> مقالات

‏زيادة العدوانية بين الأطفال -2-

كتب : د. نبيله شهاب |
‏زيادة العدوانية بين الأطفال -2-

بعد أن أصبحت العدوانية آفة وهاجس يشغل المجتمع ككل بكل مؤسساته وعلى رأسهم الأسرة والمدرسة ، ويعاني منه الكثيرين في مختلف الأعمار، أصبح من المهم ملاحظته والسيطرة عليه في مراحله الأولى لان التجارب بينت أن نسبة كبيرة من الراشدين الذين كانوا عدوانيين في طفولتهم استمر السلوك العدواني معهم حتى مراحل الشباب والرشد، حيث تصعب وتتعقد  الحلول وطرق السيطرة على هذه المشكلة.

‏بعد أن تناولنا دور الأسرة والبيت ،  فإن دور المدرسة لا يقل أهمية في المساهمة في ظهور السلوك العدواني وكذلك في المساهمة الكبيرة للحد منه والسيطرة عليه  عن دور الأسرة ، وهو دور لا يستهان به اطلاقاً.

‏يقضي الطفل في المدرسة ساعات طويلة ويختلط مع أقرانه ومعلميه وادارة المدرسة وجميع العاملين فيها ، على أن أكبر تفاعل  له يكون مع أقرانه ومعلميه، ونجد هنا أن شخصية الطفل تلعب دوراً رئيسياً في رسم خطوط العلاقة بينه وبين أقرانه بالدرجة الأولى ومعلميه.
‏فالطفل الانبساطي على سبيل المثال تفاؤله يجعله يضفي على مكان وجوده راحة وسعادة وان اختلفت درجاتها حسب امور كثيرة ونجده سريع في التقرب الى اقرانه وتكوين علاقات سواءً كانت علاقة صداقة أو زمالة، على الطرف الآخر نجد طفلا عدوانياً لا ينفك يزعج أقرانه أو يؤذيهم أو يسبهم أو يضربهم، وهذا الطفل على الرغم من سوء سلوكه للاسف نجد البعض ممن يحمل نفس شخصيته وتوجهه يلتف حوله ويشجعه ويسانده، وفي بعض الأحيان يصبحون كالعصابة داخل اسوار المدرسة، وهنا يكون للمدرسة وتحديدا المعلم والاختصاصي النفسي والاختصاصي الاجتماعي دورا مهما في معالجة مشكلة الطفلان (العدواني والمعنف ). 

‏حين يلاحظ المعلم  أو غيره سواء داخل الفصل أو خارجه أي سلوك عدواني  أو يشتكي له الطفل المعنف، لابد وان يُقرع جرس الانذار بالتعاون مع الاختصاصيان النفسي والاجتماعي وبالطبع باستشارة و دعم من ادارة المدرسة . حيث يجب ان يتكاتفوا ويتعاونوا على وضع خطة للتخلص من مشكلة العدوانية بعد دراسة حالة الطفل من جميع الجوانب النفسبة والاجتماعية ومن ضمنهم طبعا دراسة وضع الاسرة بشكل عام ووضع الطفل وترتيبه ونوع العلاقة بينه وبين الوالدان وبينه وبين اخوانه وأفراد الاسرة بشكل خاص. كما يجب دراسة وضعه داخل المدرسة وعلاقته بمعلميه واقرانه والآخرون.

‏اذا وجد المتخصصون أن المشكلة تقع داخل محيط البيت سواء كان أطرافها الوالدان أو أحدهما والطفل أو الاخوة والطفل فيجب أن يتم التواصل مع الاسرة والتعاون معها لوضع خطة واختيار أفضل الحلول الممكنة للتخلص من هذه المشكلة.

‏وقد تطلب المدرسة من الاسرة أن تستعين باستشاريين نفسيين واجتماعيين اذا كانت المشكلة داخل الاسرة خارج نطاق سيطرتهم او يجهلون كيفية التخلص منها. وقد تكون الحالة الاقتصادية المتدنية للأسرة  لها تأثير على الطفل وعلى تشكيل شخصيته، ولذلك يجب مساعدة الأسرة من قبل المسئولين عن ذلك .

‏و أحيانا تضطر المدرسة الى أن تطلب من السلطات المسئولة حماية الطفل اذا رأت أنه يتم ايذاءه جسديا أو نفسيا من قبل الأم او الأب أو كلاهما.

