> دولي

هل تحضر «الكاتيوشا» على مائدة الحوار الإستراتيجي بين الكاظمي وترامب؟


هل تحضر «الكاتيوشا» على مائدة الحوار الإستراتيجي بين الكاظمي وترامب؟

شهدت الأيام الأخيرة تزايداً ملحوظاً لاستهداف إمدادات التحالف الدولي والقواعد الأميركية في العراق، أحدثها، السبت، تضمن ثلاث هجمات، الأولى سقوط صاروخَي كاتيوشا على قاعدة التاجي، والثانية انفجار عبوة برتل مركبات ينقل معدات تابعة للتحالف ضمن الحدود الإدارية لمحافظة ذي قار، والثالثة انفجار عبوة بمركبة رتل لشركات متعاقدة مع قوات التحالف على الطريق السريع الرابط بين محافظتي البصرة وذي قار. الكثافة في الهجمات ضد مصالح أميركية في العراق تعكس إصرار الجهة المسؤولة عنها على المضي في المواجهة ودفع القوات الأميركية وقوات التحالف إلى مغادرة العراق بطريقة أو بأخرى، كما تطرح تساؤلات حول تراخي الولايات المتحدة والحكومة العراقية عن ردع تلك الهجمات. ولم تعد خلية الإعلام الأمني تبذل جهداً كبيراً في متابعة صواريخ الكاتيوشا التي باتت تمطر بغداد وضواحيها بشكل يومي، وأحيانا أكثر من مرة. بيان مقتضب من بضعة سطور يقول سقط صاروخ أو صاروخان أو ثلاثة صواريخ على محيط المنطقة الخضراء أو مطار بغداد أو معسكر التاجي دون خسائر تذكر، الإضافة الوحيدة هي من أين انطلقت تلك الصواريخ ذات المنصات المتنقلة. آخر ثلاثة صواريخ سقطت على الجناح العسكري في محيط مطار بغداد انطلقت هذه المرة من منطقة الرضوانية غربي بغداد، وهو ما يحصل للمرة الأولى منذ بدء إطلاق هذه الصواريخ، فعلى مدى الشهور الماضية كانت معظم تلك الصواريخ تنطلق من مناطق شرقي بغداد أو جنوبيها. تصاعد الهجمات يلمح إلى استراتيجية جديدة للميليشيات العراقية الموالية لإيران التي تشن تلك الهجمات، ربما تجعلنا نشهد مرحلة تصعيد أكبر مستقبلاً، خصوصا بعد أن تسببت الهجمات الصاروخية بانسحاب القوات الأميركية من 7 مواقع وقواعد عسكرية في عموم العراق على مدى الأشهر الماضية، وذلك في إطار إعادة التموضع. لماذا الآن؟ يرى مراقبون أن ارتفاع وتيرة إطلاق هذه الصواريخ يأتي قبل أقل من أسبوع على زيارة منتظرة لرئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي إلى الولايات المتحدة في 20 الجاري، لمناقشة ملفات مشتركة عدة، بينها مستقبل الوجود الأميركي في العراق، بينما لا يزال نواب وسياسيون وزعماء ميليشيات مقربة من إيران يمارسون ضغوطاً على الحكومة العراقية للإسراع بإخراج القوات الأميركية. أما على صعيد ما يمكن أن تمثله صواريخ الكاتيوشا من رسائل، فيقول الخبير الاستراتيجي الدكتور معتز محيي الدين رئيس المركز الجمهوري للدراسات السياسية والأمنية إن «جماعات الكاتيوشا نجحت في جس نبض الحكومة ورد فعلها حيال الصواريخ التي أطلقتها خلال الفترة الماضية في بغداد ومحيط بغداد وأماكن أخرى تزامنت مع رؤية جديدة للحكومة العراقية بشأن قدرتها على إيقاف مثل هذه العمليات». وبيّن أن «هناك على ما يبدو مشروعا متكاملا لدى الجماعات المسلحة بشأن طريقة وآلية استهداف الأماكن، بدءا من مقر السفارة الأميركية إلى بقية الأماكن والمعسكرات الأخرى». وأوضح أن «هذه المسألة ستكون إحدى النقاط المهمة من وجهة نظري خلال المباحثات التي سيجريها الأسبوع المقبل في واشنطن رئيس الوزراء عند مناقشة مسألة الانسحاب الأميركي وكيفية حماية من يتبقى من هذه القوات أو السفارة الأميركية، وبالتالي لا بد من تكوين رؤية مشتركة لحماية هذه المقرات بين الجانبين العراقي والأميركي في هذا المجال». ولفت محيي الدين إلى أن «هذا الموضوع يقلق الكاظمي لصعوبة إيجاد حل أمني أو سياسي خلال هذه المرحلة لهذا الملف المعقد». ولوحت الكتل العراقية بمحاسبة الكاظمي إن لم يطرح موضوع الانسحاب الأميركي من العراق خلال زيارته واشنطن، حيث أكد النائب المستقل عن المكون الشيعي قصي الشبكي أن الكاظمي ملزم بطرح ملف سحب القوات الاميركية من العراق خلال زيارته الى واشنطن، مبينا أن البرلمان سيحاسبه فور عودته في حال عدم طرح ذلك الملف. من جهته، قال عضو البرلمان عن تحالف «الفتح» (الجناح السياسي للحشد الشعبي) فاضل الفتلاوي إنّ جدية الكاظمي بحفظ السيادة وإخراج القوات الأميركية من البلاد «ستتضح خلال زيارته الولايات المتحد المتوقع إجراؤها في العشرين من الشهر الجاري»، مبيناً أن مجلس النواب سيبقى متابعاً لما سيجري من اتفاقيات خلال الزيارة. وصوّت البرلمان، مطلع العام الحالي، على قرار يلزم الحكومة بإخراج القوات الأميركية، على خلفية مقتل قائد «فيلق القدس» بالحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، ونائب رئيس «الحشد الشعبي» أبو مهدي المهندس، بضربة أميركية قرب مطار بغداد الدولي. ما المتوقع من زيارة الكاظمي؟ يعلّق الكاظمي آمالاً كبيرة على زيارة الولايات المتحدة، خصوصاً بعد فشل زيارته لطهران، وعدم إحداثها تغييراً في مسارات العمليات السياسية والأمنية والاقتصادية في العراق. ويرى مراقبون أن «الكاظمي سيحاول الحصول على مساعدات واستثمارات أميركية تنتشل بلده من أزمات خانقة، جُلها ذات منحى اقتصادي، لم يعُد بمقدور حكومته مواجهتها، كأزمة الكهرباء المزمنة، وجائحة كورونا، والمساعدة في ضبط الأمن الذي يقود إلى زيادة إقبال المستثمرين الأميركيين على السوق العراقي». ولفتوا إلى أن «الكاظمي سيحاول الضغط على الجانب الأميركي، للقبول بحلول وسط مع إيران، وتخفيف حدّة العقوبات المفروضة عليها». وليس من مصلحة العراق أن يميل كل الميل إلى طرف ويناصب الطرف الآخر العداء، فكل أوضاع العراق مأساوية ولا تتحمل ضغوطاً من أي طرف. ويعتقد المراقبون أن الكاظمي سيعمل خلال زيارة الولايات المتحدة على إيجاد حالة من التوازن الدولي والإقليمي في العراق.



عدد الزيارات : 606 زيارة

كل التعليقات

    لا توجد تعليقات علي هذا الموضوع

اضف تعليق