> مقالات

كويتية ام سويسرية

كتب : ناصر العبدلي |
كويتية ام سويسرية

الديمقراطية ومضامينها الثقافية والإجتماعية ( الحرية ، العدالة الإجتماعية ) ليست إنتخابات برلمانية فقط كما يعتقد البعض ، بل هي أعرض من ذلك بكثير ، فهي نمط حياة علينا الإعتراف بكل مضامينه ، وإفساح المجال أمام مؤسساته لأننا
بدونها لن نستطيع تجسيد مفاهيم الديمقراطية . الأساس في فكرة الديمقراطية هي الثقافة التي تقوم عليها الفكرة ، وأتذكر في زيارة لسمو رئيس مجلس الوزراء السابق الشيخ ناصر المحمد عندما كان وزيرا للديوان الأميري مع مجموعة من أعضاء مجلس إدارة جمعية تنمية الديمقراطية كان جالسا صدفة المستشار عبدالرحمن العتيقي ، وقد بادرني حينها بالسؤال التالي " هل من الممكن أن يكون لدينا ديمقراطية شبيهه بالديمقراطية السويسرية .. ؟ ، فقلت من الممكن بشرط أن يكون لدينا شعب
شبيه بالشعب السويسري .
إذن الثقافة الشعبية شرط من شروط الديمقراطية ، فإن كانت تلك الثقافة متواءمة مع الفكرة سيكون من السهل تدشين ديمقراطية حقيقية مكتملة الأركان،أماإذالمتكنتلكالثقافةمتفاهمةمع الفكرة ، من الصعب حشرها وسط الثقافة السائدة حشرا ، لأنها حينئذ ستكون بلا أرجل ، وهو ماحدث في بلدان عربية كثيرة عند إستقلالها من
قبضة الإستعمار ( مصر ، سوريا ، العراق ) . أهم شروط الديمقراطية هو السوق الحر لكنه يأتي بعد الثقافة المتسامحة التي هي الهيكل الذي يقوم عليه المشروع ، فالسوق الحر كما يسمح بتداول البضائع فأنه يسمح بتداول الأفكار دون قيد أو شرط ، والإصرار على بناء مؤسسات على ظهر القطاع العام والسوق المقيد لن يسمح فعلا بتجسيد الفكرة ، بل سيكون هدر للوقت والجهد
.
الشرط الثاني من الشروط الديمقراطية " المرجعية الدستورية " ، بعيدا عن المرجعيات الدينية والإجتماعية ، كما يحدث في بعض الدول العربية ، فالثقافة القائمة على مرجعيات غير المرجعية الدستورية ، لن تتمكن من تجسيد مؤسسات تعبر عن الحالة الديمقراطية كما يجب ، وستظل تجتر
الفكرة غير الديمقراطية مهما أستمر الوقت . إسقاط هذه المقاسات على بعض الدول العربية التي يجري تسويقها على أنها بلدان ديمقراطية سيكشف وضعها للجماهير ، فلا ديمقراطية يمكن أن تنشأ من خلال صناديق الإقتراع فيما المؤسسات غائبة ، ولاديمقراطية دون سوق حر ، وليس هناك مشاريع يمكن أن تسوق على أنها مشاريع ديمقراطية فيما المرجعيات الدينية
والإجتماعية تحاصرها منكل جانب .

عدد الزيارات : 1620 زيارة

كل التعليقات

    لا توجد تعليقات علي هذا الموضوع

اضف تعليق