> محليات

أَبعِدُوا الطواقم الطبية عن المساومات السياسية


أَبعِدُوا الطواقم الطبية عن المساومات السياسية

يسرا الخشاب ومي السكري وعبدالرزاق المحسن - تحظى الطواقم الطبية في كل دول العالم بكل التقدير والاحترام، لا سيما في هذه الفترة العصيبة التي يواجه فيها العالم وباء كورونا المستجد. لكن هذه الطواقم في الكويت تتعرض إلى سلسلة من الضغوط التي تضعها في أتون حرب نفسية، لا سيما بعد رفض وتعطيل الجهات الرقابية لطلبات وزارة الصحة بشراء اللوازم الطبية وأدوات الحماية الشخصية التي تقيهم الإصابة في الحرب على كورونا. في هذا السياق، انتقدت مصادر صحية رفيعة تعطيل ديوان المحاسبة للتعاقدات التي طلبتها وزارة الصحة لتوفير المستلزمات الطبية وأدوات الحماية الشخصية اللازمة لطواقم لمواصلة معركتها في مكافحتها وباء كورونا. وحذرت المصادر من بقاء تلك الطواقم من دون شراء احتياجاتها لمدة 3 أشهر، بسبب الضغوط السياسية التي مورست لتعطيل الطلبيات، وأقحمت الفريق الطبي في مهاترات سياسية هو في غنى عنها. وتساءلت المصادر عما إذا كان هناك قانون يتبعه ديوان المحاسبة في حالات الأزمات والكوارث، مشيرة إلى أنه يتدخل في أمور فنية بحتة لا تمت لاختصاصه بصلة، تتعلّق بمفاوضة الشركات ومراجعة الأسعار والعقود، ما يؤخر الطلبيات على حساب الطاقم الطبي. وذكرت أن الديوان يشغل نفسه بمهام هو غير معني بها، ويتعدى على اختصاصات الجهاز المركزي للمناقصات، وإدارة الفتوى والتشريع، كأنه يشكك في قرارات مثل هذه الجهات. وباتت معظم مستشفيات الصحة خاوية من معدات الحماية الطبية، وفق المصادر، ما يعني أن التوصيات الصادرة بسرعة حسم الأمر سواء بالموافقة أو بالرفض لم تؤخذ بعين الاعتبار، وأن الأمور ستطول أكثر. والمتوقع وفق المصادر استمرار الأزمة في ظل البطء في اتخاذ الإجراءات، وبعد أسابيع سنصل إلى مرحلة «صفر معدات» في مخازن الصحة، ما لم يحدث تدخل حكومي من أعلى مستوى. غير اعتيادية في السياق، أعلنت مصادر نيابية دعمها للجهات الرقابية في ممارسة عملها بالشكل السليم، لكن تظل السرعة مطلوبة في اتخاذ القرارات، لا سيما في هذه الظروف غير الاعتيادية التي تستلزم قرارات غير اعتيادية تواكبها أيضاً. وبيّنت أن المطلوب سرعة إنجاز الإجراءات وعدم الرضوخ للضغوط الشعبية، وحسم الأمور باتخاذ قرار بالموافقة أو بالرفض على طلبيات الصحة، بدلاً من تعليق الأمر وترك الوزارة تواجه أزمة وشيكة في شح المستلزمات الطبية، ما سيعرض الكوادر للإصابة بالفيروس، والمنظومة الصحية لخطر الانهيار. استياء الوسط الطبي تواصلت القبس مع الكثير من الأطباء، وكان لافتاً تحفظ الكثيرين منهم على الكشف عن هوياتهم، وقد أبدوا استياءهم من إقحامهم في حسابات سياسية، رغم أنهم أطباء يمارسون مهنتهم بدوافع إنسانية وطبية بعيداً عن إخضاع الأمور لتكسبات سياسية. العسعوسي: حياتنا على المحكِّ قال طبيب الجراحة د. مبارك العسعوسي، إنه في ظل الشح العالمي لوسائل الحماية الشخصية يضع الطاقم الطبي حياته على المحك من أجل حياة إنسان مصاب، معرضين أنفسهم للخطر الجسدي والنفسي. وأضاف العسعوسي لـ القبس أن أدوات الحماية هي الدرع الوحيد الذي يحمي الطبيب في مواجهة مرض لا يمكن رؤيته ولا الإحساس به، والقتال