> فن وثقافة

تعليم المسرح عن بُعد.. عصر جديد من المفاجآت


تعليم المسرح عن بُعد.. عصر جديد من المفاجآت

جائحة «كورونا» وضعتنا أمام تحديات مختلفة لمواجهة تجنّب الاختلاط؛ فكانت التقنيات الحديثة وسيلة لكسر العزلة. مرونة التقنيات أتاحت للأفراد فرصة الإبداع ومراجعة قرارات تخص الحياة والمسيرة المهنية أيضاً. الأستاذ عصام الكاظمي، المسرحي ومعلم مادة الأحياء، استثمر «الانستغرام لايف» في أكثر من لقاء في المجالين: التعليم، والمسرح. مؤتمر المنظمة الدولية للسينوغرافيا لعب الكاظمي دور المُعِدّ والمذيع، واختار موضوع «تعليم المسرح عن بُعد»؛ ليكون ضيفه الدكتور خليفة الهاجري، عضو هيئة التدريس ورئيس أعضاء رابطة هيئة التدريس في معهد الفنون المسرحية في الكويت. تطرّق الهاجري إلى انضمامه خلال الجائحة إلى مؤتمر للمنظمة الدولية للسينوغرافيين والمعماريين. من خلال تطبيق الاجتماعات «زوم» كان التواصل مع المنظمة، حيث تبيّن أن الدول الأعضاء طبّقت «التعليم عن بُعد»، مُستخدمة البرامج الإلكترونية لتدريب طلبة المسرح، في حين تخلّفت الكويت عن التجربة. طرح المؤتمر بحوثاً حول تعليم الفنون المسرحية عن بُعد، ولأن المشاركين قطعوا شوطاً في مُعايشة التجربة، فقد ناقشوا مشاكل تقنية واجهوها، وعرضوا سبل تجاوزها. «في انتظار غودو» تفوق المسرحيون على شخصيات بيكيت في مسرحية «في انتظار غودو»، وأعضاء المنظمة لم يجلسوا بانتظار عقار للوباء، إلا لجعل فترة الانتظار مرحلة للتأقلم وتجربة حلول مؤقتة وفاعلة إلى حين العودة إلى التعليم التقليدي. يشير الدكتور الهاجري إلى ما أسماه «الحالة الطقسية في قاعة المحاضرات»، مبيناً أن «التعليم عن بعد» كسر بعض تلك الطقوس، فصار لزاماً خلق تقاليد جديدة تنظم علاقة طالب بمحاضر يلتقيه في إطار برنامج إلكتروني. الحوار الذي أدراه الكاظمي تطرّق إلى مبادرات تفوّقت على أداء الجهات الحكومية، لتمثّل أكاديمية لوياك للفنون الأدائية نموذجاً يحتذى، حيث تحرّكت من الأيام الأولى للجائحة بطرح برامج، ومنها: «نحن والكون» و«البوب آرت» وأنشطة «المخيّم الصيفي» و«الملاذ المسرحي»، إلى جانب برامج للتعريف بالموسيقى والمسرح والرسم والتدريب على الفنون المتعلِّقة بالفنون الأدائية موجهة لأطفال أسر متعفّفة. الهاجري، وهو عضو تنفيذي في مجلس إدارة لوياك للفنون (لابا)، رأى أن اتخاذ القرار في الوقت المناسب أرسى أرضية لتكتسب الأكاديمية خبرات في مجال «التعليم عند بُعد»، وحصيلة معارف في مواجهة تبعات الجائحة، بالتعاون مع أفرعها في لبنان والأردن، إضافة إلى الاستعانة بمدربين مؤهلين عالمياً، تستضيفهم في الكويت. أسئلة.. مع وقف التنفيذ «تعليم المسرح عند بُعد» هو فصل جديد في الحياة يؤكد أن المَشاهد السابقة انتهى دورها على نحو ما، وأنه على المُتلقّي الاستعداد للآتي من المفاجآت الدرامية. نحن مطالَبون بتحديث خبراتنا، حيث لم يعد طول الخبرة هو