تدور في فرنسا معركة قضائية محورها ديك اسمه "موريس" أزعج صياحه جيران صاحبته في جزيرة أوليرو الواقعة جنوب غربي البلاد.
ولم يكن "موريس" شخصيا حاضرا جلسات المحكمة التي انعقدت في مدينة روشفور غربي فرنسا، كما غاب عن الجلسات متهماه وهما زوجان متقاعدان يمتلكان مسكنا في تلك الجزيرة الجميلة يستخدماه في الإجازات.
ويقول الزوجان إن صياح موريس يوقظهما من النوم في حوالي الساعة السادسة والنصف من فجر كل يوم.
لكن أنصار الديك كانوا حاضرين، ونظموا اعتصاما خارج دار المحكمة منهم دجاجة اسمها بومبادور وديك عملاق اسمه جان-رينيه.
واسترعت الدعوى انتباه الكثيرين ليس لأن الديك هو أحد الرموز الوطنية الفرنسية فحسب، بل كذلك لأن كثيرين اعتبروا شكوى الزوجين بمثابة هجوم على الأصوات المرتبطة بالريف وطريقة الحياة فيه.
ولكن محامي الزوجين رفض وصف الدعوى القضائية بأنها معركة بين برجوازيين من جهة وسكان الأرياف من جهة أخرى.
وتتمحور مرافعات المحكمة حول ما اذا كان صحيحا وصف القرية التي يقيم فيها موريس في جزيرة أوليرو الواقعة في المحيط الأطلسي على مقربة من ساحل فرنسا الغربي بأنها جزء من الريف أم لا.
ويبلغ عدد سكان الجزيرة الأصليين نحو 7 آلاف نسمة، ولكن هذا الرقم يرتفع إلى 35 ألف في موسم الصيف.
ونقلت وكالة فرانس برس عن المحامي فانسون أوبردو قوله "يعيش موكلاي في شقة سكنية، وليس في الريف".
أما صاحبة الديك موريس، كورين فيسو، والتي تقيم في أوليرو منذ حوالي 35 سنة، فقالت للإذاعة الفرنسية إنها أجبرت على حبسه ليلا في قفص كست جدرانه بعلب البيض لحجب الضوء عنه ومنعه من الصياح، ولكن محاولاتها باءت بالفشل الذريع.
وقال محامي فيسو، جوليان بابينو "من 40 جارا، لم يشتك من صياح موريس إلا هذان العجوزان".
ودافعت فيسو من جانبها عن حق موريس في الصياح، وقالت "إنه يصيح وأنا أرى أن ذلك شيء عظيم. عاشت الطبيعة!"
يذكر أن التوترات بين سكان الأرياف والساعين إلى قضاء إجازاتهم فيها ليست بالشيء الجديد في الريف الفرنسي، ولكن قضية موريس اكتسبت شهرة استثنائية.
فكريستوف سويو، عمدة بلدة سانت بيير دوليرو التي يسكنها موريس وصاحبته، قال في تصريح لفرانس برس في الشهر الماضي "اليوم يطاردون الديك، ولكن ما الذي سيطاردونه غدا؟ نوارس البحر؟ عصف الريح؟ أم اللهجة التي نتخاطب بها؟"
ومن المفيد أن نتذكر أن فجوة الثراء المتسعة بين أرياف فرنسا ومدنها كانت سببا جوهريا لاحتجاجات "الستر الصفراء" التي هزت البلاد منذ انطلاقها في تشرين الثاني / نوفمبر الماضي.
وكان موريس، الذي يمتلك حسابا خاصا به في فيسبوك، قد ظهر في صورة نشرت في ذلك الشهر وهو يرتدي سترة صفراء "تضامنا" مع المحتجين.
وأثارت الدعوى غضبا واسعا، إذ كتب برونو ديونيس دو سيجور، عمدة قرية غاجاك، رسالة مفتوحة حانقة في أيار / مايو الماضي دافع فيها عن حق أجراس الكنائس في أن تقرع والأبقار في أن تخور والحمير في أن تنهق في كل أرجاء الريف الفرنسي، وجاء في رسالته "عندما أذهب إلى المدينة، لا أطلب من ساكنيها أن يزيلوا مصابيح المرور وأن يمنعوا السيارات".
وقال في رسالته أيضا "إن الذين لم يخبروا بعد حياة الريف والذين يشكون من أصواته وروائحه، كالحمقى الذين يكتشفون أن البيض لا ينمو على الأشجار".
وكان ديونيس دو سيجور قد طلب من الحكومة الفرنسية اعتبار أصوات الريف جزءا من الإرث الوطني للبلاد، مما قد يؤدي إلى شمولها بالحماية باعتبارها تراثا عالميا "لا يمكن المساس به" على قائمة منظمة الأمم المتحدة للثقافة والفنون اليونسكو.