> تحقيقات ومقابلات

منطقة المستقبل.. هل تعود حرة؟


منطقة المستقبل.. هل تعود حرة؟

مبان مهجورة.. شوارع خالية.. أشجار مهملة.. لوحات ارشادية مهترئة.. هدوء يخيم على الأجواء..هذا ملخص ما ستشهده لدى زيارتك للمنطقة الحرة في الوقت الراهن. مرت أكثر من 15 عاماً منذ أن انقلب حال هذه المنطقة من مكان تجاري مكتظ بالمكاتب والشركات وشوارع يملؤها النشاط، إلى منطقة شبه مهجورة، جاء ذلك عقب سحب مسؤولية إدارتها من الشركة الوطنية العقارية التي امتد حكمها للمنطقة لأعوام، لتقبع بعدها تحت مظلة الهيئة العامة للصناعة. وقد تم إنشاء المنطقة الحرة بالكويت بمرسوم بالقانون رقم 26 لسنة 1995، بنظرة هادفة إلى إنعاش الاقتصاد الكويتي، وإيجاد فرص استثمارية أكبر، والبحث عن دور كويتي كهمزة وصل تجارية بين العالم وبلدان إقليمية مجاورة، وسعت المنطقة الحرة بخطوات واثقة نحو ترسيخ وجودها خلال السنوات الماضية. وطالبت أخيراً وزارة المالية (إدارة أملاك الدولة) بالعمل على إصدار قرار من المجلس البلدي لتحويل منطقة المستقبل (الحرة سابقاً) إلى أملاك دولة خاصة عقارية، ومن ثم يتم إصدار قرار بالإخلاء الإداري للقسائم من مستغليها بعد منحهم مدة محددة لتسوية أوضاعهم حتى يتسنى لوزارة المالية (إدارة أملاك الدولة) العمل على طرحها بالمزاد العلني وفقاً للمرسوم بالقانون رقم 105 لسنة 1980 في شأن نظام أملاك الدولة ولائحته التنفيذية على أن تكون القيمة الإيجارية للمتر المربع للقسائم بجميع استخداماتها وفقاً للقرار الوزاري رقم 40 لسنة 2016 الخاص بإصدار لائحة بدل الانتفاع بأملاك الدولة الخاصة العقارية ورسوم الخدمات، ومن ثم يتم إبرام العقد بين وزارة المالية (إدارة أملاك الدولة) والراسي عليه المزاد. إلا أن هذا القرار لم يستسغه بعض المستثمرين الذين أنفقوا أموالاً طائلة في مشاريع اعتقدوا أنها ستجني لهم الخير الوفير في تلك المنطقة، فالبعض وجده قراراً لا ينصف حقوقهم. كما طالب عدد من مستثمري المنطقة، الجهات المعنية والمسؤولة بتعجيل إيجاد حلول ومعالجة فعالة لإعادة المنطقة إلى سابق عهدها ومعاملتها على شاكلة منطقتي الشويخ الصناعية والري، متمسكين بحقوقهم غير متنازلين عن مشاريعهم الكائنة فيها، كاشفين عن خسائر جمة تجاوز بعضها مئات الملايين تكبدها معظمهم منذ بدء مسيرة استثماراتهم والتي لم تعط فرصة عادلة للاستفادة من عوائدها، حيث باتت الآن مباني خالية ومشاريع مهدرة تنتظر مصيرها المجهول. القبس استطلعت آراء عدد من مستثمري المنطقة الحرة لعكس أحوالهم فيما يلي التفاصيل: قال رئيس اتحاد العقاريين توفيق الجراح: إن قيمة استثماره في المنطقة الحرة بلغ 250 ألف دينار، وأما خسائره فتجاوزت النصف مليون دينار، مؤكداً الواقع الأليم الذي يعيشه المستثمرون، وما آلت إليه حال المنطقة ككل بمنزلة ظلم لهم. ووصف الجراح حال المنطقة الحرة على أنها «مثلث برمودا»، فالتراخيص باتت مهملة في كواليس الحكومة، نتيجة تقاذف الجهات الحكومية للقضية دون البت في حلول