> فن وثقافة

«لا يوجد شر» يفوز بـ«الدب الذهبي».. صرخة في وجه الدكتاتورية الدينية


«لا يوجد شر» يفوز بـ«الدب الذهبي».. صرخة في وجه الدكتاتورية الدينية

محمد علي - اقتنص الفيلم الإيراني «لا يوجد شر»، للمخرج محمد رسولوف جائزة «الدب الذهبي» في الدورة الـ70 من مهرجان برلين السينمائي، الذي أعلنت نتائجه مساء أمس الأول خلال حفل الختام الذي أقيم بقصر البريناله، وتخلف المخرج الإيراني عن حضور العرض العالمي الأول للفيلم، كما غاب عن إعلان النتائج قسرًا بسبب قرار السلطات الإيرانية بمنعه من مغادرة البلاد، وتحديد إقامته على خلفية اتهامه بنشر دعاية سلبية ضد الجمهورية الإسلامية. ويمثل فوز رسولوف صرخة في وجه الدكتاتورية الدينية التي تسعى لمصادرة الرأي الآخر، حتى وإن كان على هيئة عمل فني يعبر عن معاناة مجتمع وآلامه وآماله ويحكي «لا يوجد شر» أربع قصص متشابكة عن قمع الحريات في ظل نظام مستبد، منتقدًا عقوبة الإعدام، والفيلم الذي تم تصويره سرًا في تحدٍ لرقابة الحكومة الإيرانية، تدور أحداثه حول أب يذهب كل يوم إلى عمله، ليُفاجأ بحادثة تغير مصيره وتجعله مجبرًا على القتل، وقصة أخرى لعاشق يريد أن يتقدم لحبيبته في يوم ميلادها، أما الثالثة فلطبيب خائف من ممارسة الطب، ومن خلال الحكايات المتداخلة للشخصيات التي تنتهي الى منصة الإعدام، يبرز الفيلم الهشاشة الأخلاقية لهذه العقوبة، وتكشف ثقل الكابوس الجاثم على الشعب الايراني. رجل النزاهة وكانت السلطات الإيرانية قد استولت على جواز سفر رسولوف عام 2017، عقب عودته من مهرجان كان، حيث فاز فيلمه «رجل النزاهة» بجائزة مسابقة «نظرة ما»، وقد حُكم على رسولوف بالسجن عامًا بعد إدانته بنشر دعاية ضد الجمهورية الإسلامية، وهي التهمة التي توجه غالبًا ضد المثقفين ومنتقدي المؤسسة الإيرانية، كما منع من إخراج أي أفلام، وتحديد إقامته داخل إيران، ما أرغمه على تصوير أحدث أفلامه سرًا. وقال المخرج محمد رسولوف، في تصريحات تناقلتها وسائل إعلام عالمية: «لقد رفضت السلطات منحي جواز السفر الخاص بي، لذا فمن المستحيل مغادرة البلاد». ويستطرد متحدثا عن فيلمه: «في مضمون المناخ الضاغط على المجتمع، تبدو الاختيارات محدودة. هي إما المقاومة أو البقاء حياً، أبطال الفيلم يرفضون اختيار الاستسلام، لكنهم لا يملكون القدرة على المقاومة في الوقت ذاته». ابنته تسلمت الجائزة وبسبب الحصار المفروض على رسولوف، تسلمت ابنته باران، التي تمثل في هذا الفيلم أيضا، الجائزة بدلا منه، وقالت: «إنني مرتبكة وسعيدة جدا بهذه الجائزة، ولكن في الوقت نفسه فإنني حزينة لأنها لمخرج لم يستطع التواجد هنا الليلة، ولذلك فبالإنابة عن كل الفريق أقول هذه له». بينما قال رئيس لجنة التحكيم في مهرجان برلين السينمائي الدولي جيريمي أيرونز، ونشرته اللجنة المشرفة على المهرجان على صفحتها الرسمية في موقع تويتر، ان «الفيلم يحكي أربع قصص تظهر كيف يلقي نظام مستبد بشباكه على المواطنين العاديين بغرض جرهم نحو الوحشية»، وأضاف أن الفيلم «يطرح أسئلة عن مسؤولياتنا وخياراتنا التي نقوم بها في الحياة». وجاءت نتائج الدورة الـ70 من مهرجان برلين السينمائي على النحو التالي: - جائزة لجنة التحكيم الكبري نالها