> مقالات

غزو 1990 وغزوات 2020

كتب : عبدالعزيز بومجداد |
غزو 1990 وغزوات 2020

 لقد تكررت على مسامعنا كثيراً عبارة "الحكومة لا تتعلم" ربما كانت هذه العبارة بالنسبة للكثير من الناس مجرد عبارة نظرية لا دليل عليها، لكن مع أزمة كورونا ثبت أن هذه العبارة هي عبارة فعلية وليست نظرية. وبالرغم من نجاح الحكومة في السيطرة على الوباء والتغلب على معظم تبعاته، إلّا أن هناك ما يعكر صفو هذا النجاح الذي سينهي بانتهاء الأزمة، وما نتمناه هو أن لا يعود الفشل للبلد بعد انتهاء الأزمة واستمرار الحكومة في السير في طريق النجاح.
إن أقرب ما يمكن مقارنته بأزمة اليوم "كورونا" هي أزمة الغزو الصدامي الغاشم، وما أقصده من القيام بهذه المقارنة ليس التركيز على موضوع الأمن الغذائي أو الصحي، ولا التركيز على بقاء الدولة من عدمه، لأن الأزمات تختلف بطبيعتها، ففي أزمة كورونا الحالية لا تزال سيادة الدولة قائمة ولا يوجد شئ يهدد كيان الشعب أو هويته الوطنية ولا يوجد من يتوعد بضمه لشعب آخر، بينما ضربت أزمة الغزو الصدامي سيادة الدولة وألغت عملتها وكانت تهدف لمسح البلد من على الخارطة، لذلك أرى أنه يوجد اختلاف جوهري بين هذه الأزمة وتلك في هذه المجالات، لكن لأن كورونا والغزو يشكلان "أزمات" فلابد من أن يكون بينهما وجه شبه ووجه الشبه هذا يتجسّد من وجهة نظري بسؤال وهو "من وقف مع الكويت بأزمتها ؟".
لقد شاهد الجميع الكوادر الطبية والأمنية وكذلك الفرق التطوعية تتصدر المشهد الكويتي وتحارب من أجل عدم انتشار الوباء، وحقيقة هذه الكوادر هي أنها تتكون من عنصرين فقط وهما "المواطنين الكويتيين" و "المواطنين البدون" والذين مع الأسف الشديد كانت الدولة وربما لا تزال تفضّل عليهم فئات أخرى مثل التجّار والمتنفذين والوافدين، والذين لم ولن يكن لهم دور في الأزمات التي مرت على الكويت، فقد شاهدنا المواطن الكويتي والبدون كلاهما يتصدى الغزو الصدامي الغاشم ويقدم الدم والروح والأموال في سبيل الله والوطن، بينما كان التجار ينعمون بأموالهم التي حصلوا عليها من عرق وتعب المواطنين في أوروبا ورأينا الوافدين يعودون لبلدانهم، ولا نلومهم بذلك فالبلد ليس بلدهم والدفاع عنه ليس واجباً عليهم، ولكن نلوم الحكومة التي "لا تتعلم" والتي عادت بعد غزو 1990 لتسلم مفاصل الدولة للتجار عبر غرفتهم الساقطة وتسلم المناصب القيادية والمهمة من مستشارين وأطباء ومهندسين في البترول للوافدين .. ليصبح المواطن هو الباطل العاطل عديم الفائدة والإنتاجية وهذا بسبب عدم اهتمام الحكومة بتعليمه وتأهيله وإعطائه الكادر التي يستحقه في حين تصرُف للوافدين القياديين رواتب لا يحلم بها الكويتي.
وهنا نقول للحكومة .. إن هذا هو "الطراق" الثاني الذي تتلقاه الكويت من التجار والمتنفذين والوافدين بعد طراق غزو 1990، فإن كانت الحكومة ستعود لسابق عهدها بعد انتهاء كورونا وتنتظر الصفعة الثالثة ، فإن الشعب لن يصبر على ذلك.

عدد الزيارات : 1650 زيارة

كل التعليقات

    لا توجد تعليقات علي هذا الموضوع

اضف تعليق