> مقالات

أنت مُهان .. عليك دينار !!!

كتب : عبدالعزيز بومجداد |
أنت مُهان .. عليك دينار !!!



     في عالم الاقتصاد توجد دهاليز كثيرة، فمن الاقتصاد الرياضي إلى الاقتصاد الجزئي إلى الاقتصاد السياسي، وأعترف لكم أن مواد الاقتصاد بأجزائها هي أفضل المواد التي درستها في الجامعة، فمن خلال الاقتصاد الرياضي عرفت التعامل مع لغة الأرقام ومن خلال الاقتصاد الجزئي عرفت كيف أدير شؤوني المالية الخاصة ومن خلال الاقتصاد السياسي عرفت كيف نشأ الإنسان البدائي في عصر الصيد ثم تطوره إلى عصر الزراعة بعدها بدأت نشأت الدول القديمة والتي تطورت لتصنع الحضارات عبر التاريخ الطويل وعرفت أيضاً أن الحضارات مرتبطة بوجود الأنهار كنهر النيل ونهري دجلة والفرات حيث أن مياهها العذبة كانت تشكّل المقوّم الاقتصادي الأول والأساسي، ثم انتقلت بدراستي للدول الحديثة وعرفت أن القوى الاستعمارية إنما بسطت نفوذها على "المستعمرات" بهدف السيطرة على مقدراتها المالية .. وأخيراً عرفت إن الدينار الكويتي أقوى عملة بالعالم !!
     إن الكويت وبالرغم من قوة عملتها تعاني من مشاكل اقتصادية كبيرة منها الاعتماد على النفط كمورد أساسي للدخل وهذا بحد ذاته يُعتبر مجازفة خاصة مع التطورات السياسية العالمية والتي تجعل سعر البرميل غير مستقر ومنها إهمال بقية الموارد الاقتصادية الأخرى كالزراعة والصناعة، ونتيجة لهذا الإهمال أصبح تأهيل رأس المال البشري ليس ذات أهمية ونتيجة لذلك أصبح التعليم لدينا "تحصيل حاصل" ومخرجاته ليس لها قيمة، لأن أغلب متطلبات الوزارات هي المهن الإدارية البعيدة عن الحرفية وهذا ما نتج عنه تخبطاً في التعيينات، ووضع الرجل المناسب في المكان غير المناسب، وحتى لو كان هناك بعض المهن التي تتطلب حرفيين فإن الوافدين هم اختيار الحكومة الأنسب. ومن هذه المشاكل بل وأبرزها هي مشكلة وجود تجّار متنفذين أقوى من الحكومة .. يتقاتلون على المناقصات ويتناحرون على المشاريع ولديهم القدرة الكافية لإيقاف حال البلد وتنميته في سبيل تعمير أرصدتهم، بل إن جشعهم وطمعهم وأنانيتهم وصلت بهم لمرحلة إهانة المواطن .. بتنفيذ حكومي !!
     لقد ثارت حفيظة المواطنين وبعض أعضاء مجلس الأمة على الحكومة وتجارها عندما أصدرت قراراً بإلقاء القبض على "المواطن" في الشارع وإجباره على النزول من سيارته وركوب الدورية أمام أنظار زوجته وأبنائه وإحالته للتنفيذ المدني بسبب مبالغ تافهة لا تتجاوز المئة دينار، وربما تكون تلك الضغوط الشعبية هي السبب بإيقاف هذه المهزلة، ولكن هل تمت معالجة الأمر ؟ هل تم تحديد سقف أعلى للمديونية لايجاب تنفيذ الاجراءات الجزائية على المواطن المديون ؟ لا أعتقد ! فالمواطن اليوم يُمنع من السفر ويتم الحجز على ممتلكاته إذا كان مديوناً لأحد التجّار بمبلغ "دينار" ربما يكون قد نسي أن يسدده أو ربما تكون الشركة الدائنة قد قصّرت بإرسال رسالة تذكيرية لهذا المديون بهذا المبلغ الذي لا يُذكر، وبذلك أصبحت حرية المواطن مقيّدة ومصيره متعلق بإرادة تاجر لا تملك الحكومة أن تضع له حداً في تعامله مع المواطنين ومطالبتهم بالمبالغ التي هي أقل حتى من الرسوم القضائية التي يدفعها التاجر لرفع الدعاوى.
     هنا نلاحظ أن قوة الدينار الكويتي أصبحت سلاحاً بيد بعض التجار والمتنفذين بدلاً من أن تصبح وسيلةً لرفاه المواطن وسعادته، وسؤالي هنا : هل سيتحرك نواب الأمة هذه المرة لإيقاف هذه المهزلة أم إن المهزلة في أن نواب الأمة هم التجّار ؟ وهل سيصمت الشعب المغلوب على أمره عن مجلس التجّار أم سيوقفهم عند حدهم في المستقبل ؟

والله ولي التوفيق

عدد الزيارات : 1938 زيارة

كل التعليقات

    لا توجد تعليقات علي هذا الموضوع

اضف تعليق