> اقتصاد

رواندا تقف بوجه أميركا.. اقتصادياً


رواندا تقف بوجه أميركا.. اقتصادياً

تحاول الدولة الصغيرة الواقعة في شرق إفريقيا إيجاد مخرج من الاضطرابات التي تفرضها الساحة الدولية، وتحاول رسم مسارها في المياه العالمية العكرة، حيث غمر الصمت المضطرب سوق Kimironko النابض بالحياة في مدينة Kigali عاصمة رواندا، ويكثر الحديث حول الاستقرار السياسي والاجتماعي في شرق إفريقيا، وبالرغم من كل هذه التداعيات إلا أن الاقتصاد الرواندي يعد اليوم واحد من أسرع الاقتصاديات نمواً في إفريقيا، فما هي أهم الاستراتيجيات المتبعة من قبل الحكومة الرواندية؟ التعريفة الجمركية كانت الحكومة تنظم بقوة دخول الملابس والأحذية المستعملة والتي كانت في وقت سابق تعد المصدر الأساسي في الاقتصاد الرواندي، إلا أن الضرائب المرتفعة كانت العائق الكبير أمام هذه التجارة، وفق موقع downtoearth الاقتصادي، حيث شهدت الضرائب ارتفاعا تدريجيا على هذه البضائع منذ 2016/2017 من 0.20 دولار إلى 2.50 دولار للكيلوغرام ثم إلى 4 دولارات في السنة المالية الجارية، وقفزت التعريفة على الأحذية المستعملة من 0.20 دولار إلى 5 دولارات، في الوقت نفسه شددت الحكومة من المراقبة على طول الحدود التي يسهل اختراقها مع أوغندا وجمهورية الكونغو الديمقراطية والتي تعد من بين كبار مستوردي الملابس المستعملة في أفريقيا. الناتج المحلي الإجمالي بلغ 9.51 مليار دولار في 2018 وأكد التجار الروانديين أن التعريفة المرتفعة جعلت البضائع باهظة الثمن لدرجة أن تكلفة الملابس المستعملة الآن تبلغ 422 دولارًا مقارنة بـ 56 دولارًا قبل عامين، كما أن نقل هذه التكلفة إلى العملاء سوف يؤدي إلى تكبد خسائر فادحة. عدوى الحرب التجارية خارج البلاد هزت الرسوم الجمركية المرتفعة على الملابس المستعملة الولايات المتحدة كأكبر اقتصاد في العالم في أوائل عام 2017، بعد أسابيع فقط من أداء Donald Trump اليمين الدستورية كرئيس للبلاد، قامت جمعية المواد الثانوية والمنسوجات المعاد تدويرها (Smart) بالطعن أمام الحكومة ضد الجهود المبذولة في شرق إفريقيا للتخلص التدريجي من واردات الملابس المستعملة، حيث تدعي أن المنطقة تمثل خمس إجمالي صادرات الولايات المتحدة من الملابس المستعملة، وبالتالي سيكلف الحظر 40 ألف وظيفة في الولايات المتحدة وانخفاض التصدير السنوي بـ 147 مليون دولار. رداً على ذلك أصدر Trump أولاً تهديدات لرواندا ثم علق امتيازاتها المعفاة من الرسوم على الملابس المصنوعة محلياً بموجب قانون النمو والفرص في أفريقيا (AGOA)، حيث تسمح اتفاقية التجارة التفضيلية بين الولايات المتحدة و 44 دولة إفريقية للأخيرة ببيع 6400 سلعة في سوق الولايات المتحدة دون دفع رسوم الاستيراد التي يجب على معظم الدول دفعها ودون الخضوع لقيود حصص الاستيراد. تسببت إجراءات Trump في خسارة الحكومة الرواندية ما لا يقل عن 1.5 مليون دولار سنويًا من عائدات التصدير، وهو هذا مبلغ ضخم لبلد لديه موارد طبيعية قليلة ويعتمد بشدة على التجارة، ولكن رواندا قررت الصمود. الاقتصاد الدائري وصف الرئيس Kagame خسائر الحرب التجارية بأنها «قصيرة الأجل» وأكد بأن حكومته مصرة على قرارها، فبالرغم من العقبات التي تعيشها رواندا إلا أن الناتج المحلي الإجمالي للبلاد ظل ينمو بشكل مطرد بنسبة 7% خلال العقدين الماضيين، وهي اليوم واحدة من أسرع الاقتصاديات نمواً في إفريقيا. تهدف الحكومة الآن إلى تحويل رواندا إلى دولة ذات دخل متوسط مرتفع بحلول عام 2035، وتعتقد الحكومة أن إزالة الملابس والأحذية المستعملة الرخيصة من السوق المحلية هي الطريقة الوحيدة لحماية مصنعي النسيج والجلود المحليين لديها من المنافسة غير العادلة، وبالتالي تعزيز اقتصاد البلد. خطة مشتركة قدمت البلدان المجاورة لرواندا رؤية اقتصادية من خلال تشكيل جماعة شرق أفريقيا (EAC) والتي بدأت تظهر كسوق واحدة، وتتمثل هذه البلدان في: كينيا، أوغندا، تنزانيا بوروندي وجنوب السودان، وفي هذا الصدد صدر تقرير عن الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية غير الهادفة للربح سنة 2017 أكد مشاركة (EAC) بما نسبته %12.5 من الواردات العالمية من الملابس المستعملة بقيمة 274 مليون دولار في عام 2015. استراتيجية تنموية في عام 2016 وتحت قيادة Kagame الذي يشغل أيضًا منصب رئيس EAC أعدت هذه الدول استراتيجية تنمية طويلة الأجل، بعنوان: «Vision 2050«، حيث تطلبت منهم تعزيز قطاع التصنيع المحلي جنبا إلى جنب مع رواندا، كما تعهدت بقية بلدان EAC بالتخلص التدريجي من الملابس المستعملة بحلول عام 2019، والتي يعتقدون أنها وجهت ضربة قاسية لصناعات النسيج والجلود التي كانت مزدهرة ذات يوم. ساهمت هذه الاستراتيجية في تطوير اقتصاديات افريقيا، حيث قامت كل من رواندا وكينيا بتصدير سلع بقيمة 43 مليون دولار و 410 ملايين دولار على التوالي إلى الولايات المتحدة الأمريكية سنة 2017، كما وتعتبر هذه البلدان رائدة في المواد الخام اللازمة لصناعة النسيج، فعلى سبيل المثال تشتهر رواندا بصناعة الحرير الناعم، كما لا تزال تنزانيا أحد أكبر منتجي القطن في إفريقيا، لكن خبراء الصناعة يقولون إن معظم القطن المنتج في EAC يذهب إلى آسيا حيث يتم نسجه وتحويله إلى ملابس وشحنه إلى الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. * دكتوراه في الاقتصاد والتأمينات والبنوك 



عدد الزيارات : 1854 زيارة

كل التعليقات

    لا توجد تعليقات علي هذا الموضوع

اضف تعليق