تشييد أصغر طريق سريع في العالم للاحتجاج على نقص الطرق السريعة في رومانيا

شيد رجل أعمال روماني أصغر طريق سريع في العالم بعرض متر واحد فقط، في شمال شرق رومانيا، كوسيلة للاحتجاج على البنية التحتية السيئة للطرق السريعة في بلاده.

وعبر ستيفان مانداتشي، 33 عاما، عن ضيقه الشديد من شبكة الطرق السريعة في مسقط رأسه في مولدافيا.

وقام رجل الأعمال الشاب والذي يملك سلسلة مطاعم وجبات سريعة، بتمويل تشييد الطريق الصغير بميزانية شخصية بلغت 5000 دولار.

واستمرت حملة بناء الطريق عدة أسابيع بهدف إحداث ضجة، وصلت ذروتها يوم الجمعة الماضي.

وتعاني رومانيا من وجود أقصر شبكات الطرق السريعة في الاتحاد الأوروبي، إذ يبلغ طولها 806 كم فقط في جميع أنحاء البلاد، على الرغم من أن مساحة أراضيها تساوي تقريبا مساحة بريطانيا.

وشرح مانداتشي أفكاره، وهو يجلس في فندق يملكه، على مسافة بضعة كيلومترات من الطريق الجديد.

وقال لبي بي سي: "نريد توحيد السكان، ولدينا فكرة مثالية، أن يكون لدينا شبكة طرق سريعة".

وقام ببناء طريقه السريع الرمزي على أرض يملكها بجانب طريق رئيسي مزدحم في سوسيفا، وهي جزء من البلاد لا يوجد بها أي طريق سريع على الإطلاق.

رومانيا تودع ملكها السابق ميخائيل

"سجن الزوجية" التاريخي الذي وضع حدا للطلاق في رومانيا

احتجاجات شعبية في رومانيا ضد محاولة الإفراج عن مسؤولين فاسدين

وزادت الكثافة المرورية على الطريق الرئيسي بالقرب من الطريق الجديد، بعد أن خرج مئات المؤيدين لحضور حفل افتتاح الطريق السريع المزعوم.

كما حضرت إلى الافتتاح أيضا وسائل إعلام وسيارات إسعاف وقوات دفاع مدني، تحسبا لوقوع أية حوادث، كما حلقت طائرة صغيرة فوق المنطقة وخلفها لافتة كبيرة تطالب بإنشاء طرق سريعة.

وصرخ مانداتشي لحظة قص الشريط:" أشعر أننا متحدون". "لم أعش لحظة بها مثل هذا التضامن بين جميع الرومانيين".

وصرخت الجماهير وهتفت أثناء قص شريط ما أطلقوا عليه "نصب تذكاري للطريق السريع".

ألقى حجرا في الماء الراكد

أطلق رجل الأعمال حملة قوية تحت شعار "رومانيا تريد طرقا سريعة" وطلب من المواطنين الاحتجاج معه والتوقف عن العمل لمدة 15 دقيقة، يوم الجمعة، عندما كان يفتتح طريقه.

وتسببت هذه الحملة في نقاشات جادة في جميع أنحاء البلاد.

يقول يونيت شيوريا، مدير منظمة غير حكومية تراقب مشاريع الطرق السريعة الرئيسية في رومانيا: "بدأ عدد متزايد من الناس في رومانيا، مواطنون عاديون وموظفون، في التفاعل مع الحملة".

ويضيف: "السياسيون في السلطة يقولون إنهم سيبنون ألف كيلومتر من الطرق السريعة في غضون خمس سنوات. هذا غير ممكن حتى مع أفضل القدرات التقنية".

وأشار إلى أن مانداتشي قد يحتاج إلى الانتظار لمدة 25 عاما لرؤية شبكة طرق سريعة "لائقة" في منطقته.

وبحسب شيوريا فإن الطرق السيئة تكلف الاقتصاد الروماني مليارات الدولارات كل عام. وقال: "تقديراتنا تشير إلى أن حوالي 2 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في رومانيا تضيع على الطرق، وهو رقم ضخم".

وانضم مسؤولون من جميع أنحاء البلاد إلى حملة مانداتشي الاحتجاجية "رومانيا تريد طرقا سريعة"، ومن بينهم رؤساء بلديات وشركات وحتى لاعبي كرة القدم.

وأغلقت شركة صناعة الأثاث الدانمركية JYSK، التي تمتلك 73 متجرا في رومانيا، أبوابها أمام العملاء في الوقت المحدد لافتتاح الطريق الرمزي.

وقال أليكس براتو، مدير الشركة الدنماركية في رومانيا: "عندما تكون جميع مناطق البلاد متصلة عبر طرق سريعة، فإن عملاءنا سيحصلون على منتجاتهم بشكل أسرع، مع انخفاض تكاليف التسليم".

وطوال عام 2018 افتتحت رومانيا 58 كم فقط من الطرق السريعة، كما غرق الكثير من المشروعات في فضائح فساد طوال السنوات الماضية.

في عام 2016، حصل طريق سريع جديد في جنوب ترانسيلفانيا على لقب "طريق العار"، حيث تم افتتاحه مرتين بعد ظهور عيوب تطلبت عمليات إصلاح فورية، ثم تقرر إزالته بعد عام واحد بسبب مخاوف متعلقة بالسلامة.

" الصبر بلغ منتهاه"

رومانيا لديها أيضا أعلى معدل وفيات بسبب حوادث الطرق في الاتحاد الأوروبي.

في عام 2017، سجلت رومانيا 98 حالة وفاة لكل مليون نسمة بسبب حوادث الطرق، وهو ضعف متوسط الاتحاد الأوروبي وأكثر من ثلاثة أضعاف مثيله في بريطانيا.

ويقول مانداتشي، الذي وضع سيارتين في حالة تصادم بجوار الطريق الجديد الذي افتتحه، كما أحضر أيضا سيارة إسعاف وسيارة موتى لتسليط الضوء على الطرق القاتلة في رومانيا: "يموت سنويا عدد من الناس أكثر من الذين ماتوا في ثورة 1989 (التي شهدتها رومانيا)".

وعلق رزفان كوك، وزير النقل في رومانيا، على طريق مانداتشي بأنه "غير قانوني بسبب عدم وجود تصاريح"، لكنه أخبر وسائل الإعلام المحلية أنه "يتفهم مخاوف مانداتشي".

وقال "لقد بلغ الصبر منتهاه".

ومع ذلك، فإن تفهم الوزير كوك لم يكن مرضيا لرجل الأعمال صاحب الطريق السريع.

ويقول مانداتشي: "لايكفي أن يفهم إحباطنا، وعليه أن يتصرف، لأننا نعرف جميعا المشكلة، نحن بحاجة إلى طرق سريعة".

وقبل وقت قصير من افتتاح الطريق السريع الرمزي، أعلنت الحكومة التي يقودها الحزب الاشتراكي الديمقراطي الحاكم في رومانيا أن وزير النقل قد سافر إلى مدينة باكاو حيث سيبدأ العمل على طريق مولدافيا السريع.

لكن ستيفان مانداتشي لا يزال متشككا. ويقول: "لا أرى أي شيء، ولا أرى موقع بناء".