> مقالات

جامعة العواصم العربية

كتب : عبدالعزيز بومجداد |
جامعة العواصم العربية

ربما نسيت بعض الحكومات العربية أن المصالح التي يجب أن تتحقق من خلال العمليات السياسية التي تديرها هي مصالح الشعوب بالدرجة الأولى، ربما أصبحت بعض الحكومات تعتقد بأنها تتصرف بشركاتها الخاصة وليست مسؤولة عن إدارة ببلدان وشعوب، مع إن هذه الحكومات ليست إلا مجاميع من الموظفين القائمين على مصالح الناس، بمعنى أن الحكومات كالشعوب عليها واجبات ولها حقوق بل إن واجبات الحكومات أكبر من واجبات الشعوب لأن الحكومات وضعت نفسها في موضع المسؤولية بينما الشعوب تتحمل إزر نفسها فقط، فماذا فعلت بعض الحكومات العربية بشعوبها ؟
الأكيد أن إدارة علاقات الدول الخارجية تحتاج لمتخصصين وسياسيين خبراء في هذا الشأن، من هذه الشؤون مثلاُ هي تصالح "الخصوم" وطي صفحة الماضي كما حصل بين الكويت والعراق اليوم وهو أنهم تناسوا الغزو الصدامي الغاشم وبدأوا صفحتهم الجديدة بالرغم من اعتراض بعض الأفراد من هنا وهناك، فمصالح الدول التي لها أكثر من اعتبار مثل اعتبارات الإسلام والعروبة والجيرة والعلاقات التاريخية والاقتصادية والاجتماعية تغلب بطبيعة الحال التوجهات الفردية للأشخاص وهذا ما تراه الحكومات ويراه كل مهتم بالشؤون السياسية، أما التنازل عن الكرامة والشرف والمقدسات والمبادئ والعقائد الدينية فهو أمر لا تملكه الحكومات لا على شعبها وعلى نفسها كممثلة لهذا الشعب لأنه لا يدخل في نطاق المصالح العليا لبلد معين وإن كان هناك حكومة معينة لا تأبه لكرامتها ومستعدة للتنازل عنها لمصالح شخصية مثل "البقاء على الكرسي" فإنه لا يحق لها أن تفرض ذلك على شعبها لأن الحكومة التي تسعى للبقاء عبر التنازل عن الكرامة والشرف لن يضحي شعبها من أجلها ومن أجل بقائها لأنها لا تستحق البقاء أصلاً، من جهة أخرى نجد أن المنظمات والإتحادات الدولية في العالم المتقدم تتعامل مع الحكومات على أساس أنها ممثلة الشعوب، فكيف تتعامل منظمات العالم الثالث المتخلف ؟
لقد شاهدنا الاتحاد الأوروبي يخضع لرغبة الشعب البريطاني عندما أراد الإنفصال عنه، بغض النظر عن التفاصيل، وتحليل ذلك هو أن الحكومة البريطانية استجابت لشعبها وفرضت هذه الرغبة الشعبية على كيان الاتحاد الأوروبي الذي تأسّف كثيراً على انفصال بريطانيا لكنه احترم رغبة شعبها، في المقابل نجد أن ما تسمى بـ"جامعة الدول العربية" تركض فقط خلف مصلحة حكومات الدول الأعضاء ولا تلتفت أبداً لمصالح الشعوب، ربما يدل على ذلك مواقف الشعوب العربية من تطبيع الإمارات مع إسرائيل ومن تفجير لبنان ومن قصف اسرائيل لمواقع في سوريا وفي غزة ومن تدخلات تركيا في الشؤون السورية والعراقية والليبية والتي كانت أقوى وأشجع وأكبر من مواقف ما تسمى بجامعة الدول العربية، أما مجلس التعاون الخليجي فهو بحاجة لمقالة مستقلة.
إن الحكومات التي لم تلتفت لرغبات شعبها وتوجهاته تعتبر حكومات استبدادية حتى وإن أخذت الشكل الديمقراطي، والتاريخ يقول أن الدول التي أهملت حكوماتها شعوبها واهتمت فقط بنفسها سقطت، وبسقوطها أسقطت أوطاناً، فإن كان هناك شعباً رافضاً الركوع للكيان الصهيوني اللقيط فعلى حكومته الاستجابة والتنفيذ، لأن الشعب في هذه الحالة يكون أخبر وأفهم من الحكومة التي أغفلت عن مصير الدول التي طبّعت فضاعت.

عدد الزيارات : 1371 زيارة

كل التعليقات

    لا توجد تعليقات علي هذا الموضوع

اضف تعليق