> مقالات

لغة الحوار .. "سبني وأسبك" !!

كتب : د. نبيله شهاب |
لغة الحوار ..


‏باستعراض سريع لما يدور حولنا بدأنا نعي جيداً أننا في أزمة أخلاق بكل معانيها، الإخلاص في القول والعمل أصبح نادراً ومن يتسم به للأسف لا يجد أي تقدير لا بل يُحارب من قبل الآخرين، والأزمة في لغة الحوار والكلام أزمة حقيقية ونراها تتفاقم وتتسع الهوة بين الحوار الهاديء العقلاني الموضوعي وبين التهجم على الآخرين والتطاول والذاتية في الفهم و الكلام ومن ثم ردود الأفعال.

‏كنا نقول أن الأطفال يأتوننا بالكلمات الغير مقبولة من المدرسة أو الشارع ، لكن ما هو تفسير سلوك الكبار (عمراً) والذين انتخبهم الشعب كي يمثلوه حيث نجد لغة الحديث متدنية ولغة الحوار معدومة واللغة المستخدمة مليئة بالمفردات السيئة وللاسف يصل بعضها الى التدني الاخلاقي في اللفظ  والى السباب، لا يوجد احترام لبعضهم البعض ولا للمكان الذي يعملون به ولا للشعب الذي انتخبهم لتمثيله، ونحن لا نستخدم التعميم في ذلك فهناك من يتسم بقمة الأخلاق والرقي والموضوعية في الحديث والتعامل وفي الحوار الهاديء العقلاني الراقي الرزين.

‏و هذا المسئول أو الموظف الذي يخاطب المراجعين بتعالي وبلهجة خالية من الاحترام ويشعرهم أنه يتفضل عليهم. 

‏والمدرس الذي لا يحترم طلبته ويتطاول عليهم وقد تصل بالبعض منهم الى سب الطلبة وتحقيرهم ومن ثم تحطيم الروح المعنوية لديهم  والحد من احترام الذات و الثقة بالنفس وقتل الدافع للتعلم والانجاز .

‏والأمثلة للأسف في هذا المجال لا تعد ولا تحصى !!

‏و للأسف الشديد بعض الآباء يغرس داخل الطفل مفاهيم سلبية وأساليب خاطئة لمعالجة أي مشكلة وطرق سيئة للتعامل مع الآخرين سواءً بالتعلم والتوجيه المباشر والتشجيع عليه أو التعلم الغير مباشر عن طريق تقليد أحد الوالدين أو كلاهما، فهذا الأب الذي يشجع طفله ويوجهه الى التصادم مع الآخرين وخاصة من يخالفه الرأي، ومحاولة اثبات الذات عن طريق "هزيمة" الطرف الآخر لهو الأخطر على اكتساب الطفل الأسلوب الخاطيء للتعامل مع الآخرين ، والأب الذي يستخدم الكلمات المتدنية والشتم والتحقير مع طفله من الطبيعي أن يكتسب الطفل هذا الاسلوب في التعامل ويمارسه مع الآخرين .

‏ما العمل؟؟ 
‏كيف لنا أن نعدل سلوكيات سيئة وطريق كلام غير مقبولة والتي قد تصل الى أدنى مستوى من الإنحدار وتصل الى قلة التهذيب ، كيف نتمكن من التخلص من هذه المشكلة التي بدأت تتفاقم وبشكل واضح  لا يحكمها دين ولا عمر ولا طبقة اجتماعية ولا مركز ولا عادات وتقاليد كأنها مارد يخرج من قمقم الفوضى والخراب. 

‏نستطيع أن نغرس في أطفالنا العادات الحسنة ونربيهم على احترام الآخرين واحترام وجهات نظرهم ومعتقداتهم وخصوصيتهم وحرية تعاملهم مع أي موقف بالطريقة التي تناسبهم تحت مظلة المعايير والقيم المقبولة اجتماعيا. ونوجههم الى استخدام أفضل أساليب الحوار مع الآخرين وتقبل وجهات نظرهم بكل أريحية واحترام حتى لو اختلفوا معهم . 

‏ومن المهم كذلك ألا نقبل أن نسمع منهم ألفاظاً وكلمات متدنية وغير مقبولة ويجب علينا أن نغنى مفرداتهم بالكلمات الحسنة الجيدة و الايجابية المهذبة والتي تبني ولاتهدم، ونشجعهم على اكتسابها واستخدامها مع الآخرين.

‏والأهم من كل شي أن نربي أنفسنا ونهذب سلوكياتنا وننتقي من الكلام أحسنه ومن جميل القول أرقاه ومن الحوار أكثره تقبلاً و احتراما للآخرين وأكثره هدوءاً وعقلانية، ومن ثم نقم بدور الناصح لمن يحتاج النصيحة ..

‏باختصار لو كل منا هذب نفسه واستخدم أفضل أسلوب للحديث مع الآخرين دون استثناء والمبني على  الهدوء والأدب والاحترام سوف تنتهي هذه المشكلة القبيحة السيئة ويسود الاحترام والمحبة بين أفراد المجتمع ..

‏د. نبيله شهاب
‏ns_sunshine4

عدد الزيارات : 2361 زيارة

كل التعليقات

    لا توجد تعليقات علي هذا الموضوع

اضف تعليق