> فن وثقافة

أمل الرندي: أحلم بجيل جديد بعيد عن العنصرية


أمل الرندي: أحلم بجيل جديد بعيد عن العنصرية

طفلةٌ صغيرة أنا.. وحلمي بامتداد الكون».. هكذا لخصت الأديبة الكويتية المتخصصة في أدب الأطفال أمل الرندي مشاعرها، مشيرة إلى أنها حينما تكتب للصغار يتحول الكون في عينيها إلى براح واسع وفضاء ممتد، وأفق بلون المحبة والسلام. واعتبرت الرندي في حوارها مع القبس أن أدب الأطفال في الكويت والدول العربية مظلوم، ويجب دعمه، ونشر الإصدارات المتخصصة في هذا اللون البديع لأكبر شريحة من أبناء المجتمع مشيرة إلى أن 24 مجلة أطفال كانت تصدر في الكويت أغلبها توقف بسبب التمويل. أمل أصدرت الكثير من القصص والكتب المتنوعة للصغار واليافعين، منها: «حدائق العسل، حلم المستطيل الأخضر، سفراء التسامح، طائر الحرية وأجمل عقاب»، ونالت جائزة الدولة التشجيعية، كما انتشرت كتاباتها عربياً وخليجياً. وعبرت أمل عن تمنياتها بجيل جديد بعيد تماماً عن العنصرية ورفض الآخر المختلف، مشددة على أن هذه الرسالة الإنسانية من أهم مضامين الكتابة الأدبية عموماً والأدب الموجه للصغار على وجه الخصوص. «أول الغيث قطرة، والحرف أوله نقطة حبر تبني الكلمة فتكون حُباً وسلاماً ونوراً للإنسانية». هكذا تحدثت الرندي عن بداياتها ولمن تدين لهم بالفضل في الدعم والتشجيع والاحتضان الأول على طريق الكتابة، وقالت: أجمل شيء أن أبدأ حديثي مع القبس بالشكر لمن أطلق تجربتي إلى النور، وصوب قلمي نحو عالم أدب الطفل الساحر، الذي أخذني إليه، وجعلني أغوص فيه، أنهل منه وأعطيه ما أستطيع من كتابة وأنشطة. وقالت: الفضل يعود لأستاذي عميد أدب الطفل يعقوب الشاروني، عندما كنت طالبة في كلية التربية، قسم «رياض الأطفال»، بجامعة حلوان - القاهرة، وطلب من الطلاب الذين كنت بينهم كتابة قصة للأطفال، على أن ينشر أفضل قصة في مجلة «نصف الدنيا»، وقد اختيرت قصتي «الفيل صديقي» ونشرت فعلاً وأنا مدينة أيضاً لأستاذي في انطلاقتي، وأنا على تواصل معه دائماً، وقد سررت عندما بدأت أجلس إلى جانبه في مؤتمرات متخصصة بأدب الطفل. المعادلة الصعبة ■ أدب الطفل من الفنون الإبداعية الصعبة ويحتاج إلى مهارات خاصة؛ لغةً وتصويراً وتشويقاً وخيالاً، إلى أي حد تمكنتْ أمل الرندي من تحقيق هذه المعادلة الصعبة المتمثلة في إبهار الطفل ببناء سردي يتناسب مع المرحلة العمرية التي يخاطبها العمل الإبداعي؟ - نعم.. هذا هو التحدي الذي أواجهه كلما بدأت كتابة قصة جديدة. ومن الضروري أن نحترم الكتابة للطفل، لأهميتها، فالكتابة للكبار ليس بالضروة التزامها بمعايير تربوية وأخلاقية وتنموية، أما الكتابة للطفل فتفرض على أصحابها الكثير من المسؤولية، ولا بد من معرفة علم نفس الطفل، والخصائص التي تتسم بها كل مرحلة عمرية، وفهم طبيعة الاحتياجات في كل مرحلة، بدءا بمرحلة الطفولة المبكرة، مروراً بالمتوسطة، ووصولاً إلى المتأخرة. وفي الأدب عموماً لا تكفي الأفكار وحدها، إنما من الضروري الاهتمام باللغة التي تحمل الأفكار، وبالأسلوب المناسب، والأهم أن يكون الكاتب خبيراً بروح الطفولة، فيقدم نصاً فيه بهجة وفرح، يستمتع به الطفل، ويجذبه، ويجعل القراءة أمراً ممتعاً وليس واجباً عليه. وتطرقت أمل إلى انتشار قصص الأطفال أكثر من الشعر، قائلة: لا أريد أن أقلل من أهمية الشعر، حتى عند الكبار اليوم الرواية أكثر جذباً، وبشكل عام جمهور الرواية والقصة أوسع، أما بالنسبة إلى الأطفال فأهداف القصة أوسع بكثير من أهداف الشعر، كون القصة تخاطب عقل الطفل أكثر من الشعر، إضافة إلى أنها تفتح مخيلته الشعرية، فقصص الأطفال تتضمن الكثير من الشعر، وشعريتها تؤمِّن عنصر الجذب المطلوب. ■ ألا تخططين لخوض تجربة الكتابة المسرحية للصغار؟ - كتبت سابقاً مسرحيات للأطفال لمرحلة الطفولة المبكرة، وكانت تجربة جميلة جداً، لكنها متعبة. لماذا التمرد؟ ■ أطفالك دائما متمردون ويحتاجون إلى جرعات زيادة من التهدئة والصبر والتعقل. فما سر ذلك؟ الا ترين أن أطفال اليوم ربما لم تعد تناسبهم محاولة تعويدهم على القيم الأخلاقية والمثل عبر أعمال أدبية؟ - صحيح أنهم متمردون، وأنهم لا يديرون آذانهم للنصائح والمواعظ، لذلك لا بد من تغيير أسلوب التلقين معهم، بالتركيز على فهم ميولهم، واحترام الطبيعة النفسية التي يمر بها الطفل، وبالتالي يمكن أن تحاور القصة عقل الطفل لا أن تفرض عليه القيم الأخلاقية والإنسانية. سفراء التسامح ■ في قصصك «سفراء التسامح، طائر الحرية، نجم المستقبل الأخضر، والبيت الكبير..» تبدو التيمة واحدة والبنية السردية تكاد تكون متماثلة، حيث اللغة الخادمة لسياق القيم والمثل الأخلاقية، وعنصر الإدهاش الكاشف عن طفل يسكنك. هل تتقمصين شخصية الصغار لدى الكتابة؟ وكيف تخرجين منها بعدها؟ منذ اللحظات الأولى لكتابة أي قصة أتقمص بالفعل كل شخصياتها، وأحاول أن أعيش داخلها، وأستدعي الطفل الذي في داخلي، ليكون ميزان مستوى اللغة والحوار والتناغم والمتعة. لذلك لا أشعر بالتعب أو الجهد أثناء كتابة القصة رغم كل ما يمكن أن يحكى عن مخاض الإبداع ومعاناته. وكما أن الأم تنسى آلام الولادة عندما ترى طفلها، هكذا أعيش حالة من الفرح عندما أنهي كتابة قصة، ولا أنسى أبداً أنني في الوقت الذي أكتب فيه للطفل وأسهم في بناء شخصيته أراكم تجربتي وأطور إبداعي وأبني نفسي، مؤمنة بقول الكاتبة الاميركية أوكتافيا بوتلر «كل قصة أبدعتها ابدعتني، أنا أكتب لأكون نفسي».



عدد الزيارات : 1014 زيارة

كل التعليقات

    لا توجد تعليقات علي هذا الموضوع

اضف تعليق