> اقتصاد

شركات «صناعة السيارات» تعاني ومشاكها تزداد.. بسبب الصين


شركات «صناعة السيارات» تعاني ومشاكها تزداد.. بسبب الصين

* د. بلقيس دنيازاد عياشي –

يبدو أن نهاية عام 2018 وبداية 2019 ستكون فترة صعبة لشركات صناعة السيارات، بعد تراجع المبيعات في الصين أكبر سوق لهذه المنتجات جراء الركود الاقتصادي الذي تعاني منه الدولة، والحرب التجارية الشعواء التي اندلعت بينها وبين الولايات المتحدة الأمريكية، ومالها من تبعات على هذا القطاع.
وقد واصلت مبيعات السيارات في الصين انخفاضها في شهر يناير بعد أول انخفاض كامل لها منذ أكثر من 20 عاماً، مما زاد من الضغوط على شركات صناعة السيارات التي تراهن بشدة على هذا السوق وسط تراجع الطلب على السيارات في أسواق الولايات المتحدة وشمال القارة الأمريكية والقارة الأوروبية.


وذكرت رابطة مصنعي السيارات في الصين (CAAM) أن مبيعات لسيارات في الصين انخفضت إجمالاً بنسبة 17.7 في المئة على أساس سنوي، وهو أكبر انخفاض منذ أن بدأ السوق في التقلص في منتصف العام الماضي.
وأوضحت أن هذا التقلص مستمر للشهر السابع على التوالي، حيث سجلت المبيعات تراجعاً في شهر نوفمبر الماضي بنسبة 14%، في ديسمبر الماضي بنسبة 13%.

توقعات سلبية
ويقول Xu Haidong الأمين العام المساعد في الرابطة: ««مبيعات السيارات واصلت الانخفاض في يناير، ولم يكن هناك أي مؤشر على التحسن، نقدر أن مبيعات فبراير ستنخفض بحدة أيضا»، مضيفاً: «إن سبب انخفاض المبيعات لا يزال هو تباطؤ الاقتصاد الصين الكلي، وانخفاض الاستهلاك في قطاع السيارات في المدن الصغيرة ومتوسطة الحجم».
بدوره يقول Gu Yatao وهو محلل مختص بشؤون السيارات ومقره في العاصمة الصينية بكين: «انخفاض مبيعات السيارات بالصين سيستمر.. لأن الحكومة لا تعتمد سياسات محفزة».


وتقول bloomberg في تحليل لها أن هذا الركود المستمر يترك الشركات التي تعمل في صناعة السيارات مع عدد قليل من الأماكن للتوجه إليها من أجل زيادة المبيعات، حيث أن الأسواق والمبيعات تتقلص أيضاً في أوروبا وأمريكا الشمالية، والسبب في ذلك هو انتشار خدمات أخرى بديلة عن السيارات كالقطارات والترامواي، والمترو، وخدمات النقل الجماعية التي أصبح الناس يستخدمونها بدل التورط في زحمة السير.
وتضيف bloomberg أن اليابان أيضا تقلصت فيها المبيعات، في حين أن المبيعات في الأسواق الأصغر الأخرى ليست كافية لتعويض الانخفاضات في أكبر مناطق المبيعات التي هي الصين.
وتؤكد الوكالة أن المستهلكين بقيت أقدامهم بعيدة عن صالات العروض لبيع السيارات حتى مع وجود خصومات من قبل الوكلاء، وذلك قبل عطلة رأس السنة الصينية الجديدة، والتي كانت فيما مضى فترة جيدة لمبيعات السيارات.

عقبات وهبوط
ويقول John Zeng المدير الإداري لشركة LMC للسيارات في شنغهاي: «النصف الأول من عام 2019 سيشهد ضغوطاً هبوطية، حيث دفع خفض ضريبة الشراء الساري في عام 2016 و 2017 العديد من المستهلكين لشراء السيارات في وقت أبكر مما هو مخطط له، ولا يحتاجون الآن إلى الشراء».


ويقول المحلل Yan Zhang عبر bloomberg: «إن شركات تصنيع السيارات التي أنفقت مليارات الدولارات على إضافة مصانع وخطوط إنتاج في الصين في العقود الماضية، أصبحت الآن غير متأكدة إذا ما كان نمو المبيعات سيعود، وتدفع العقبات الاقتصادية والجيوسياسية الشركات إلى أن تكون أكثر حذراً مع أهداف مبيعاتها السنوية».
ويضيف المحلل أن «ما يحدث في الصين هو انعكاس للوضع في جميع أنحاء العالم، مع ارتفاع الأسعار، والاضطرابات السياسية، والمشاكل التي تعاني منها سيارات الديزل، والخدمات الجديدة للسيارات مثل Uber و Lyft».

تراجع أوروبي
في أوروبا، تراجعت مبيعات السيارات للشهر الخامس على التوالي في شهر يناير، بينما سجلت أعلى أربع علامات تجارية للسيارات الفاخرة في الولايات المتحدة انخفاضاً في المبيعات الشهر الماضي ويأتي هذا التراجع لتعميق الركود الذي بدأ في التكاثر مع اقتراب نهاية عام 2018. وقد هدد الرئيس دونالد ترامب بفرض تعريفة جمركية تصل إلى 25 في المئة على السيارات المستوردة، مما يشكل ضرراً إضافياً على شركات السيارات.
وأظهرت بيانات صناعية أن شركات صناعة السيارت في أوروبا قادت انخفاضاً بنسبة 4.6 بالمئة في مبيعات السيارات في أوروبا في يناير، مع تضررها من تباطؤ في اقتصادات منطقة اليورو ومخاوف بين المستهلكين بشأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.


وقالت رابطة منتجي السيارات التي مقرها بروكسل إن تسجيلات السيارت الجديدة انخفضت إلى 1.20 مليون في الاتحاد الأوروبي ودول رابطة التجارة الحرة الأوروبية، مقارنة مع 1.25 مليون قبل عام.
ويقول الخبير الاقتصادي Ferdinand Dodenhofer وهو بروفيسور في اقتصاد السيارات بجامعةDuisburg-Essen الألمانية: «أن قطاع صناعة السيارات يواجه فترة عصيبة، حيث سيشهد عامين صعبين عقب تسجيل تراجعات ملحوظة في أرباح شركات تصنيع السيارات وشركات تصنيع لوازم السيارات».
وتوقع الخبير أن «تزداد تجارة السيارات صعوبة مع مرور الوقت»، منوهاً إلى أن «من بين أسباب تراجع المبيعات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست) وحظر سيارات الديزل في ألمانيا»، وتوقع «استمرار التراجع في مبيعات السيارات في ألمانيا حتى 2021، فيما توقع استمرار التراجع في الولايات المتحدة حتى 2019».

آمال «كهربائية»
ويضع صناع السيارات الآن بشكل متزايد رهاناتهم على السيارات الكهربائية التي تكتسب شعبية في ظل السياسات البيئية للصين، ووضعت الدولة قواعد صارمة للترويج لبيع وانتاج سيارات صديقة للبيئة، ومن المنتظر أن تتجه شركات كبرى إلى الاعتماد على السيارات الكهربائية لتحسين مبيعاتها.

* دكتوراه في الاقتصاد والتأمينات والبنوك


عدد الزيارات : 837 زيارة

كل التعليقات

    لا توجد تعليقات علي هذا الموضوع

اضف تعليق