> مقالات

الحظر الكلي .. فشل وتخلف

كتب : عبدالعزيز بومجداد |
الحظر الكلي .. فشل وتخلف

من خلال متابعتي لأزمة كورونا رأيت أن التعامل مع هذه الأزمة قد أصبح على مرحلتين، الأولى هي مرحلة "الصدمة" والتي استقبلت بها دول العالم هذه الوباء عند بدايته، وقد انقست دول العالم بهذه المرحلة إلى قسمين، الأول هو القسم المستهتر الذي لم يتخذ الإجراءات اللازمة لمواجهة المرض وها هو اليوم يدفع ثمن استهتاره، والثاني هو القسم الحاسم الذي قام باتخاذ الإجراءات اللازمة وها هو اليوم يسيطر على الوباء، وبعد المرحلة الأولى ها نحن اليوم قد دخلنا المرحلة الثانية. فما هي هذه المرحلة ؟ وماذا سنفعل بها ؟
إن المرحلة الثانية التي دخلنا بها اليوم والتي جاءت بعد مرحلة امتصاص الصدمة هي مرحلة "التعايش" مع الوباء حيث أن الوباء في هذه المرحلة قد أصبح أمراً واقعاً وهذا ما نلاحظه من خلال التصريحات التي تطلقها حكومات العالم. ونلاحظ أنه كما إن دول العالم قد انقسمت في التعامل مع الوباء في المرحلة الأولى ها نحن نشاهدها اليوم تنقسم ثانية في المرحلة الثانية، والأكيد أن هذه الانقسامات، سواء التي مرت في المرحلة الأولى أو التي نعيشها اليوم في الرحلة الثانية ليس لها معيير ثابتة ومححدة، بل هي إنقسامات تخضع للآراء الشخصية لمتخذي القرار، وفي هذه الحالة يكون ذكاء وواقعية متخذي القرار هو المعيار وهو الفيصل في الموضوع، وقبل الكلام عن الإجراءات التي يجب أن يتم اتخاذها فإني أحب أن أقول لمتخذي القرار لدينا في الكويت أنه لا يمكن أن نتعامل مع المرحلة الثانية "الحالية" من مراحل الوباء بالطريقة التي كان يجب أن نتعامل بها معه في مرحلته الأولى، فلا فائدة من أن نتخذ قرارات ربما كانت مفيدة في المرحلة الأولى لكنها اليوم وبعد أن دخلنا في المرحلة الثانية أصبح لها آثار سلبية ومدمّرة، ولو أردت أن أشّبه القضية فإني سأشببها ببنيان البيت، فبعد أن نبني بيت مكوّن من ثلاث أدوار لا يمكننا أن نعود ونقول أننا نريد أن نبني "سرداب" لأن تشييد السرداب يكون في المراحل الأولى من بنيان البيت ويجب أن نقوم بحفره في بداية العمل وليس بعد أن ننتهي من بنيان الدور الثالث. كذلك هو "الحظر الكلي"، هو من الإجراءات التي ربما كانت مفيدة في المرحلة الأولى من التعامل مع وباء كورونا، أمّا وقد تجاوزنا هذه المرحلة ودخلنا في المرحلة الثانية فقد انتهت صلاحية وفعالية هذا الإجراء وفي حال تم اتخاذه ونحن نعيش هذه المرحلة الجديدة من مراحل التعامل مع وباء كورونا فسيكون قراراً متخلفاً.
إن وباء كورونا اليوم، سواء تم إيجاد علاج له أم لا، يمر في آخر أيامه، والأطباء يؤكدون أن هذا الفايروس سيكون في المستقبل القريب كالإنفلونزا العادية له مواسم ولا يُعرف له سبب، وهذا ما معناه أن الحياة يجب أن تعود لسابق عهدها، ولا يجب أن نُبقي المواطنين والوافدين في منازلهم و "نكد عليهم" بدون أي أنتاجية بسبب وباء يُعرف له أول ولا يُعرف له آخر، بل يجب أن يعود الجميع لعمله في كل قطاعات الدولة، خاصة وأن هناك قطاعات لم تتوقف عن العمل خلال الأزمة وقد باشرت أعمالها باتخاذ الإجراءات اللازمة التي جعلتها سالمة من الإصابة بهذا الوباء حتى الآن، وهذا ما يدل على إن العمل مع اتخاذ الإجراءات الاحترازية أمر ممكن .. ويجب أن يُعمل به بعد العيد مباشرة.

عدد الزيارات : 2382 زيارة

كل التعليقات

    لا توجد تعليقات علي هذا الموضوع

اضف تعليق