دون حماية معركة خاسرة لا محالة، فقد خسرنا العديد من طواقمنا الطبية ممن توفاهم الله أو ما زالوا يعانون في أجنحة المستشفيات والعناية المركزة. وأوضح أن مواجهة وباء كورونا واجب مهني ووطني يقوم به الأطباء وجميع أعضاء الطواقم الطبية بكل جدية وإخلاص وهم مستمرون في أداء واجبهم دفاعاً عن سلامة الوطن والمواطنين، فأزمة فيروس كورونا كشفت للعالم كله أن المتاعب التي يواجهها الطبيب تشمل خطرًا يهدد حياته، فالأطباء هم أكثر فئات المجتمع تعاملًا طيلة الوقت مع الأمراض المعدية. ولفت إلى أن دور الحكومة مهم لتطبيق معايير السلامة والأمان والوقاية للعاملين في المجال الصحي، بجانب سرعة توفير وسائل الوقاية وأدوات التعقيم الكافية والكمامات وغيرها من المستلزمات للأطباء والفرق الطبية المعاونة بالمستشفيات، إضافة إلى ضرورة إجراء المسح اللازم للمخالطين للأطقم الطبية لإحكام السيطرة على الإصابات وعدم زيادة فرص انتقال العدوى بين المواطنين، لا سيما أن تعامل الأطقم الطبية يكون بشكل لحظي مع المرضى. وبيّن أن دور المجتمع حيوي وأساسي لدعم الجسد الطبي معنوياً برفع معنويات الطواقم الطبية لمواصلة العمل في ظل هذه الأزمة التي استغرقت شهوراً ولا نعلم موعد نهايتها، وأيضاً مؤسسات المجتمع المدني التي قدمت وبشكل تطوعي مشكورة بعض وسائل الحماية، وما زلنا نطمح إلى استمرارها ونشد على ايديها، كما لا ننسى أهمية الدور الإعلامي لتسليط الضوء على المشاكل الكثيرة التي يمر بها الفريق الطبي خلال هذه الأزمة. الربيعان: شح الأدوات مشكلة عالمية اعتبر الطبيب ناصر الربيعان أن نقص أدوات الحماية مشكلة عالمية لزيادة الطلب المفاجئ عليها، وقد قامت دول بمصادرة شحنات لدول اخرى سابقا، مبيناً «لا اعتقد ان التعطيل او النقص من جانب الوزارة فالطواقم الطبية في النهاية أهم ممتلكاتها». وشدد الربيعان لـ القبس، على ضرورة أن تبدأ الطواقم الطبية بحماية نفسها، عن طريق الحرص على الالتزام بإجراءات الحماية من غسل يدين وتباعد ولبس الكمامات حتى فيما بينهم، وإدارياً يجب الحرص على توزيع الأعمال على الكادر الطبي بحيث لا يجتمع الجميع في نفس الأعمال والأيام والأماكن حماية لهم. وأضاف أن توزيع الأطباء على فرق عمل مقسمة بالاوقات ضروري، لتقليل الاتصال فيما بينهم حتى لا تنتشر الاصابات، إضافة إلى أخذ فترات وايام راحة حتى لا يشعروا بالضغط النفسي والتوتر ويتسنى لهم الاستمرار في الانجاز، «مثلما ان صحة مرضاكم غالية ايضا انتم صحتكم غالية، فصحة مرضاكم من صحتكم». الشمري: تعزيز مخزون مستلزمات الصيادلة ضروري طالب رئيس الجمعية الصيدلية الكويتية وليد الشمري، بضرورة دعم المخزون الدوائي ومستلزمات الصيادلة والأطباء والممرضين لحماية أنفسهم من عدوى الإصابة بفيروس كورونا، مؤكداً أن الجمعية كانت لها مطالب سابقة بخصوص بدلات العدوى والتلوث والخطر والضوضاء، وبدل رخصة صيدلية لتشجيع الصيادلة على الاستمرار في القطاع الحكومي، إلا أنه لم يتم إقرارها لهم رغم مواجهتهم لمخاطر متفرقة. وقال الشمري إنه عقد اجتماعاً مع وزير الصحة د. باسل الصباح، وبحضور ممثلين عن الجمعية الطبية وجمعية أطباء الأسنان قبل أسبوعين، وجرى بحث أبرز المشاكل التي يعاني منها الصيادلة والأطباء خلال