> محليات

خطاب العنصرية لا يليق بكويت الإنسانية


خطاب العنصرية لا يليق بكويت الإنسانية

محمود الزاهي - حذّر حقوقيون وناشطون سياسيون من تنامي العنصرية وخطاب الكراهية في المجتمع، مشيرين إلى أنهما يضران بمصلحة الكويت، لافتين إلى أن البعض يصب الزيت على النار عن عمد لتحقيق أهداف خفية ومصالح انتخابية ومكاسب ضيقة على حساب إشعال الفتنة بين الكويتيين والجاليات المقيمة. وشدد الحقوقيون والناشطون لـ القبس على أن البعض يعلّق المشكلات على شماعة المقيمين، وينسى أن الفساد والتنفيع والتكسب وراء الخلل في التركيبة السكانية، مبينين أن معالجة هذه المشكلة وغيرها لا يكون بالتلاسن وكيل السباب للآخرين، فالمقيمون جزء لا يتجزأ من الدولة الكويتية وساهموا في بنائها وتعميرها ووضعوا معنا لبنات نهضتها في كل المجالات، وليس من اللائق أن تأتي أزمة «كورونا» بهذا الكم الهائل من التغريدات المثيرة للعنصرية والتباغض والشحناء والرافضة للآخر، وهذا لا يليق بكويت الإنسانية. وفيما انتقدوا تزايد حدة خطاب الكراهية والنبرة العنصرية من قبل بعض أفراد المجتمع إثر تنامي أزمة «كورونا»، لفتوا إلى أن تكدس أعداد كبيرة من العمالة الهامشية والسائبة في أرجاء البلاد يُسأل عنه من جلبهم، ومن تاجر بعرقهم، ومن العيب والخطأ توجيه اللوم على الضحية وترك المتكسبين بعرق المساكين. وأكد الناشطون أن المشكلة يتحملها تجار الإقامات والجهات المتراخية، والمشكلات لا تعالج ببث خطاب الكراهية الذي يؤثر على علاقات الكويت مع بقية الدول، كما يؤثر سلباً على علاقة شعب الكويت بغيره من الشعوب الأخرى، وليس منطقياً أن يكون الحل على حساب أي ممارسة غير إنسانية تجاه هؤلاء العمال الذين يمثلون الحلقة الأضعف. ورأى الحقوقيون والناشطون أن زيادة النبرة العنصرية وخطاب الكراهية ظاهرة عالمية في الوقت الراهن وليست شأنا محليا، لكن البعض في الكويت يستغل الأجواء المحتقنة في التأجيج لتحقيق أهداف خفية، وهناك مخطط لإفساد علاقة الكويت ببعض الدول الأخرى، لافتين إلى أن الخطاب العنصري لا يقف عند حد المقيمين، إنما يتعداه إلى عنصرية متبادلة داخل المجتمع الكويتي نفسه، وعلينا جميعا تحكيم العقل والتصدي لهذه الأصوات النشاز التي تشعل الفتن وتبث سموم الكراهية عبر وسائل التواصل. لولوة الملا:  استفزاز الجاليات يضر بمصلحة الكويت وأمنها لولوة الملا أكدت رئيسة الجمعية الثقافية النسائية لولوة المُلا أن السياسات التي مورست طوال السنوات الماضية وراء المشكلة التي نعاني منها حاليا، مؤكدة أن التأجيج والأصوات العنصرية يعرضان البلاد الى أمور لا يحمد عقباها نتيجة التأثير السلبي على نسيج المجتمع من مواطنين ومقيمين. وأوضحت المُلا أننا نعيش في مجتمع متسامح عاش لعقود طويلة في وئام وتفاهم منذ نشأة الدولة الحديثة، ولكل كويتي أصدقاء من الجاليات المقيمة من المعلمين والأطباء وغيرهما في مختلف قطاعات الدولة، كما للكويت علاقات مع مختلف الدول ينبغي أن نحافظ عليها والا نترك تلك الأصوات النشاز وهذه العنصرية البغيضة تشوهها. وذكرت ان استفزاز الجاليات المختلفة لا يصب في مصلحة الكويت وأمنها، وواجبنا هو أن نحمي البلاد ونحافظ عليها وان نعرف الحكمة الإلهية من وجود هذا التنوع على أرض الكويت. واشارت الى أهمية عدم خلط الامور بالحديث عن المقيمين بشكل عام، اذ لا مشكلة مع الوافد الذي دخل الكويت بطريقة قانونية ولديه فيها عمل محدد يسهم من خلاله في بناء وتنمية البلد التي هي في اشد الحاجة اليه، كما ان هناك فارقا شاسعا بين هذا المقيم وبين العمالة الهامشية التي أنتجها