> اقتصاد

كيف أصبحت «إيرباص» أكبر منافس لـ«بوينغ»؟


كيف أصبحت «إيرباص» أكبر منافس لـ«بوينغ»؟

مصطفى عرندس -  «إيرباص» مقابل «بوينغ» هي واحدة من المنافسات الكبرى في مجال الأعمال اليوم، مثل كوكاكولا مقابل بيبسي وفورد مقابل جنرال موتورز، في هذه الأيام ، إذا كنت ستسافر بالطائرة، فمن المؤكد أنك ستسافر على طائرة من طراز «إيرباص» أو «بوينغ»، وفقاً لصحيفة «بيزنس انسايدر» الاقتصادية. قبل بضعة عقود قصيرة ، كان عالم الطيران التجاري مليئًا بأسماء كبيرة مثل «ماكدونيل دوغلاس» ، و«بي إيه إي» ، و«ساب» ، و«لوكهيد» ، و«فوكر» ، وحتى «كونفير» ، إلى جانب شركة «بوينغ» القديمة. وعلى الرغم من بروز شركة «إيرباص»، فإن شركة بوينغ هي شركة أكبر سناً وأكثر رسوخاً، حيث تأسست شركة بوينغ عام 1916 ، وهي الآن أكبر مصدر صناعي لأمريكا. أما بالنسبة لشركة «إيرباص» فيعود تاريخها إلى اتفاق تم توقيعه في يوليو 1967 من قبل الحكومات الفرنسية والألمانية والبريطانية لتعزيز تعاونهم في مجال تكنولوجيا الطيران. يتضمن الاتفاق بندًا دعا الحكومات إلى «اتخاذ التدابير المناسبة لتطوير وإنتاج طائرة إيرباص». في ذلك الوقت ، كانت الشركات الأمريكية تنمو بقوة وتأثير في جميع أنحاء العالم، وكان المصنعون الأوروبيون، الذين كانوا يوما ما رواد في مجال الطيران التجاري في مجال الابتكار، يشعرون بالضيق. كيف أنشأت شركة «إيرباص» قبل خمسين عاماً، في معرض باريس الجوي، وقع وزير النقل الفرنسي ووزير الاقتصاد الألماني اتفاقية غيرت تاريخ صناعة الطيران. كان ذلك في عام 1969 عندما برزت الحاجة في أوروبا إلى طائرة ركاب أصغر وأخف وزناً وأكثر فعالية من حيث التكلفة من منافساتها الأميركيات، وبعد خمس سنوات، وُلدت طائرة إيرباص 300 بي2 «A300B2»، وهي طائرة بمحركين للرحلات قصيرة إلى متوسطة المدى، على الرغم من المخاوف المتعلقة بالسلامة في عصر كان فيه تزويد الطائرة بثلاثة محركات هو الحد الأدنى القياسي. استمرت المجموعة تحقق تقدماً تلو الآخر وصولاً حتى 2019، ليُحتفى بإيرباص بصفتها إحدى ثمار التعاون الأوروبي، بعد أن تربعت على قمة الطيران المدني العالمي إلى جانب بوينغ. واليوم، في جميع أنحاء العالم، تقلع طائرة إيرباص أو تهبط كل ثانيتين. وهي تنتج الآن طائرات ركاب مختلفة الأحجام وصولاً إلى طائرة الجمبو إيرباص A380 والمروحيات والطائرات الحربية، وتشارك حتى في استكشاف الفضاء. لم يخل تاريخها من انتكاسات ولم تسلم من الاضطرابات السياسية ومشكلات الإنتاج، لكن إدارة إيرباص تعتقد أنها تستطيع أن تتطلع بثقة إلى نصف القرن المقبل. وقال الرئيس التنفيذي غيوم فوري الذي حل في أبريل محل توم إندرز: «تنتج إيرباص نصف الطائرات التجارية الكبرى في العالم ولديها فروع مزدهرة للطائرات المروحية والعسكرية والصناعات الفضائية. لدينا 130 ألف موظف من أصحاب المهارات العالية على مستوى العالم هم محرك قوي للإنتاجية والصادرات والابتكار في أوروبا». سلمت الشركة آخر ألف طائرة