المعيار، وإنما فعالية القرار المتخذ وتوقيته. يرى الدكتور الهاجري أن السؤال عن مدى صلاحية «التعليم عن بُعد» لم يعد مجدياً، خصوصاً أن الجامعات الخاصة طبّقت النظام، وأتمت الاختبارات وأظهرت نتائج الطلبة. تخطى العالم هذا السؤال، وحان الوقت لتجربة الأولويات في مسألة «تعليم المسرح عن بُعد»؛ فالجانب النظري في دراسة المسرح وتاريخ الدراما ممكن أن يكون في البيت تدعمه برامج «اليوتيوب»، أما السينوغرافيا فيتطلب عمل استديو مزوّد بالمواد المطلوبة، إلى جانب الاستعانة ببرامج جديدة virtual افتراضية بصرية. أما بالنسبة إلى معضلة مادة التمثيل فجاء الحل في عرض المونودراما والديودراما، والاعتماد على الطالب والأستاذ فقط، والتزامهما التباعد الاجتماعي. خطط الطوارئ والعقبات في الكويت، اصطدم قرار «التعليم عند بُعد» بعقبات؛ منها عدم وجود بنية تحتية إلكترونية وعدم التفات صُناع القرار إلى أهمية هذا النوع من التعليم لاعتماده في خطة للطوارئ، لا توفر الأجهزة فقط، ولكن تؤهّل، وباستمرار، العاملين في المجال للأخذ بطرق «التدريس عن بُعد»، وتدريجياً إرساء ثقافة اجتماعية عامة.   جائحة «كورونا» خلقت فراغاً، أدى إلى «هلع أو شلل إداري وتعليمي»، إن صح التعبير، لدى جهات ظلت من دون حراك، منتقدة مؤسسات خاصة حصدت النتائج، لأنها بادرت بـ«التعليم عن بُعد». هيئة التدريس في معهد الفنون المسرحية، من ناحيتها، بادرت باقتراح مُفصّل، قُدِّم لوزير التربية والتعليم العالي لتبنّي «تعليم المسرح عن بُعد»، وفق الشروط الصحية، وبما يحقّق قدراً من التحصيل الأكاديمي لتجاوز فترة التوقّف التام عن الدراسة. في اللقاء الذي أعده وقدمه عصام الكاظمي، وردت أسئلة تطرّقت إلى ضرورة تطوير المناهج، وإضافة مادة «الإنتاج التلفزيوني والمسرحي» ومادة «التصميم الرقمي»؛ لمواجهة سوق العمل وتحديات طرق التعليم المعاصر. أمّا عن دور وزارة الإعلام، فقد تمنى الدكتور الهاجري تبني الدولة لفكرة «التعليم عن بعد» ليتبع التلفزيون توجهات مجلس الوزراء، ويقدم تطبيقات عالمية تبين خطورة توقف التعليم وتدعم ما ورد في لقاء تلفزيون الكويت، في مايو الماضي، مع وزير التربية والتعليم العالي الدكتور سعود الحربي. بحث الأولويات مناقشة «تعليم المسرح عن بُعد» كانت فرصة لبحث الأولوية التي يمثّلها المسرح، في ظل الجائحة، ليتبيّن لنا أن العزلة صاحبها توتّر، جعل مشاهدة المسرحيات نوعاً من المعالجة النفسية. إغلاق دور العرض لم يمنع الناس من ممارسة الفنون؛ فتابعنا، وعبر منصات التواصل الاجتماعي، لقطات لمرضى يؤدون حركات على أنغام الموسيقى، في حين ظهر بعض الممرضين يقلّدون شخصيات فيلم «تايتنك»، معبّرين بتلقائية عن تجذّر الفن في الطبيعة الإنسانية، وان علاج البدن من الوباء لا يتعارض مع تذوّق الفن، وعلاج النفس.



عدد الزيارات : 648 زيارة

كل التعليقات

    لا توجد تعليقات علي هذا الموضوع

اضف تعليق