الصمت عن تجارة الإقامات. ولفتت الى أن الشعب الكويتي محب ومتسامح وتغلب عليه الصبغة الانسانية، وسمو أمير البلاد هو قائد الانسانية، ولن نسمح بتشويه صورة الشعب الكويتي أو بلدنا الحبيب، مطالبة الجميع بالمحافظة على صورة الكويت وعدم الانزلاق الى المهاترات التي تسيء لعلاقتنا مع الدول الشقيقة والصديقة. وشددت على أن تهدئة النفوس واجبة في هذا الوقت بالذات حتى نحافظ على أمن ديرتنا ونعطي المسؤولين فرصة للتركيز على إنقاذ البلاد من هذا الوباء وبأسرع وقت ممكن، وفِي الوقت نفسه لا تهاون ابدا مع تجار الإقامات الذين تجب محاسبتهم.    يوسف الصقر: لتشريع يجرِّم الخطاب العنصري يوسف الصقر أكد رئيس الجمعية الكويتية لمقومات حقوق الإنسان د. يوسف الصقر أن النَفس العنصري موجود للأسف قبل أزمة «كورونا» ولا يمكن القول إنه ظاهرة، لكنه موجود من خلال بعض التصريحات النيابية والمناوشات على مواقع التواصل الاجتماعي، وقد اصبح أكثر وضوحا في الأيام الحالية لأسباب ثقافية، بعضها الخوف من المستقبل، والبعض الآخر بسبب سوء طرح البعض للقضية. وأضاف الصقر: هناك من يدفعه الخوف مما يجري حاليا للانجرار للحديث عن المقيمين، وفي المقابل، هناك أصوات عنصرية متأصلة لدى البعض، لذا علينا أن نفرق بين من يبدي مخاوفه من المشاكل الصحية وتفاقم الوضع وبين أصحاب الطرح العنصري ممن يعانون كراهية الآخر. ويؤكد الصقر رفضه لهذا الخطاب حتى ولو لم يكن له تأثير على العلاقات بين الدول كونه يتعارض وأخلاق الإسلام، كما أن العنصرية مرض علينا أن نتصدى له ولو لم يؤثر، خاصة أن الدول ما يجمعها أكبر من أن تؤثر على تلك العلاقات كلمة هنا أو هناك. ويرى أن خطورة الطرح العنصري في تأثيره على الأفراد والتعامل فيما بينهم وما قد ينتجه ذلك من احتكاكات، مشيرا إلى أن أولى مراحل علاج خطاب الكراهية الشائع حاليا هو تثقيف المجتمعات ولعب دور من قبل المبادرين، فضلا عن ضرورة وجود تشريع يحارب أي خطاب عنصري ويضع عقوبات صارمة بحق من يمارسه. ويضيف أن تأثير العنصرية لا يقف عند حد المقيمين، فداخل المجتمع نفسه هناك ممارسات وتصنيفات تستغل بشكل عنصري، فنجد من يتحدث عن البدو والحضر والسنة والشيعة وعن الجنسية بالتأسيس وعن لون البشرة رغم أن الإسلام محا كل ذلك ومنع استخدام أي لفظ عنصري. ويؤكد الصقر أن معالجة التركيبة السكانية لا يجب أن توقعنا في هوة العنصرية، إذ لا يجب أن نعالج مرضا بخلق مرض آخر، وبالتالي المعالجة يجب أن تتم بشكل حضاري وإنساني كي تؤتي ثمارها. غانم النجار: منصات تواصل مخصصة لإشعال الوضع   غانم النجار أكد الخبير الحقوقي الدولي د. غانم النجار أن زيادة النبرة العنصرية وخطاب الكراهية ظاهرة عالمية في الوقت الراهن وليست شأنا محليا وإن اختلفت حدة المشكلة من بلد لآخر. وأضاف النجار أن أجواء الخوف تزيد بطبيعة الحال من خطاب الكراهية كونها توفر أفضل مساحة للتصعيد، فحين تزداد الإصابات بفيروس كورونا وتحت وطأة الخوف المتصاعد يزداد معها خطاب الكراهية ولنتذكر بأن بداية الأمر كان خطاب كراهية له بعد طائفي، ومع الوقت بدأ يتحول تجاه بعض الجاليات وهو يتركز أحيانا على الجالية المصرية رغم أن الإصابات أكثرها بين أبناء شبه القارة الهندية على سبيل المثال. ويذهب النجار للقول بوجود من يستغل تلك الأجواء لتحقيق مآرب شخصية على حساب القضية كما أن منصات التواصل الاجتماعي تسهم في إشعال الوضع من خلال تبادل المناوشات هنا وهناك، ومن المعروف أن تلك المنصات يصعب السيطرة عليها. وفيما يقلل النجار من تأثير هذا الوضع على العلاقات الاستراتيجية المصرية