أب يذهب كل يوم إلى عمله، ليفاجأ بحادثة تغير مصيره وتجعله مجبرا على القتل، وعاشق يريد أن يتقدم لحبيبته في يوم ميلادها، وطبيب خائف من ممارسة الطب.. ومن خلال الحكايات المتداخلة للشخصيات التي تنتهي الى منصة الإعدام، يبرز الفيلم الهشاشة الأخلاقية لهذه العقوبة، وتكشف ثقل الكابوس المخيم على الشعب الايراني. وقال رسولاف في حوار صحافي ان الفيلم «لا يدور فقط حول عقوبة الإعدام، لكنه يدور حول تكلفة مقاومة النظام في إيران». وأشار إلى ان مقاومته للنظام الإيراني قد كلفته كثيرا على المستويين الشخصي والمهني، لكنه لا يزال مؤمنا بأن المحصلة إيجابية، وذلك يدفعه للاستمرار في مقاومة الرقابة على الفن وحرية التعبير في بلاده. وقد تعرض رسولاف منذ اكثر من عشر سنوات لمضايقات كثيرة من السلطات الايرانية، التي تتهمه بالإساءة الى البلد و«القيام بنشاط ضد الأمن القومي»، و«الدعاية ضد النظام». منعه من العمل 20 سنة وفي 2010 قضت محكمة إيرانية بسجنه لمدة خمس سنوات ومنعه من العمل في السينما لمدة 20 سنة، بتهمة «نشر دعاية معادية للجمهورية الإسلامية». وقال القاضي ان رسولاف «سوّد وجه الأمة ولم ينجز أيّ فيلم عن شجاعة الأمّة، وانّه كوفئ في مهرجانات غير إيرانية، وصفق له الأجانب، أعداء الأمّة».. ولكن تم تخفيف الحكم الى السجن لسنة واحدة فقط مع إطلاق سراحه بكفالة وتأجيل تنفيذ الحكم، ومنعه من العمل ومن السفر. وكان رسولاف قد رد على وسائل الاعلام لدى مشاركته في مهرجان كان قائلا «في كل مرة أصور فيلما يتوجب علي تفسير كل شيء لطمأنة الجهاز الرقابي الى أنني لست بصدد صناعة فيلم لإسقاط النظام الإيراني، وأن كل همي صناعة فيلم يناقش ويعكس المشكلات الاجتماعية لتحسين هذا المجتمع». فساد واستبداد وتكشف افلام رسولاف الكثير عن الفساد والاستبداد، ففيلمه «وداعًا» يصور غربة محامية إيرانية في بلدها، بعد منعها من ممارسة مهنتها، وتعرّضها لمضايقات من السلطات، بسبب زوجها المتواري عن الأنظار، خشية اعتقاله، وعزمها على الهجرة والهرب.   و«لا نحرق المخطوطات» يتناول تعرض المثقفين لصنوف التعذيب والاضطهاد والترويع، فإما أن يهادنوا ويقبلوا العمل كمرشدين للنظام، لتعقب زملائهم وتصفيتهم، أو يكون مصيرهم الحرمان والمطاردة والمنع من السفر والتعذيب بل والإعدام بطرق مبتكرة. و«رجل شريف» يعرض قصة رجل يحاول الوقوف أمام فساد إحدى الشركات التي تجبر المواطنين على بيع ممتلكاتهم، وأمام تفشي هذا الفساد، لا يجد بطل الفيلم مفرًا من عدم الانخراط به، أو أن يُصبح عدوًا لهذه الشركة بنفوذها سوى الهروب هو وزوجته وطفله من هذة المدينة، والذهاب إلى منطقة ريفية نائية حتى لا يتحول إلى فاسد مثلهم. و«رجل شريف» يصوّر مقاومة رجل للفساد المستشري في النظام المستبد، المتمثل في شركة تحاول بشتى السبل إجباره على بيع ارضه لها، مستندة الى اخطبوط السياسة والمال والسلطة، منتهكة القوانين والقيم، لفرض قراراتها على المجتمع.. ونرى فصل طالبة من المدرسة بسبب ديانة أسرتها، وإخراج جثة امرأة من قبور المسلمين بعد أن اكتشفت السلطات أنها «غير مسلمة».. افلام رسولاف ومخرجين آخرين تصور معاناة الايرانيين بسبب «تركيبة أنجبها النظام، فيها القمع الاجتماعي كلّه، الذي يعاقِب من لا يتبع الخط نفسه، والقيم الموضوعة»، كما قال رسولاف عن معاناة بطل فيلمه «رجل شريف». 


عدد الزيارات : 705 زيارة

كل التعليقات

    لا توجد تعليقات علي هذا الموضوع

اضف تعليق