> فن وثقافة

جهاد الزين يواجه أسئلة الصحافة والسياسة والثقافة


جهاد الزين يواجه أسئلة الصحافة والسياسة والثقافة

رافع البرغوثي -  يثير كتاب جهاد الزين «المهنة الآثمة – نقد تجربتي في الكتابة السياسية» الكثير من القضايا السياسية والثقافية والفلسفية، اضافة الى اسئلة الاعلام العلمية والفنية والفلسفية. فالكاتب يطرح افكارا واسئلة تتعلق بطبيعة الإعلام وقيمته ووظيفته، ويسلط الضوء على افكار ومفاهيم سابقة للعملية الاعلامية، تستند إليها هذه العملية، وأخرى عن علاقة الإعلام بالعلم والدين والأخلاق.. يقول «انه كتاب نيات الكتابة السياسية قبل ان تكتب، وكتاب ما يتخللها ككتابة، وكتاب ما بعد هذه الكتابة: شخوصها، وجماعاتها، مراجعاتها، صياغاتها، اجتهاداتها، مناوراتها، والأهم الأهم جدواها او لا جدواها. أكاد اقول «وجود» هذه الكتابة نفسه!. ونضيف انه كتاب في «سياسة الحقيقة». «من المستحيل في ظروف بلادنا تكريس حد أدنى من الاستقلالية الشخصية في التحليل والتقييم اذا كانت العلاقة وثيقة برجال السلطة. والمعضلة ان من دون هذه الصلات، لا مجال لفهم الحياة السياسية كما ينبغي». إرادة الحقيقة الكاتب السياسي يجتهد في قراءة الأحداث لفهمها، وتشخيص الواقع، وصولا الى الحقائق المتغيرة، وامكانات التعامل معها، للتأثير في مجرى الأحداث. وجهاد الزين يفكر في كل ذلك، وكأنه يسعى الى بناء نظام معرفي يصلح للعمل في خضم الأوضاع العربية، فيصطدم بوقائع الاستبداد والفساد والرقابات والخوف، ويواجه المسلمات والانحيازات والممنوعات.. يشعر القارئ ان الكاتب مدفوع بالقلق وارادة الحقيقة الى حد كبير، لا يدعي امتلاك الاجابات الشافية، ويعمل على إدارة افكاره بطريقة نقدية، تحرره من المسبقات وقوالب التفكير الجاهزة والاوهام. تتفق معه هنا، وتختلف معه هناك، محترما جدية تناوله وانفتاح عقله، وخصوبة أفكاره التي تستدعي الحوار.. ويذكرني كتاب الزين بقول ميشال فوكو ان «المستقبل هو كيفية تحويلنا الحركة والشك إلى حقيقة. إذا أردنا أن نتحكم في مستقبلنا فعلينا أن نطرح سؤال الراهن، أي سؤال ما يحدث الآن، لهذا السبب أعتبر أن الفلسفة هي صحافة راديكالية». معيار مظهري عندما توفي باسل الأسد، نجل الرئيس حافظ الاسد، ذهب جهاد الزين ضمن وفد جريدة «السفير» لتقديم العزاء، وهناك استخلص مما شاهد درسا، يقول:   «دخلنا الى السرادق، فظهر امامنا المقعد الذي يجلس عليه الأسد محاطا بأركان الدولة.. كان صف الأسد يواجه الصفوف الكثيرة التي اقيمت على الجهة المقابلة. لفت نظري ان العميد غازي كنعان، رئيس فرع المخابرات السورية الذي كان «يحكم» لبنان يومها من مكاتبه في عنجر البقاعية، كان يجلس في الصف الثاني بين المعزين، رغم وجود مقاعد فارغة في الصف الأول الذي يجلس فيه المعزون والذي يواجه الأسد. كانت تلك «معلومة» كبيرة بالنسبة الي. فهذا الضابط الذي يحكم لبنان فعليا، وبمهابة باسم الأسد، لا يحق له بروتوكوليا ان يجلس في الصف الأول بين المعزين بحضور الرئيس الأسد. كانت تلك علامة على ثانوية موقعه في النظام داخل سوريا، اي انه ليس في الحلقة الأولى للنظام او الحلقة الأقرب للحاكم الأوحد، ولو كان مكلفا ادارة لبنان». ويضيف الزين «هذا (المعيار) المشهدي بقي في ذهني طويلا، وعبره كنت اظن بعد تولي بشار الاسد السلطة وبدء الكلام عن كون كنعان بين المعترضين على وراثته، وبدء الرهانات في بعض الاوساط اللبنانية على كنعان كمشروع مستقبلي ضد بشار، كنت اظن ان الرجل (اي كنعان) اضعف من ان يتمكن من قيادة تغيير في سوريا. جاءت الاشارة الاولى الى هامشيته في دمشق وفي تركيبة النظام عندما اعفي من مهمته في لبنان، وعين وزيرا للداخلية السورية، الى ان صفي بسهولة بعد عامين في مكتبه بدمشق. في علاقات السلطة في الدول لايخطئ المعيار المظهري اذا احسن رصده بدقة، وراء او الى جانب البروتوكول خصوصا، حتى في انظمة تحكمها المسافة بين المظهر والتكوين

عدد الزيارات : 867 زيارة

كل التعليقات

    لا توجد تعليقات علي هذا الموضوع

اضف تعليق