الفيلم الأميركي «أبدا نادرا في بعض الأحيان دائما - Never Rarely Sometimes Always»، من إخراج إليزا هيتمان. - جائزة أفضل مخرج للفيلم الكوري «المرأة التي ركضت»، إخراج هونج سونج سو. - جائزة أفضل ممثلة ذهبت للممثلة الألمانية باولا بيير عن فيلم «أوندين»، للمخرج كريستيان بيتزولد. - «أفضل ممثل» ذهبت للممثل الإيطالي إليو جيرمانو عن فيلم «بعيد عن الأنظار». - «أفضل سيناريو» ذهبت للفيلم الإيطالي «حكايات سيئة»، إخراج فابيو وداميانو دي إينوسينزو. - جائزة أفضل إسهام فني ذهبت للفيلم الألماني «ناتاشا»، إخراج ايليا خرزانوفسكي وجيكاترينا أورتيل.   - وحصل على «الدب الفضي» الفيلم الفرنسي «حذف التاريخ»، إخراج بينوا ديليبين وجوستاف كيرفيرن، وهي الجائزة التي كانت تمنح تحت اسم مؤسس المهرجان «ألفريد باور» لأحد الأفلام التي تفتح أفاقاً جديدة نحو الفن السابع، ولكن جرى حذف اسمه خلال هذه الدورة، بعد أن اكتشفت إدارة المهرجان بأن له ماضياً نازياً. وفي سياق متصل، خرجت أفلام سلمى حايك وويليم دافو وريثي بان وكيلي ريتشاردت بلا جوائز خلال هذه الدورة. وهدفت النسخة الـ70 من مهرجان برلين إلى إفساح المجال أمام التنوع، من خلال تقديم أفلام كثيرة من توقيع نساء، إذ عرض المهرجان هذا العام ستة أفلام أخرجتها أو شاركت في إنجازها نساء ضمن المسابقة الرسمية، أما نسبة المخرجات النساء اللواتي أخرجن الأفلام، التي عرضت خلال جميع تظاهرات المهرجان، فبلغت 38 بالمئة، وذلك في محاولة لتخفيف حدة الجدل بشأن ضعف حضور النساء في السينما بعد حفلتي توزيع جوائز بافتا البريطانية والأوسكار. هكذا استطاع رسولوف تصوير فيلمه سرّاً كشف المخرج الإيراني محمد رسولوف عن كواليس تصوير فيلمه «لا يوجد شر» سرّاً، وقال المخرج المحاصر في إيران، في لقاء أجري معه عبر «سكاي بي»: إن فيلمه جرى تصويره سرّاً، ولم يذكر اسمه مطلقاً في أي تصاريح تخص الفيلم. وأضاف: «لقد قمت بإعداد الفيلم كأربعة أفلام قصيرة، ولكل منها مخرجه الخاص، ووحدة الإنتاج الخاصة به، تماماً مثل أربعة أفلام منفصلة، لأن السلطات لا تهتم بالأفلام القصيرة مثل الطويلة، لذلك كان من السهل إنجازه». واستطرد رسولوف: «مشاهد الفيلم جرى تصويرها في الأماكن العامة، بما فيها مطار طهران، وكنت أجلس في منزلي أثناء تصوير هذه المشاهد، بينما أرسل فقط للمساعدين قائمة بالمشاهد المعتمدة بتفاصيلها، أما المشاهد التي كنا نصورها خارج المدينة، فكنت أشعر فيها بحرية أكثر وأتواجد مع الممثلين داخل موقع التصوير». ويتبع الفيلم أربع قصص متشابكة حول موضوع واحد، وهو كيف يكمن للفرد أن يظهر شجاعة أخلاقية في ظل نظام مستبد؟ وترتبط جميع الحكايات بقضية عقوبة الإعدام في إيران، الذي تقره الحكومة للمعارضين السياسيين. وأكد رسولوف أن فيلمه الجديد هو نقد أكثر مباشرة للحكومة عن كل أفلامه السابقة، التي كانت تعتمد على النقد بطريقة خفية وغير مباشرة. واعترف رسولوف بأن عرض الفيلم في مهرجان برلين، قد يجعل الأمر أسوأ بالنسبة له، وقال: «قد يكون هناك ثمن يجب دفعه»، «ولكني اتخذت قراري بالتحدث بصرف النظر عن العواقب 

عدد الزيارات : 1338 زيارة

كل التعليقات

    لا توجد تعليقات علي هذا الموضوع

اضف تعليق