‏من منظور آخر .. قد يكون للمعلم او أي مسئول داخل المدرسة دوراً كبيرا في ظهور العدوانية، فالتفرقة  في المعاملة - وتحقير التلميذ - وعدم احترامه - وعدم تصديقه - او تقديره - ومنعه من التعبير عن ذاته - "ضرب الطفل"  وغيرها له دور كبير جداً في خلق طفل غاضب يتجه للعدوانية،  بدلا من أن يعتدي على المعلم أو على من آلمه وظلمه خوفا من العقاب ، يوجه وينقل غضبه لتلميذ ضعيف الشخصية لا يستطيع حماية نفسه أو الدفاع عنها فيمارس عليه عدوانيته باختلافها. 

‏و اذا تبين أن المشكلة من داخل المدرسة فيجب التعامل معها بصورة جدية عن طريق مساندة الطفل وانصافه وحمايته وتوجيه انذار او معاقبة المعلم أو من تسبب بالألم والأذى للطفل مما أدى الى تحوله الى طفل عدواني.

‏اما الخطوة الفعالة الأخرى والتي يجب أن تقوم بها المدرسة فهي اختيار أفضل الطرق والتي تناسب الطفلان في المساهمة ب :
‏رفع الثقة بالنفس -الشعور باهميتهم بصورة ايجابية داخل الجماعة - وحب مشاركة الاخرين -وتقبلهم - واحترامهم - السماح لهم بحرية التعبير بادب وهدوء - وحب المدرسة واحترام قوانينها وغيرها على حسب الحالة،
‏على سبيل المثال يقوم الاختصاصي بتكليف الطفل العدواني بالقيام بمساعدته وقت الفرصة على حل المشاكل الصغيرة او التنظيف والتنظيم ، وتكليف الطفل المعنف بمسئولية داخل  المكتبة وتدريجيا الطلب منه تنظيم الفصل وهكذا، وعند نقطة معينة يتم اختيار نشاط معين يتشارك فيه الطفل العدواني مع الطفل المعنف. هذه الأمور وغيرها يجب ان تتم في جو من المحبة والثقة والاحترام بين الجميع ويجب ان تتم بصورة تدريجية بحيث يتم الانتقال من مرحلة الى أخرى أكثر صعوبة منها حتى يتم التخلص من هذه المشكلة، وللأمانة سوف يكون التعامل مع الطفل العدواني أصعب ويحتاج حب وصبر أكثر من الطفل المعنف.

‏وتكريم الطفلان أمام المدرسة كذلك لحسن سلوكهم وتعاونهم وانجازهم اعمال اجتماعبة طلبت منهم خطوة مهمة جداً.

‏ومن المهم كذلك أن يتم مساعدة الطفل العدواني او المعنف دراسيا اذا كانوا يعانون من ضعف في الاداء، لان تحسن اداؤهم الدراسي له بالغ الاثر في زيادة ثقتهم بقدراتهم ومن ثم ثقتهم بالاخرين وحب ذاتهم ومن ثم يتحسن سلوكهم السلبي.

‏وهناك الكثير من الحلول  لمساعدة الأطفال على حل مشاكلهم والتي قد نجهلها، يعلمها المعلم والاختصاصي النفسي والاجتماعي ويبرع فيها  كذلك، وبالطبع بمساندة الادارة في المدرسة.
‏وتفهم الادارة لاحتياجات الاطفال والمشاكل التي تواجههم لها اكبر الاثر في التخلص من اي مشكلة سواء كانت دراسية او نفسية اجتماعية.

‏ويستمر الاختصاصيان النفسي والاجتماعي بمتابعة تطور الحالات مع الوالدان ومع المعلمين.
‏ويجب على الجميع أن بتوقع حالات النكوص او عودة المشكلة مؤقتاً فلا يجب أن يجزعوا أو يشعروا بالإحباط وبفشل الخطة بل يجب أن يحتووا الموقف ولا يولونه أهمية كبيرة على الاقل امام الطفل ويستمروا في خطتهم بتركيز أكبر. ويجب أن يكون المعلمين متواجدين دائما مع الاطفال وعلى أهبة الاستعداد لمنع اي شغب وحل اي مشكلة تقع بين التلاميذ والطلاب. وقبل كل شيء يجب ان تحرص المدرسة على أن لا يحضر التلاميذ معهم أدوات حادة أو مؤذية.

‏على قدر الاهتمام بجعل جو المدرسة جواً ايجابياً مشبعاً بالحب والسعادة والتعاون والاحترام والانجاز تتضاءل اي مشكلة وتنصهر امام ذلك.

‏د. نبيله شهاب
‏⁦‪@ns_sunshine4

عدد الزيارات : 3060 زيارة

كل التعليقات

    لا توجد تعليقات علي هذا الموضوع

اضف تعليق