الكويتية، يؤكد أن جل التصعيد يتم على الفضاء الالكتروني وهو فضاء قصير النفس ويتعامل مع أحداث فردية، مضيفا أن الوقت كفيل بمعالجة تلك الأمور كون العلاقات بين البلدين وما يربطهما أقوى وأكبر مما يحدث في بعض الأوقات، لكن المشكلة هي ترك الأمر أحيانا لقليلي المعرفة بواقع وتاريخ العلاقة هنا وهناك. ويضيف: رغم ذلك فإن ما لدينا يختلف عما هو موجود في الغرب إذ إننا نعاني من خطاب كراهية غير مدعوم بتناقض مصالح جماعية أو تركيبة بنيوية، على عكس الوضع في الغرب الذي يوجد به طابع بنيوي وهيكلي ينمي الخطاب العنصري، فيما الأمر لدينا قاصر على المبادرات الشخصية، ومن بين سبل علاجها تبنى الوقائع الإيجابية التي تحدث بين أبناء الكويت والجاليات الأخرى. ويرى النجار أن الوضع محليا يحتاج إلى مبادرات مشتركة دائمة من المثقفين ووسائل الإعلام لمواجهة خطاب الكراهية المبني على معلومات مغلوطة، مشيرا لوجود بعض من يستغل الوضع حاليا للمتاجرة وتحقيق أغراض انتخابية. ويلفت النجار إلى أنه في أجواء الأزمات غالبا ما يحاول البعض الخروج من مشكلاته الذاتية ويلقي بها على الآخرين، لافتا إلى أن أزمة «كورونا» الحالية وما ارتبط بها من تداعيات فرصة لإعادة النظر في إجراءات استقدام العمالة بعدما تم جلب أعداد ضخمة منها عبر شبكات من المتنفذين، وما يترتب على هذا العدد غير المنظم من العمالة من مشكلات. ويضيف أن معالجة التركيبة كان من المفترض أن يتم منذ فترة طويلة لخلق نوع من التوازن وهو أمر تناولته جميع الخطط التنموية وجعلته من ضمن أهدافها ولم تخل خطة خمسية منه، إلا أن شيئا لم يتم على الأرض ولم ننجح في تعديل التركيبة سوى وقت الغزو العراقي بعد ترك الآلاف للبلاد، إلا أن الفساد أعاد الأمر ثانية بعد ذلك بسبب الصلاحيات الواسعة لأصحاب النفوذ الذين جلبوا آلافا مؤلفة ممن لا علاقة لهم بالإنتاج الحقيقي. ابتهال الخطيب: أصوات نيابية تحرِّض على احتقان الأجواء ابتهال الخطيب رأت أستاذة الأدب الإنكليزي والناشطة الحقوقية د. ابتهال الخطيب أن واحدا من أهم الدروس المستفادة من أوقات المحن هو استشعار نقاط الضعف ومعرفة أخطائنا ومحاولة إيجاد حلول لها تكون مرتبة بشكل حضاري وإنساني. وتضيف الخطيب أن قضية العمالة لطالما تسببت في أمور عنصرية بين شعوب مختلفة، وقد أظهرت أزمة الداخل الكويتي في الوقت الحالي الأسباب التي تقف وراء احتقان الوضع، فعندما ننظر إلى المشكلة يجب أن نستهدف الطرف الأقوى بالتحليل والمطالبة بالحلول أيا كانت أخطاء العمالة الوافدة فإن اللوم الحقيقي يقع على من أسبغ عليها صفة أنها عمالة سائبة بجلبها للداخل الكويتي من دون فرصة عمل حقيقية تحفظ كرامتهم الإنسانية ومن دون مهمة حقيقية تفيد البلاد. وتضيف أنه في ظل أزمة كورونا الحالية قد يكون هناك نقاش سياسي أو اقتصادي أو دبلوماسي بين الدول لكن الحوار الوحيد المقبول هو الحوار الإنساني القائم على كيفية حماية هؤلاء البشر الموجودين على أرض الكويت من الخطر الذي يحيق بالبشرية جمعاء. وتضيف أن المواجهة الصريحة مع النفس تقتضي القول إن لدينا مشكلة في الداخل الكويتي بدأت منذ سنوات طويلة وتضخمت وهي مشكلة مع الجالية المصرية على وجه التحديد ونحن من يتحمل السبب بعدما تم جلب عمالة على غير المستوى المطلوب مهنيا وثقافيا وتكديس البلاد بها، مشيرة إلى أن التعامل العنصري مع الأمر قديم من خلال الأصوات النيابية التي تبعتها أصوات شعبية ساهمت في احتقان الأجواء، ما فاقم المشكلة.

عدد الزيارات : 561 زيارة

كل التعليقات

    لا توجد تعليقات علي هذا الموضوع

اضف تعليق