تعالج مشكلتها العالقة، الأمر الذي ساهم في تجميدها وتحويلها إلى منطقة شبه مهجورة. وناشد الجراح الجهات الحكومية والمسؤولة بأهمية إعادة فتح الأبواب أمام تجديد العقود والتراخيص، التي من شأنها دعم مسيرة المستثمرين الذين وقعوا ضحية الموقف، وتعويض خسائرهم التي تراكمت على مدى الـ15 عاماً الماضية. من جهته، أكد المستثمر ورئيس الاتحاد الكويتي لوسطاء العقار، فيصل الشرهان، أن قيمة قسيمته الكائنة في المنطقة الحرة، والتي تبلغ مساحتها 1000 متر مربع، نحو 650 ألف دينار، وانفق عليها نحو 150 ألف دينار لتطويرها وإنشاء مبنى تجاري يحتوي على مكاتب ومحال تجارية بهدف تأجيرها. وأوضح الشرهان أنه وحتى الآن لا يزال يتحمل دفع تكاليف سنوية تبلغ نحو 10 آلاف دينار شاملة مصاريف الكهرباء والماء والصيانة، وغيرها من الأعباء التي أرهقت كاهله كمستثمر في تلك المنطقة، وكل ذلك من دون فائدة يجنيها. وأكد أنهم كمجموعة محدودة من المستثمرين اشتكوا حالهم إلى العديد من الجهات المسؤولة، من ضمنها وزير المالية ووزير التجارة والصناعة والقائمون على الهيئة العامة للصناعة، إلا أن محاولاتهم لإيجاد حلول لقضيتهم باءت بالفشل. كما تقدموا بمجموعة من المقترحات، جاء أبرزها تحويل المنطقة الحرة إلى صناعية، لتكون على شاكلة منطقتي الشويخ والري. وبيّن الشرهان أن مستقبل المنطقة سيظل مجهولاً إلى أن يتم البت فيه من قبل الجهات المعنية، مشيراً إلى أن الوضع بات سيئاً، ولم يعد المستثمرون يعلمون إلى أي جهة يلجؤون، حيث إن كل جهة تتملص من المسؤولية من خلال إلقائها بالقضية على الجهات الأخرى، متأملاً أن تصل الحكومة يوماً ما في المستقبل القريب إلى حل ينصفهم كمستثمرين، من خلال النظر في إعادة التراخيص إلى المنطقة التي باتت «منسية». فرصة للتشغيل وذكر المستثمر عبدالله الشارخ أن مساحة الأرض التي قام ببناء مشروعه عليها تبلغ نحو 2000 متر مربع، وأقام عليها فيلا من ثلاثة أدوار بقيمة 400 ألف دينار، وهي مشروع معرض لأرقى التصاميم الداخلية، لافتا إلى حيازته رخصة بناء معتمدة من البلدية، بالاضافة الى رخصة مطافئ، وامتلاك الاخيرة ليس بالامر السهل، وان ذلك جاء من باب حرصه على الالتزام بالأنظمة وكل ما يخص شؤون إنشاء المشروع بالطرق الشرعية الصحيحة. وأكد الشارخ انه لطالما كان داعما لمواقف الحكومة وانظمتها، مشيرا الى ان التأخر بالبت في قضية المنطقة الحرة هو نتيجة انها تعد مسألة غير تقليدية، الا انه في ذات الوقت تطرق الى ما تم تداوله بشأن طرح وزارة المالية «ادارة املاك الدولة» للمنطقة الحرة بالمزاد العلني، حيث ان لومه للجهات المسؤولة مبني على عدم مراعاتها لاعطاء مستثمري المنطقة الحرة الوقت ولا حتى الفرصة لتشغيل مشاريعهم والاستفادة منها، وعوضا عن ذلك باغتوهم بتصرفات كبدتهم خسائر جمة رافقها قرار لا يسمح لهم باكمال مسيرة استثماراتهم التي كانت بالكاد بدأت، كاشفا ان حجم خسائره تجاوز المليون دينار، ناهيك عما لحق بها من معاناة نفسية عاشها المستثمرون