أزمة كورونا، مبيناً أن الوزير الصباح كان متفهماً لأبرز المطالب وسبل حل المعضلات. وأشار إلى أن الدعم المعنوي مهم جداً للصيادلة، خصوصاً أنهم يقدمون تضحيات لا تقل عن التي يقدمها الأطباء في الصفوف الأمامية، فيما أصيب عدد غير قليل منهم بكورونا، مبيناً أن الصيدلي يعد الجندي المجهول الذي يفتقد الدعم المعنوي والمادي، وتسليط الضوء على تعثر بدلاتهم المستحقة. وبين الشمري أن الصيادلة هم الأوائل في تجهيز المحاجر الصحية عند بداية أزمة كورونا، وفي صيدليات المرافق الصحية، مشيراً إلى أن وسائل الإعلام عليها دور كبير في نشر ما يتعرض إليه الصيادلة من أخطار. العنزي: دعم أدوات حماية الكوادر شدد رئيس جمعية التمريض بندر العنزي على اهمية دعم المخزون الاستراتيجي لمستلزمات الطواقم التمريضية والطبية للحماية الشخصية في ازمة كورونا. وقال العنزي لـ القبس إنه رغم الاطمئنان للكميات المتوافرة حاليا، الا انه لا يوجد تاريخ محدد لانتهاء مواجهة الجائحة، وهو ما يتطلب زيادة أدوات الحماية الشخصية. وأضاف أن وزارة الصحة تعمل على توفير مثل هذه المستلزمات المهمة، الا ان الروتين والدورة المستندية يعرقلان استيرادها من الخارج احيانا، مشيرا الى أن الفترة الحالية لا يوجد اي نقص فيما يتعلق بمعدات السلامة والوقاية الشخصية PPE، وان ما حدث قبل فترة بخصوص نقصها ببعض المرافق كان يتعلق بسوء توزيعها احيانا. ولفت العنزي الى ان الممرضين بحاجة الى الدعم المعنوي اولا قبل المادي، سيما ان اعداد المواطنين في قطاع التمريض قياسا بمعدلات العاملين فيه يصل لـ %5، موضحا ان معدل الرواتب يعتبر متدنيا، بحيث يصل لـ 800 عند تعيين اي ممرض مواطن او وافد، متمنيا اقرار كادر التمريض في اقرب وقت، حيث انه لا يزال مطروحا امام وزارة المالية دون ان يرى النور ويتم صرفه. بسبب تقنين استخدامها في أجنحة مرضى كورونا أطباء يشترون N95 وواقي الوجه على نفقتهم كشفت مصادر صحية مطلعة لـ القبس عن أن بعض الاطباء قاموا بشراء مواد الحماية الشخصية كالكمامات عالية الجودة N95 على نفقتهم الخاصة وكذلك واقي الوجة Face Shield من الصيدليات ومن خارج الوزارة نظرا لعدم توفيرها في الوزارة بشكل كاف وتقنين أماكن استعمالها. واشارت المصادر إلى أن وزارة الصحة أعطت تعليمات بعدم استعمال الكمامات ذات الجودة العالية إلا في أماكن محددة كأجنحة الكورونا فقط، لافتة إلى وفاة عدد من الطواقم الطبية في الصفوف الأولى منهم المسعف والممرضة في بنك الدم وكذلك طبيب متخصص في الأنف والأذن والحنجرة وفني أشعة بسبب عدم ادراج هذه الأقسام من ضمن الأقسام التي تستحق أدوات الحماية. وذكرت أن اطباء أقسام الطوارئ، والأنف والأذن والحنجرة والعيون والجراحة من أكثر الأقسام تضررا لعدم توافر أدوات الحماية الشخصية. ويبرر الأطباء حاجاتهم لاستخدام كمامة N95، بأن عددا كبيرا من الناس قد يكونون مصابين ولَم تظهر نتائجهم المخبرية حتى الآن، موضحين أنه في بعض الأوقات قد تكون النتائج المخبرية غير واضحة مما يضطرهم إلى اعادة الفحوصات «المسحة» لأكثر من مرة لمعرفة مدى ثبوت الاصابة وهو أمر مقلق للمريض وللطبيب أيضا.



عدد الزيارات : 957 زيارة

كل التعليقات

    لا توجد تعليقات علي هذا الموضوع

اضف تعليق