> مقالات

النعمة زوّالة يا حكومة

كتب : عبدالعزيز بومجداد |
النعمة زوّالة يا حكومة



تسعى دول العالم ومنذ نشأتها إلى تنويع مصادر الدخل لديها، فمن الصناعة إلى الزراعة واللتان تبدآن بهدف الاكتفاء الذاتي لتتحولان بعدها لمنتجات يتم تصديرها للخارج، ثم أتت نعمة البترول التي أنعم الله بها على بعض دول العالم فأصبحت بالنسبة لها مورداً يضاهي الذهب والفضة. ومن مزايا تنويع هذه المصادر الاقتصادية أنها تزيد موارد الدولة المالية بالإضافة إلى القضاء على البطالة والاستفادة من الأيدي العاملة الوطنية في هذه المجالات المختلفة، ولكن هل معنى هذا أن تهمل هذه الدول النفطية بقية الموارد؟
لقد شاهدنا جميعنا مقاطع الفيديو المنتشرة للمزارعين الكويتيين والذين وقفوا متفرجين على محاصيلهم الزراعية التي بذلوا الجهد الكبير لأشهر طويلة وخسروا الأموال حتى ينتجونها وها هي  تُتلف وتُرمى في القمامة، وسبب رميها في القمامة هو أن الحكومة لم تعر هؤلاء المزارعين أي اهتمام لهم ولا لمحاصيلهم ومنتجاتهم الزراعية والتي تكفي لإشباع كل الجائعين في الكويت بل وفي الدول المنكوبة أيضاً، وهذا السلوك المشين ليس معناه أن الحكومة تستهزئ بنعم الله فقط، بل إن له دلالة على أن الحكومة لا تنوي أبداً أن تعدِّل من سلوكها الاقتصادي والتجاري لتعدد مصادر الدخل وهذا دليل على أن الحكومة مستمرة في الفشل في هذا المجال ومستمرة بإطلاق التصريحات التقشفية عن عدم مقدرة الدولة على دفع رواتب الموظفين وعن انتهاء زمن الرفاه، ويالها من مهزلة حكومية كبيرة.
إن الوضع الاقتصادي في الكويت بائس منذ زمن بعيد بسبب اعتماد الدولة على النفط وعدم محاولتها لتنويع مصادر الدخل واستغلال الأراضي الزراعية والصناعية وقد تم استخدام هذه الأراضي للترضيات ولشراء الولاءات ، و كشف لنا وباء كورونا هذا الوضع السلبي البائس ، ومن المفترض أن يكون الوضع الحالي فرصة أمام الحكومة لاستغلال أيادي المزارعين ودعم منتجاتهم وتحويلها لمورد محلي ينتهي بالمستقبل القريب لتحقيق الاكتفاء الذاتي، بل ويؤهل الدولة لأن تكون من الدول المصدرة لمثل هذه المنتجات الزراعية وهو ما يُعتبر من الخطوات التي ترسم توجه الدولة الذي نسمع عنه ولا نراه وهو تفعيل الأيدي العاملة في عدة مجالات من بينها الزراعة، لكن الواضح أن تصريحات الحكومة بخصوص الإصلاحات الاقتصادية هي مجرد كلام فارغ وليس له انعكاسات على أرض الواقع، والدليل هو تلك المنتجات المحلية التي تم رميها في القمامة مع استمرار استيراد نفس هذه المحاصيل من الخارج، فإذا كانت الحكومة في وقت الشدة وفي المرحلة التي تعتبر فرصة لتفعيل الزراعة وتطويرها لتصبح مورداً اقتصادياً للبلد تحاول تدمير هذا الاقتصاد ، فهل ستقوم بذلك بعد انتهاء كورونا وارتفاع أسعار برميل النفط ؟

       إن الموضوع ليس بموضوع "مناديب" الجمعيات الذين لم يذهبوا لاستلام هذه المحاصيل وتوزيعها على الجمعيات التعاونية، بل هو موضوع حكومة استهزأت بنعمة من نعم الله، وبمورد اقتصادي من الممكن أن يكون في يوم من الأيام مصدر للدخل إلى جانب النفط.
لكن للأسف يبدو أن الحكومة لا تزال تعتمد على عقليتها المحدودة ولا تفكر بمستقبل زاهر للوطن.

عدد الزيارات : 1716 زيارة

كل التعليقات

    لا توجد تعليقات علي هذا الموضوع

اضف تعليق