في خلال 30 شهراً فقط. وهذا إنجاز مذهل عندما تعرف أنها استغرقت في الفترة الأولى من نشأتها، ما يقرب من عشرين عاماً لإنتاج ألف طائرة. واجهت انتقادات حول كيفية تطويرها أنظمة مثل التحكم الكهربائي الإلكتروني بالطائرة، التي تعمل على تحسين قيادة الطائرة وتمنع الطيارين من القيام بمناورات تتجاوز حدود الأداء. بصرف النظر عن التقدم التكنولوجي، كان التفوق على الصناعة الأميركية مكوناً رئيسياً في إنشاء العملاق العالمي. تركت طائرة إيرباص 300 انطباعاً قوياً لدى فرانك بورمان، رائد الفضاء السابق في برنامج أبولو الذي ترأس شركة إيسترن إير لاينز الجوية وأيد فكرة شراء المزيد من الطائرات الاقتصادية. إيرباص 320: العمود الفقري للشركة في عام 1984، طرحت الشركة طائرة إيرباص A320 للرحلات متوسطة المدى ذات الممر الواحد متحدية بوينغ التي كانت حتى ذلك الحين تسيطر على الجزء الأكبر في سوق الطيران المدني. مهدت الطائرة الطريق لطائرة إيرباص 320 نيو (A320neo) الأكثر كفاءة في استهلاك الوقود والتي أصبحت العمود الفقري للشركة، ما عزز من قبضتها على قطاع السوق الرئيسي بعد منع تحليق طائرات بوينغ 737 ماكس عقب كارثتي أكتوبر 2018 وآذار/مارس الماضي. على الرغم من فشل الصفقة مع شركة الدفاع البريطانية بريتش أيروسبايس سيستمز في عام 2012، عززت شراكة إيرباص مع الكندية بومبارديه عام 2018 موقعها كقوة عالمية. لا تزال فرنسا وألمانيا تملكان 11 في المائة من أسهم شركة إيرباص من خلال شركتين قابضتين في حين تملك الحكومة الإسبانية حصة أصغر تبلغ 4 في المائة. ويتم تداول بقية الأسهم في البورصة. مشكلات واجهت الشركة لكن الإنتاج لم يكن على الدوام سلساً. إذ أعلنت الشركة في يناير أنها ستلغي إنتاج طائرة الركاب العملاقة إيرباص 380 بحلول عام 2021 بسبب نقص الطلب عليها. لقد لقيت الطائرة ذات الطابقين استحساناً لدى الركاب لكنها فشلت في جذب ما يكفي من شركات الطيران لتبرير تكاليفها الهائلة. كما واجه بعض كبار العملاء مشكلات أيضاً حيث واجهت بعض شركات الطيران صعوبات مالية ومنها النروجية ثالث أكبر شركة طيران أوروبية منخفضة التكلفة التي أخرت تسلم طائرات إيرباص وبوينغ 737 ماكس التي طلبتها. وأعلنت الشركة في أبريل عن انخفاض صافي أرباح الربع الأول بنسبة 86 في المئة مقارنة بنفس الفترة من عام 2018 إلى 40 مليون يورو (45 مليون دولار). وتخضع إيرباص أيضاً للتحقيق في فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة بعد الكشف عن مخالفات في المعاملات في عام 2016، بينما هدد الرئيس الأميركي دونالد ترامب الاتحاد الأوروبي بتعريفات جديدة إذا لم ينهِ الدعم الحكومي المقدم إلى إيرباص. لكن المحللين يرون أن لدى إيرباص فرصة للاستفادة من سوق الطيران المزدهر خصوصاً في آسيا ومن منع تحليق 737 ماكس بعد حادثتي الخطوط الجوية الإثيوبية ولايون إير الأندونيسية. وأكد غيوم فوري إن الشركة تهدف إلى مواصلة الريادة في الابتكار في قطاع الطيران. وقال إن "صناعة الفضاء تقف على أعتاب ثورة تكنولوجية لا تضاهي أي شيء عرفته في تاريخها". وأضاف يجب أن يطمح قطاع الطيران والفضاء الأوروبي لقيادة هذه الثورة القادمة في الابتكار والانتقال إلى قطاع طيران أكثر استدامة. خسائر 737 ماكس تنعش سوق إيرباص وفيما يمكن وصفه مصائب قوم عند قوم فوائد، يرى المحللون أن لدى إيرباص فرصة للاستفادة من سوق الطيران المزدهرة، خصوصاً في آسيا، ومن منع تحليق 737 ماكس بعد حادثتي الخطوط الجوية الإثيوبية ولايون إير الإندونيسية. وبالفعل وقَّعت إيرباص، مارس الماضي، صفقة بعشرات المليارات من الدولارات لبيع 300 طائرة إلى الصين في إطار حزمة تجارية تزامنت مع زيارة الرئيس الصيني شي جين بينغ، إلى أوروبا، وهو ما يمثل رقماً قياسياً لطلبيات الطائرات الصينية كانت تحمله منافستها بوينغ. وتشمل الصفقة المبرمة بين إيرباص ووكالة المشتريات الحكومية الصينية، شركة توريدات الطيران الصينية القابضة، 290 طائرة من طراز A320 وعشر طراز A350 كبيرة الحجم. وقال مسؤولون فرنسيون إن الصفقة تساوي نحو 30 مليار يورو بالأسعار المعلنة، وعادة ما يقدم صناع الطائرات تخفيضات كبيرة. الإعانات استمرت البوينغ بالاحتجاج دائما على مدى حصول إيرباص على إعانات في شكل قروض، بينما فرنسا تناقش ذلك بأن البوينغ تتلقى إعانات غير قانونية من خلال الجيش الأميركي وعقود الأبحاث والإعفاءات الضريبية. في عام 2004 اتهم هاري ستونسيفر - المدير التنفيذي للبوينغ - إيرباص بالإساءة لاتفاقية الثنائية المبرمة ما بين الاتحاد الأوربي والولايات المتحدة عام 1992 وذلك بالحصول بانتظام على دعم من الحكومات لعمل الطائرات المدنية الضخمة. الحكومات الأوربية تدفع لإيرباص تعويضات خسائر الاستثمار مع ارجاع الأموال محملة بالأرباح، بالإضافة إلى الحقوق غير المحددة إذا حصل للطائرة نجاح تجاري. إيرباص تدعي بأنها منذ التوقيع على الاتفاقية الأوربية الأمريكية عام 92 فإنها اعادت للحكومات الأوربية أكثر من 6.7 مليار دولار وهو مايعني 40 % زيادة عن المبلغ الذي استلمته. وتقول الإيرباص بأن العقود العسكرية الممنوحة للبوينغ (وهي ثاني أكبر مقاول عسكري للولايات المتحدة) هي شكل من أشكال الدعم، فالدعم الضخم الذي تقدمه الحكومة الأمريكية لتطوير التقنية من خلال وكالة ناسا هي أيضا تعطي دعم ضخم للبوينغ، وكذلك الإعفاءات الضريبية الضخمة المقدمة لبوينغ وهي بحسب البعض بأنه انتهاك لاتفاقية 1992 وقوانين منظمة التجارة العالمية. بإنتاجها الحالي من 787 فإن البوينغ حصلت على اعانات مادية قوية من الحكومات المحلية والحكومة المركزية. في يناير من عام 2005 اتفق الممثلين التجاريين للولايات المتحدة روبرت زوليك والإتحاد الأوربي بيتر ماندلسون، اتفقا على اجراء محادثات لحل المشاكل المتزايدة، ولكن تلك المحادثات لم تكن بالنجاح لحل النزاع بل ازدادت حدة بدلا من الوصول إلى تسوية.



عدد الزيارات : 1536 زيارة

كل التعليقات

    لا توجد تعليقات علي هذا الموضوع

اضف تعليق