> مقالات

بين دماء الأطهار وسيوف الفجّار

كتب : عبدالعزيز بومجداد |
بين دماء الأطهار وسيوف الفجّار


تمر علينا اليوم ذكرى استشهاد سيدنا ومولانا الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام وهي المناسبة التي نستذكر بها انتصار الدماء الطاهرة على السيوف الداعرة، وهي ليست مناسبة تُحيا لمجرد البكاء، بل هي مناسبة نحييها لنقارنها بواقعنا ونقتدي برموزها، فبأي رمز نقتدي ؟ هل برمز الحق فيها أم برمز الباطل والجور ؟ هل بحسينها أم بيزيدها ؟
إن أول درس يجب أن نتعلمه من واقعة الطف هو أن الدين والسياسة أمران لا يفترقان، فواقعة كربلاء هي واقعة سياسية كانت سلطة يزيد الباغية تسعى من خلالها لضم صوت المعارضة لصفوفها بالقوة العسكرية بعد أن فشل هذا الطرف الشيطاني من إقناع الطرف الإلهي بالإنضمام إليه بالوسائل السياسية والمفاوضات، وهو الموقف الذي لم يتعرض له الإمام الحسن عليه السلام بنفس الدقة، لذلك نجد أن الإمام الحسن لم يُضطر لرفع السيف وقد قبل بالصلح مع طاغية عصره، بل حتى إن الإمام الحسين عليه السلام وهو صاحب ثورة كربلاء لم يرفع السيف بعد وفاة أخيه الحسن وقد كان ملتزماً بصلح أخيه منذ وفاته عام 50 حتى عام 60 للهجرة، وهو ما معناه أن نظرة الإمام الحسن حسب الأوضاع السياسية في عهده كانت تختلف عن نظرة الإمام الحسين للأوضاع السياسية في عصره، بل إن نظرة الإمام الحسين نفسه قد اختلفت من وقت لآخر حسب تلك الأوضاع فهادن في وقت وحمل السيف في وقت آخر، والأكيد أن أحدهما لم يكن مخطئاً أو مقصراً في واجبه "حاشى لله" فهما إمامان قاما أو قعدا حسب ما ورد على لسان رسول الله صلى الله وعليه وآله، بل إنهما كانا قرناء القرآن الكريم وتراجمته وهو ما معناه أن صلح الحسن مستمد من القرآن والسنة وثورة الحسين مستمدة من القرآن والسنة وهو ما نجد تفسيره في قوله صلى الله عليه وآله "إني تارك فيكم كتاب الله وعترتي أهل بيتي"، فهما امتداد لجدهما رسول الله صلى الله عليه وآله الذي هادن قبيلة بني ضمرة وقبيلة أشعج وصالح في الحديبية ثم رفع السيف في مواضع آخرى.
أما الدرس الثاني الذي يجب علينا تعلمه من ثورة الإمام الحسين هو معرفة من هو الصديق الحقيقي ومن هو العدو الحقيقي، فالرسائل التي كانت تصل للإمام الحسين تؤيده وتطلب منه حمل السيف كانت بالآلاف ثم عندما حمل اللواء لم يجد حوله إلا سبعين رجلاً، وأمثال المنافقين الذين غدروا بالإمام الحسين بعد أن وعدوه بالنصر موجودين في عصرنا هذا وهم أولئك الذين يثيرون الفتن عبر قنواتهم التي تبث من بريطانيا وأمريكا والذين يدعون أنهم يناصرون الدين الإسلامي بصفة عامة ومذهب أهل البيت بصفة خاصة ثم عندما تعرضت مقامات آل محمد للاعتداءات على أيدي الدواعش وجدناهم يدسون رؤوسهم القذرة في التراب بل ويشتمون المدافعين عن هذه المقامات الطاهرة.
أما الدرس الثالث فهو أن في كل زمان يوجد "حسين" ويوجد يزيد، والتصدي لنهج يزيد لا يكون إلا باتباع أحد النهجين، إما صلح الحسن وإما ثورة الحسين، أما منابر الشتم وتسقيط رموز المسلمين فهو أشبه بمنابر معاوية التي شتمت الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام سبعين عام وليس فيها أي دفاع عن الدين ولا المذهب.  فالدفاع عن محمد وآل محمد هو مسؤولية ليس كل من هب ودب يستطيع حملها. ولكل طاغية تتمثل به شخصية "يزيد" أقول .. دماء ضحاياك ستدخلك في مزابل التاريخ كما أدخلت من قبلك كل يزيد.

عدد الزيارات : 1770 زيارة

كل التعليقات

    لا توجد تعليقات علي هذا الموضوع

اضف تعليق