> فن وثقافة

فهد الهندال لـ«القبس»: المنصات الثقافية تجاوزت الحدود الجغرافية


فهد الهندال لـ«القبس»: المنصات الثقافية تجاوزت الحدود الجغرافية

مهاب نصر - الأزمات دائما لها وجه آخر كاشف لثغرات الواقع ومشكلاته، وهكذا كان الشأن مع «كورونا» الذي لم يبد مجرد وباء عابر، بل اختبارا صعبا لمستوى الوعي والقدرة على التضامن في المحنة، والالتزام بشروط الصحة العامة وسلامة الإنسان، وابتكار البدائل المعينة على الاستمرار في الحياة. الناقد والباحث والناشر فهد الهندال يرى أن ثمة صدمة واجهت المثقف تجاه حقيقة الوعي العربي في تعاطيه مع الجائحة، ذلك الوعي الذي تراوح بين الاستهانة وخطاب الكراهية، غير أنه من جهة أخرى يؤكد أن الجائحة وما ترتب عليها من الحجر والعزلة أعانت على التأمل والمراجعة، وتشكّل مشروع نقدي ظل يراوده زمنا. تناول الهندال أيضا مأزق دور النشر المحلية والحلول الممكنة لتجاوز هذه المرحلة القاسية. فهد الهندال ■ هل تمكنت الثقافة من استنتاج موضوعات جمالية وأخلاقية من هذا الظرف الفريد؟ - أفرزت الجائحة الكثير من القضايا التي اختلف حولها الجميع، ومنها القضية الإنسانية التي باتت منصة يتهافت عليها الكثيرون، سواء من فهم أبعادها وحدودها، أو من فهمها بأفقه الخاص. كذلك صدمتنا الجائحة بحقيقة الوعي المتراجع لدى المجتمعات العربية، أغلبها وليس كلها، في أهمية الوقاية من خطر الإصابة بالفيروس، فهناك مجتمعات كان أفرادها على مستوى المسؤولية، ومجتمعات تهاون أفرادها واستهانوا بالاشتراطات الصحية، وهنا نكتشف الخلل الكبير في درجة الوعي التي لم يستطع المثقفون ردم هوته التي حُفرت على مدى عقود من تراجع العقل العربي، أضف إلى ذلك تسيّد الأصوات الناعقة بالكراهية ساحة المنصات الاجتماعية، فزادت من التناحر الاجتماعي أكثر مما كان، واكتشفنا ضآلتنا كمثقفين أمام هذا الزخم الكبير من الكراهية. المنصات الثقافية ■ تراوحت الاستجابات تجاه وضع الحجر، باعتبارك كاتبا وناقدا هل تعتبر هذه الفترة مفيدة؟ - كانت مفيدة بالنسبة لي في إعادة قراءة المفهوم النقدي، والبحث عن مدارك نظرية حديثة، والعمل على تشكيل ملامح مشروع نقدي جديد كان يراودني زمنا، وذلك بفضل الفراغ الذي مكنني من ذلك، فكانت فترة معينة فعلا على البحث والقراءة والتفكير. مع الإشادة بالمؤسسات البحثية والأكاديمية والثقافية التي فتحت مكتباتها ومنصاتها الالكترونية مجانا للجمهور لتحميل الكتب والأبحاث والمجلات العلمية المختصة، وهو أمر نادر الحدوث، والفضل لفترة الحجر المنزلي، مع الإشارة إلى المنصات الثقافية التي استفادت من وسائل التواصل الاجتماعي في ترتيب لقاءات وحوارات وندوات افتراضية، تجاوزت الحدود الجغرافية في تقارب زمني حول مختلف اصقاع المعمورة، وأعادت إلى الثقافة الكثير من الاعتبار في المتابعة والتواصل مع الجمهور، خارج صندوق النخب. إعادة نظر ■ كيف تتصور استئناف الأنشطة الثقافية الرسمية وغيرها؟ Volume 0%   - أعتقد أن منصات التواصل الاجتماعي عالجت هذا الموضوع، ومعها اكتشفنا أن التواصل مع الجمهور أيسر وأقل كلفة، فعندما تجد أن عدد المتابعين على أقل تقدير هو 20 شخصا مثلا في مساحة حوار مباشرة افتراضية، هو أكثر من الحضور المتوقع واقعيا، وقد عشنا فترة طويلة نعاني من قلة أو عزوف عن الحضور. اليوم يفترض أن نعيد مفهوم الفعالية الثقافية بأن نولي التلقي الافتراضي والالكتروني جانبا من الاهتمام، بأن يكون خيارا وليس بديلا، اليوم مطلوب منا تفعيل الثقافة عن بعد، كما هو حال التعليم عن بعد. عودة للأصل ■ كيف يمكن أن تضيف خبرتنا الواقعية مع «كورونا» إلى هذا الخيال الأدبي؟ - ما هو مطلوب من الرواية خطابُها، ولأن الخيال انعكاس للواقع، فاللغة هي لغة الواقع ولكن خطابها متخيّل، بمعنى أن الطريقة التي يستعمل بها الكاتب هذه اللغة تكتسب خصوصيات تداولية تسمح لأن يكون اسقاطا على الواقع، وهنا عودة للأصل ولكن عبر الخطاب. فلا أتصور أن يأتي كاتب يكتب عن الجائحة حرفيا لا يختلف بلغته عن السائد والدارج، هنا لا يختلف عن فكرة اليوميات أو المذكرات التي تعبر عن علاقة سطحية بالحدث، لن تخدم أدبية العمل المتحدث عن الظرف الاستثنائي الذي مر بنا. وأنا على يقين أن الكتابات ستتنوع ما بين العميق المتغلغل إلى الحدث مشرحا دقائقه بالتفاصيل، وأخرى تكتفي بالعبور على الحدث كمناسبة عابرة فقط. مأزق الكتاب ■ الحجر وإغلاق المجال الجوي لا شك أثرا في حركة النشر والتوزيع: بصفتك ناشرا كيف تقييمك للمسألة وما الحلول الممكنة برأيك؟ - طبعا أدى ذلك إلى إلغاء المعارض العربية، ثم اغلاق المكتبات ومتاجر الكتب والمطابع، مما تسبب بخسائر كبيرة، ومع ذلك حاولنا التعويض عبر منصات البيع أون لاين والتوصيل، ولكنها ليست بديلا عن المعارض وبيع المكتبات، ولو أن بيع الكتب ازدهر أكثر عن طريق البيع عن بعد والتوصيل. واعتقد أن الحلول ممكنة في التوسع بالمعارض الافتراضية للكتاب، والبيع أون لاين مع تسهيل الشحن من وإلى الكويت، وإعادة العمل في المكتبات وفق الإجراءات الاحترازية كما هو حاصل مع مراكز التسوق الغذائية وغيرها من الأنشطة المسموح بمزاولتها في ظل الحجر الصحي. ■ هل تتغير خطة النشر لدار الفراشة لتتمكن من إنتاج أعمال تتصل بالوضع الراهن؟ - لاشك أنها تغيرت وتمت إعادة النظر بالأولويات لتعاد جدولة المهام وفق المتاح والمناسب، ولدينا قائمة طويلة من الأعمال المنتظرة طباعتها بعد عودة عمل المطابع.



عدد الزيارات : 780 زيارة

كل التعليقات

    لا توجد تعليقات علي هذا الموضوع

اضف تعليق