> مقالات

أيها الإنسان .. كلها أيام.. !

كتب : فاطمة العسيلي |
أيها الإنسان .. كلها أيام.. !

فاطمة العسيلي 
حديث الخاطر


أيها الإنسان .. كلها أيام.. ! 

قالوا له أخرج منها تارك حقك أيها الرجيم 
قال :  جئت لكم تاركا داري وحق عيالي وسُلب مالي واحترقت أمالي التي توسمتها في أرض الطيبين..! 
قالوا :  وما شأننا نحن بمالك وحق عيالك فأنت مهمش لا حاجة لك أيها الطيب المسكين ..! 
قال : وهل الطيبة في هذا الزمان أصبحت جرم مشين..!؟ 
قالوا : نعم فهي خلق من الطراز القديم. 
قال : كيف ذلك فقد أنشأنا عليها  آبائنا الأولين ..! 
قالوا : ها أنت قلت آبائنا الأولين...! 
هذا شِراك قد نصب لك من أعوان الشياطين..!
 ومالنا بهم فاذهب إليهم بعيدا عنا أيها المغفل الرزيل ..! 
قال : أهكذا هو جزاء الطيب الأمين!؟
طأطأ جبينه وتغير لونه وسال دمعه فأغرق وجهه الحزين 
وبعد لحظات من الصمت العميق..، 
وهو يحاول جمع كلماته ويقاوم الصمت الأليم..، 
قال لنفسه بصوت يكاد أن يسمع من الآهات والأنين.. 
يانفسي دعيني أتكلم وأخرج ما يؤرق ليلي وسرق النوم من عيني.. 
يانفسي اهدئي فهذه فرصتي كي أتكلم وأطالب بحقي.. 
يانفسي دعيني أصرخ وأتغلب على صمتي ووجع قلبي .. 
وبعد صراع بينه وبين نفسه العزيزة ، تغلب عليها 
وقال : أنى لكم أن تلقوني هكذا من دون مأوى في العراء أسير !؟ 
 أنى لكم أن تقتلوا حلمي  وتهينوا كرامتي أيها الطيبين!؟ 
كيف لي أن أعود لأهلي أحمل  خيبتي فوق الجبين!؟ 
قد فقدت ماء وجهي ووعودا  قطعتها على نفسي بائت بخسران ودين! 
هَمَ أحدهم قائلا ؛ كفوا عنه الأذى فإنه إنسان قبل كل شيء 
قبل أن  تجلدوه بسياط ألسنتكم  أنظروا إليه!؟ 
سترون عليه آثار العذاب والشقا وأنهار العرق والدماء التي سالت من جسده  الهزيل..!، 
  سترون  في عينه المغرغرة بالدموع  كسرةً وخيبة وخوفا من نظرات الناس له بعد عودته خائبا فاقدا عمره وماله وحلم السنين..! ، 
وسؤال عن وعوده لهم التي  ذهبت في مهب الريح..! ، 
أنظروا  في عينه سترون أيادي الديانة تطرق بابه وتسأله المال وسداد الدين ..! 
أنظروا فسترون خيبة ظن أخته و ابنته العروس التي تنتظر أن يزفها مرفوعة الرأس للفارس الأمين..! 
سترون ضياع شاب متفوق كان يحلم بجامعته المرموقة التي سيرسله والده إليها بعد انتظار طويل..! ، 
أنظروا  سترون وتقرأون الكثير  ثم ستشعرون بروحه المخنوقة الغاضبة التي سقطت في الظلام القاتم الحزين..! ،
 ستشعرون به حينما سمع  الألسنة التي جردته من آدميته وألقته في العراء وحيد..!، 
انصتوا ستسمعونه يقول أنا مواطن عربي أؤمن بالله! أنا إنسان قد قُتلت  إنسانيتي وأهدرت كرامتي وأُهينت رجولتي ثم صُلبت في الصحراء حاملا أحزاني وحطام السنين..!، 
قبل أن تجلدوني بسياط ألسنتكم ، ابحثوا عن قاتلي الذي ذبحني وأخذ حقي وحقك الثمين  !
اتق الله في إنسانيتي أيها الجلاد ذو اللسان السليط.

فلنتق الله في ضحايا ظلم المجتمع خوفا من دعوة تستجاب لمظلوم مقهور فنهلك أجمعين .
  http://fatmaalosily.blogspot.com

عدد الزيارات : 1302 زيارة

كل التعليقات

    لا توجد تعليقات علي هذا الموضوع

اضف تعليق