منذ ذلك الحين كنتيجة. انعدام الاستقرار ويرى الشارخ أن تصرفات الجهات المسؤولة والمعنية بشؤون المنطقة تسببت في انعدام استقرارها وتوقف حالها، سارداً عدة تناقضات كانت بمنزلة «منغصات» امام تقدم مسيرة أعماله التي لم تستمر، حيث جاء أبرزها عندما قامت البلدية بتغيير نسب البناء وذلك عقب إنشاء المستثمرين لمشاريعهم، الأمر الذي وضع مبانيهم وتلك التي لا تزال قيد التشييد في مأزق. وكشف الشارخ انه كنتيجة عن هذه التصرفات نقل مشروعه الى منطقة الشويخ، كما انه تعاقد مع مستثمرين إيطاليين وأسبان وقاموا بعمل مشروع مشترك مقره إيطاليا، متأسفا على ان استثماره لم ير النور في الكويت، مشيرا الى ان «المبدع» والاستثمار الناجح لا يجد له فرصه في السوق المحلي. وتمنى الشارخ ان تأخذ الحكومة بالاعتبار الاضرار المادية والمعنوية التي عاشها المستثمرون، وان تعيد النظر بشأن فتح الباب لتجديد التراخيص، وان يتم ارضاخها لنظام قرار مجلس الوزراء لاعتمادها كمنطقة تجارية ادارية. وبيّن المستثمر بدر المنيس ان مساحة قسيمته في المنطقة الحرة تبلغ 490 مترا مربعا وايجارها السنوي يبلغ 2150 دينارا، لافتا الى انه حصل على ترخيصها قبل انتهائها من اعمال البنية التحتية عام 2001، حيث إنه اعتاد على تأجير مبناه ذي الدورين بقيمة إيجارية تبلغ 2000 دينار. وكشف المنيس ان قيمة خسائره تتراوح ما بين 60 و70 ألف دينار شاملة ما تعرض له الاستثمار من خسائر نتيجة إيقاف التراخيص ومصاريف الكهرباء والماء وغيرها، لافتا الى ان المستثمرين باتوا غير مستفيدين منذ 15 عاماً مما تأملونه من مستقبل مثمر يجنونه من خلال استثماراتهم في المنطقة الحرة. وعن قيمة التراخيص، بيّن أن قيمتها السنوية تبلغ 250 ديناراً، مشيراً إلى أنه على الرغم من إيقافها، فإن المستثمرين استمروا في دفع قيمتها لثلاث سنوات على التوالي عقب الإيقاف من دون فهم الأسباب! وأكد المنيس أن حال المنطقة بات مزريا، فبالاضافة إلى انها مهدرة، معظم المباني باتت مهملة ومهترئة وبحاجة الى الترميم، مطالبا الجهات المسؤولة باعادة النظر الى حالها وحال مستثمريها، مقترحاً إعادة احيائها من خلال معاودة فتح التراخيص ودعم نشاطها، وابقاءها كمنطقة تجارية حاضنة للمكاتب والشركات بعيدا عن النشاطات الحرفية. زرع بلا حصاد   من جانبه، قال المستثمر خالد الشلفان ان العديد من المستثمرين الكويتيين وضعوا استثماراتهم في المنطقة الحرة، آملين جني ثمار ما زرعوه من مشاريع ذات جدوى اقتصادية فعالة، لكنهم لم يحظوا بفرصة الاستفادة منها، نتيجة لما آلت اليه حال المنطقة وانتهائها معلقة من دون ايجاد حل لها حتى الآن، أما المستثمرون فباتوا تائهين بين القضايا والمحاكم مطالبين بحقوقهم الضائعة، مشيرا الى ان من واجب الحكومة مراعاة حماية المستثمر الكويتي قبل الاجنبي، وتأخر معالجة الموضوع لن يسبب الا بمزيد من الخسائر لهم، لافتا الى ان الحل يكمن بمعاملة المنطقة الحرة كالشويخ الصناعية والري. وبين الشلفان ان حجم استثمارهم في