> مقالات

‏زيادة العدوانية بين الأطفال -٣-

كتب : د. نبيله شهاب |
‏زيادة العدوانية بين الأطفال -٣-

تبذل الدول على اختلاف حضاراتها وقدراتها الاقتصادية ودرجة تطورها ونموها جهداً واضحاً في محاربة المشاكل التي يعاني منها الأطفال لأن هؤلاء الأطفال هم غرس المستقبل لجيل واعي متعلم يُعتمد عليه قادر على المساهمة الفعالة في بناء المجتمع والمساهمة الفعلية في مسيرة التنمية لأي مجتمع كان.

‏فالى جانب دور الأسرة والمدرسة في مشكلة العدوانية عند الأطفال وكيفية التعامل معها كما سبق ذكره في المقالين السابقين، نجد أن المجتمع وهو المظلة الكبيرة والذي ينتمي له الجميع هو من ينظم كل شيء ويجب عليه أن يكون مسئولاً مسئولية كاملة عن نمو الأطفال النمو السليم بدنيا وحركيا وعقليا واجتماعيا ونفسيا من خلال مؤسساته المختلفة ومنها البيت والأسرة.
‏ومن هذا المنطلق يجب على الدولة توفير كافة احتياجات الطفل في سبيل نموه السليم في جميع المجالات سابقة الذكر.

‏وأهم ما يجب أن تقوم به الدولة هو توفير أماكن ترفيهية تنموية اجتماعية جميلة مبهجة، يقضي فيها الأطفال والمراهقين والشباب  أوقاتهم، ويفضل أن يستقبلهم بشكل يومي قدر الإمكان. مكان يحتوي على ألعاب ذهنية وملاعب وأجهزة رياضية فيه يمارس أنشطته الرياضية ويتحدث ويلعب مع الآخرين من نفس عمره ويتعلم المشاركة والتعاون وكيفية تطوير نفسه وكيفية خدمة مجتمعه، وبذلك نقضي على الفراغ الذي قد يعاني منه أغلبهم، والأهم من ذلك هو قيام الطفل بممارسة رياضة أو عمل هو يحبه مما يقلل من توتره  ويدخل السرور لقلبه.

‏برامج التواصل الاجتماعي على الطرف الآخر على أهميتها إلا أنها قد تكون برامج هدامة لها أسوأ تأثير على الطفل إذا لم يكن هناك اختيار جيد وتنظيم لاستخدامها من قبل الدولة والأسرة على السواء. وللأسف حالياً وفي مجتمعنا وغيره نجد أن الكثير من الأطفال يتعلمون السلوك العدواني منها ويمارسونه من خلالها ومن ثم يقوم البعض منهم بنقله وتطبيق ما تعلموه على الاطفال الآخرين.
‏تقع المسئولية هنا بالدرجة الاولى على الدولة والمجتمع حيث أنه يجب أن تتحكم بما يصل للطفل وما يجب أن تمنعه عنه وهذا ما تقوم به المجتمعات المتقدمة حيث نجد أن الدولة تتدخل حتى في نوعية الأطعمة التي يتناولها الأطفال، ولا نلغي هنا دور الأسرة الكبير في ذلك أبداً حيث يجب عليها تنظيم الاستعمال والاختيار ومراقبة مايمارسه الطفل ويراه مع نصحه وتوجيهه.

‏أما الدور الإعلامي متضافراً مع المؤسسات الدينية والاجتماعية فلا أحد يمكن تجاهل أهميته القصوى في نشر الايجابيات من سلوك والتنبيه والتحذير من المخاطر والمشاكل التي تنتج عن السلوك العدواني وغيره.

‏لا خلاف على أنه يجب أن تتعاون كافة مؤسسات الدولة في إنجاح الخطط الموضوعة  لبناء الانسان والتي تبدأ بالطفل.
‏وعليه فمن الأفضل على سبيل المثال أن يتعلم الطفل كل ما يحتاجه من علوم دراسية ويقوم بكافة واجباته داخل المدرسة فقط،  وحين يعود للمنزل يمارس النشاط الاجتماعي ويعيش حياته كطفل يلعب ويلهو،  وهذا ليس بالشيء الصعب لو تم تنظيم العملية ، من تجربة فنلنده أو غيرها على سبيل المثال وهي من أفضل الدول في التعليم  يمضي الطفل في المدرسة ساعات قليلة ويعود للبيت ليمارس أنشطته الأخرى بعيداً عن الدراسة بدون أي واجبات أو مسئوليات دراسية.
‏هنا يستطيع الذهاب الى الأماكن الي توفرها الدولة له لممارسة هواياته وبناء عقله وبدنه بطرق وأساليب تربوية وتعليمية مسلية تدخل السعادة على قلبه وتبعده عن الضغوط وتخلصه منها مما يكون له بالغ الأثر في القضاء على أي سلوك سلبي كالعدوانية وغيرها.

‏ومن المهم كذلك أن توفر الدولة الاستشاريين النفسيين والاجتماعيين لمساعدة الطفل على التخلص من العدوانية وتقديم المشورة كذلك للوالدين عن كيفية المساهمة في مساعدة الطفل على ذلك.

‏الحلول كثيرة وتتفاوت حسب إمكانيات المجتمع لكن مالا خلاف عليه هو أهمية التخلص من هذه المشكلة لأن تأثيراتها وخيمة على الطفل  وعلى المجتمع ككل.

‏د. نبيله شهاب
‏⁦‪@ns_sunshine4

عدد الزيارات : 1599 زيارة

كل التعليقات

    لا توجد تعليقات علي هذا الموضوع

اضف تعليق