> طب وصحة

اتركي للطفل حرية تناول الطعام


اتركي للطفل حرية تناول الطعام

د. خلود البارون -  تغذية الطفل من الموضوعات المهمة والحماسية للنقاش بين الأمهات والأطباء، وقد ادخلت عدة توصيات طبية تنظم تغذية الطفل والرضع خلال العقد الأخير تبعا لما توصل له العلم من معلومات. ففي السابق، كانت التوصيات تنصح بإدخال الطعام الصلب مع وصول الطفل إلى شهره الثالث أو حتى قبله، بيد أن التوصيات الجديدة تشدد على تأخير ذلك إلى الشهر السادس على الأقل. كما يجب أن يستمر اعتماد تغذية الطفل على الحليب (سواء الصناعي أو الطبيعي) بشكل أساسي إلى حين انتهاء عامه الأول على الأقل، بينما يحتل الطعام الصلب جزءا أو دوراً مسانداً في تغذية الطفل. فيحصل الطفل على كامل طاقته من الحليب، ويبدأ تناول الطعام الصلب من 6 إلى 8 أشهر، على ألا يزيد عن 200 سعرة حرارية في اليوم فقط، ثم تزداد هذه السعرات الحرارية تدريجيا مع تقدم العمر وبشكل بطيء جداً وبحسب ما يناسبه. هل نترك له كامل الحرية؟ من الأسئلة التي تثير جدلاً بين الخبراء فوائد ترك الطفل يتحكم بتغذيته بنفسه وسلبياتها، سواء عند الرضاعة أو تناول الطعام الصلب، وقد بينت عدة دراسات أفضلية السماح للطفل بحرية تناول الطعام بنفسه منذ البداية، واقترحت دراسة قام بها باحثون من جامعة سوانسي البريطانية، شملت 269 طفلا، أن الأطفال الذين يتناولون الطعام بأنفسهم يكونون أكثر مرونة في تذوق الطعام الجديد وأكثر حفاظاً على وزنهم الطبيعي مع تقدمهم في العمر، بينما وجد أن الذين يتم إطعامهم فرضاً عبر الملعقة يكونون أثقل وزناً وأكثر تدقيقاً في خياراتهم الغذائية (يتناولون أغذية محددة ويرفضون تذوق خيارات جديدة)، مما يشير إلى فائدة ترك مسؤولية التحكم بكمية ما يتناوله الطفل والأنواع التي يتناولها إلى الطفل نفسه، وليس إلى ما تعتقده الأم وتشجعه على تناوله. الحليب مهم أيضاً بينت دراسات سابقة للباحثين أنفسهم، أن الرضع الصغار الذين يتحكمون بكمية ما يشربونه من حليب يتمتعون بوزن طبيعي، وتقل فرصة إصابتهم بالسمنة. لذا، نصحوا بفائدة تعود الأم على رضاعه الطفل استجابة له، وليس بحسب ما يكتب على منتجات الحليب الصناعي (توصي بتقديم كمية معينة وفي ساعات محددة). فتقدم الأم قنينة الحليب استجابة لدلالات تشير إلى جوع الطفل أو شبعه، بدلا عن فرضها عليه في توقيت خاص، والحرص على إنهاء كامل محتوى الرضعة. ومن جانب آخر، فالرضاعة الطبيعية هي الخيار الأفضل والأسهل، فمن الصعب إرغام الطفل على شرب حليب الثدي إن كان لا يريد ذلك، ونظراً إلى عدم تمكن الأم من رؤية الكمية التي يشربها الطفل من الثدي، فعليها أن تثق في أنه يتناول الكمية التي تشبعه. بينما تسبب رؤية ما تبقى من الحليب في قنينة الرضاعة شعور الأم بالحاجة إلى إرغام الطفل على تناول ما تبقى منها، مما قد يفسر زيادة قدرة الأطفال الذين رضعوا طبيعياً على التحكم بشهيتهم وقلة فرص إصابتهم بالسمنة. وعلقت د. سارا واين جونز، طبيبة في الصحة العامة قائلة «إن كنت ترضعين طفلك حليباً صناعياً، فعليك عدم القلق كثيراً من الكمية التي يشربها، بل اعتمدي على دلالات الشبع والجوع التي يبديها، وأطعميه اعتماداً على الاستجابة له، وعدلي الكمية التي تحضرينها اعتماداً على ما يشربه روتينياً، فقربي القنينة من فمه وانتظري أن يفتح فمه بنفسه، ودعيه يشرب الحليب إلى أن تبدو عليه دلالات الشبع وعدم الرغبة في المزيد، وفي هذه الحالة ابعدي عنه القنينة ثم انتظري قليلاً وكرري تقريبها منه، فإن فتح فمه دعيه يشرب ما يريد. ولكن إن لم يفتح فمه فلا ترغميه على شرب المزيد. وتذكري بأن الكمية التي تكتب على ظهر منتجات الحليب الصناعي هي اقتراحات وليست أساسيات أو توصيات طبية». نصائح الخبراء أظهرت أبحاث تضمنت أطفالا أكبر سنا، فوائد تناول الطعام المبني على تقديم خيارات صحية ومتنوعة، ثم ترك حرية التحكم بما يتناوله إلى الطفل نفسه من دون ضغط أولياء الأمور. حيث اقترن ذلك مع تمتعه بوزن صحي ونظام تغذية متنوع ومرن، وإليك نصائح الخبراء حول هذا الموضوع: ■ عوّدي الطفل منذ البداية على الانضمام إلى مائدة طعام الأسرة وضعي صحن الطعام أمامه.   ■ ابدئي بعرض ملاعق الطعام ثم التوقف بين كل ملعقة وأخرى لرؤية دلالات الشبع والامتلاء، مثل إبعاد الطفل وجهه، أو غلقه فمه، أو دفع الملعقة بيده. ■ شجعيه على تناول الطعام وتذوق أنواع جديدة منه، ولكن لا ترغميه على ذلك، أو تشددي على ضرورة إتمامه كامل كمية الطعام. ■ اعرضي عليه طعاما يمكنه إمساكه بيده وتناوله بنفسه، مثل قطع مطبوخة ومقطعة بحجم كبير من البروكلي والكوسا والبطاطا، ومن المهم تفادي الأطعمة الصلبة التي يمكنها أن تنكسر إلى قطع كبيرة تقف في بلعوم الطفل وتخنقه، مثل قطع التفاح أو الجزر النيء أو المكسرات أو الفشار. وأضافت الدكتورة قائلة «الطفل هو أفضل مستمع لجوعه، ولم تتكون له بعد حاجات ملحة أو توق إلى تناول الطعام غير الصحي. مما يعني أنه سيحسن اختيار الطعام ولن يفرط في تناوله. وتذكري أن تعلم كيفية تناول الطعام من العادات والخبرات المهمة للطفل. لذا، استرخي وتقبلي ما يقوم به الطفل من فوضى، ودعيه يلعب بالطعام حتى يشعر بقوامه وملمسه ومذاقه، فكل ذلك هو جزء من التدريب والتعليم المهم لتطور الطفل».



عدد الزيارات : 1404 زيارة

كل التعليقات

    لا توجد تعليقات علي هذا الموضوع

اضف تعليق