المنطقة الحرة كبير، فهو كائن على قسيمتين في تلك المنطقة، اما عن الخسائر فبات من الصعب حصرها، مكتفيا بالقول انها ملايين الدنانير، خصوصا في ظل ان ما يدفعه المستثمرون للمنطقة الحرة يعادل 5 اضعاف ما يدفعه مستثمرو الشويخ الصناعية. كما ان مشكلة المنطقة الحرة دفعتهم كمستثمرين لنقل استثمارهم الى منطقة شرق، الامر الذي زاد عليهم الاعباء المادية. وذكر الشلفان ان هناك وعودا «طيبة»، املين من الحكومة اتخاذ مواقف جدية للوصول الى حلول ومعالجة تنصفهم كمستثمرين وقعوا ضحية هذه الازمة، مؤكدا انها باتت مسألة مستحقة، وآن الاوان للبت فيها، واذا لم يتم هذا الامر فانه سيشكل خطورة من حيث المطالبة بالتعويضات التي ستصل الى مئات الملايين، والتي ستقع على عاتق الحكومة للالتزام بها. بدروه، قال الخبير العقاري سليمان الدليجان: إن المنطقة مرت بمراحل مختلفة من الطلب وكذلك من الأسعار، موضحا عند بداية طرح المشروع كانت هناك رغبة كبيرة من قبل العديدين بالاستثمار نتيجة طرحها كأول منطقة حرة بالكويت، حيث كان من المتوقع إنشاء فنادق متعددة لاستقبال التجار وبناء مصانع خفيفة ومعارض مميزة وغيرها من المشاريع والاستثمارات. الا ان واقع حال المنطقة حالياً تغير من بعد الخلاف الذي حصل بين الشركة المديرة للمشروع والهيئة العامة للصناعة، الامر الذي ألقى بظلاله على انخفاض الطلب ومن ثم انخفاض الأسعار. وبالتالي بات من الصعب تقييم سعر المتر بالمنطقة لعدم وضوح استخدام الأراضي وتحديدها على انها تجارية او حرفية او إدارية. وبين الدليجان قبل الأزمة العالمية 2008 كان سعر المتر قد بلغ 1700 دينار للمواقع المتميزة بينما سعر المتر الشارع الواحد بعد الأزمة بلغ 350-400 دينار للمواقع العادية. واقترح الدليجان اعادة النظر بموضوع التراخيص وارجاع المنطقة لعهدها السابق الى جانب تشجيع ضخ كبرى الاستثمارات فيها الى جانب انشاء الفنادق والمطاعم والمقاهي والمعارض، مؤكدا على ضرورة ان تعامل المنطقة الحرة كمنطقة الشويخ الصناعية والري بسبب تضخم الأسعار وان يتم تعزيز تنويع مختلف الاستثمارات فيها كما حدث بالعارضية الحرفية وأسواق القرين. القرار المفاجئ ذكر عبد الله الشارخ - أنه قام بدفع نحو 5 آلاف دينار رسوم ربط شبكة الصرف الصحي، مشيراً إلى أنهم -كمستثمرون- فوجئوا بقرار يفيد بإيقاف عملية إتمام الصرف الصحي والاكتفاء بعمل حفرة «جورة» لهذا الغرض!. وتساءل: هل يعقل أن يطلب منا هذا الأمر ونحن في عصر التطور؟ لم ينته الأمر عند هذا الحد، بل امتد ليشمل افادتنا بتغيير نشاط التراخيص ثم تلقينا أمراً بايقاف البناء دون ذكر الأسباب وبعد فترة أعادوا السماح باكمال عمليات تشييد البناء، ثم استلمنا كتبا تفيد أصحاب المشاريع بإنهاء تراخيصهم خلال فترة محددة، لينتهي المطاف بمنع تجديد التراخيص ككل! وعلى الرغم من قرار الإيقاف، تم الزامنا بدفع الرسوم على مدى 3 سنوات. 



عدد الزيارات : 906 زيارة

كل التعليقات

    لا توجد تعليقات علي هذا الموضوع

اضف تعليق