> فن وثقافة

«عهد الشيخ عبد الله السالم الصباح».. للباحثة نور الحبشي


«عهد الشيخ عبد الله السالم الصباح».. للباحثة نور الحبشي

تنشر القبس بريميوم، وبشكل حصري، الفصل الأول من كتاب «عهد الشيخ عبد الله السالم الصباح»، والذي يصدر عن دار ذات السلاسل، للباحثة الدكتورة نور محمد الحبش، ليتحدث الكتاب عن التغيرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في عهد الشيخ عبد الله السالم الصباح من 1945 وحتى 1965 م. تناول الفصل تطوُّرُ الاقتصادِ الكويتيِّ في قِطاع النَّفط وتدفُّقه وتصديره في عام 1946م، حيث اندثرتِ المهنُ المرتبطةُ بالبحر واختفت، واتَّجه الجميعُ إلى الذَّهب الأسودِ، كما تحدث الفصل عن تعرَّض الشَّيخ عبدُ الله السالم الصُّباح منذ بداية حكمه لضغوطٍ بريطانيَّةٍ شديدةٍ بهدف الحصول على مكاسبَ ماديّةٍ من نفط الكويت، كما تناول الاتِّفاق الذي يقضي بالمناصفة مع شركة أرامكوAramco السعودية، والتي تمت في الثَّالث من ديسمبر من عام 1951م، كما كان للشيخُ عبد الله السّالم وقفة قوية حول الصراع العربي الإسرائيلي حيث تعهد، عام 1958م في حضور الرَّئيس المصري جمال عبد الناصر، بمنع وصول النّفط الكويتيّ إلى إسرائيل نهائيّاً. وإليكم حصريا فصل من الكتاب: تطوُّرُ الاقتصادِ الكويتيِّ في قِطاع النَّفط (قِطاع النّفط وشركاته) مع تدفُّق النَّفط وتصديره في عام 1946م اندثرتِ المهنُ المرتبطةُ بالبحر واختفت، واتَّجه الجميعُ إلى الذَّهب الأسودِ الّذي حبا الله به الكويت ليكونَ نقطة انطلاق إلى مرحلةٍ جديدةٍ من التطوُّرِ الاقتصاديِّ الّذي عاشتْهُ الكويتُ. ولعلَّ السِّياسةَ الاقتصاديَّةَ الّتي سار عليها الشيخُ عبد الله السّالم في فترة الخمسينيات هي الّتي جعلت البنية الاقتصاديّة للكويت قويّة. ولقد حافظ الحاكم الشيخُ عبد الله السّالم على مقدَّرات الشّعب وأمواله وذلك بدعمه اللَّامحدود لتطوير كلِّ ما مِنْ شأنه أنْ يتطوَّرَ من أجل الكويت والكويتيين، ولعلَّ الاتفاقياتِ النِّفطيّةَ ودعمَه للتجَّار في موضوع البنك الوطني وغيرها من الأمور خيرُ دليل على ذلك. وقد شهد القطَّاع النَّفطيِّ في مرحلة الخمسينيات طفرةً كبيرةً فمع تولِّي الشيخ عبد الله السّالم الصّباح مقاليد الحكم، وتحديدًا في فبراير من عام 1950م، حقَّقت الكويت أرباحًا كبيرةً، حيثُ ربحتِ الحكومة الكويتيَّةُ ما يقاربُ الدُّولار عن كلِّ برميلِ نفطٍ مباعٍ خلال عقد الخمسينيات بأكمله، وهنا لابدَّ من الإشارة إلى نقطةٍ مهمَّةٍ كان لها أكبرُ الأثر في تلك الطَّفرة الكبيرة؛ وهي أنَّ الشيخ عبد الله السَّالم في بداية الخمسينيات وضع قانونًا يُسمَّى قانونَ ضريبةِ الدَّخل في عام 1951م، وهذا القانون يعطي الدّولة الحقَّ في الحصول على ضريبةٍ للدَّخل تحسب على أساس الرِّبح الصّافي، وقد أقرَّ المقيمُ السّياسيُّ البريطانيّ في الخليج بحقِّ الشّيخ في هذه الضّريبة، وأمر بتطبيقها اعتبارًا من عام 1951م على جميع الرَّعايا الإنجليز، وبالطبع شملَ ذلك شركةَ نفط الكويت. ولذلك تعرَّض الشَّيخ عبدُ الله السالم الصُّباح منذ بداية حكمه لضغوطٍ بريطانيَّةٍ شديدةٍ بهدف الحصول على مكاسبَ ماديّةٍ من نفط الكويت. ولعلَّ من أهمِّ الأسباب التي دفعتْ لاهتمام بريطانيا بنفط الكويت على نحو خاص ما قام به الدَّكتور محمَّد مصدق من تأميم النّفط في إيران، وهو ما أدَّى بدوره إلى انهيار الإنتاج النَّفطيِّ من الجانب الإيرانيِّ، ومن ثمَّ زادت عائداتُ الكويت النَّفطيّة من جراء حركة التّأميم هذه زيادةً هائلةً، حيث وصلت في عام 1953م إلى 169 مليون دولار بعد أن كانت 760.000 دولار في عام 1946م خصوصًا أنَّ الإنتاج الإيرانيَّ انقطع تقريبًا في الفترة من 1950 إلى 1953م. ففي عام 1951م رست في ميناء الكويت 13 سفينةٌ تمَّ تحميلُها بحوالي 586.000 طنّ من الزَّيت الخام، ثمَّ ازدادت هذه الكمية لتصلَ إلى 650.000 برميل يوميّاً، ثم ارتفع الرَّقْم ليصبح 800.000 برميل يوميّاً، وتخطَّتِ الكميَّةُ المُصدَّرة الأرقام السَّابقة لتصلَ إلى 17 مليون برميل في أبريل، ثمَّ إلى 24 مليون برميل مع نهاية ديسمبر من العام نفسه. هذا مع العلمِ بأنَّ فترة الخمسينيات تحديدًا شهدت نموَّ الوعيِ القوميِّ في دول المنطقة، لذلك سعتْ تلك الدُّول إلى تطبيق اتفاقيّةِ المُناصفة في عوائد النَّفط بينها وبين شركاتِ النَّفط العاملة في أراضيها، حيثُ كانت الكميات المُستخرَجة لا تتناسب معَ حجم الدَّخل منها أسوةً بما تحصل عليه الدُّول المجاورة، لذلك نرى أنَّه في ديسمبر 1950م توصَّلتِ الحكومةُ السُّعودية إلى اتِّفاقٍ يقضي بالمناصفة مع شركة أرامكوAramco ،وهو ما دفع الكويتَ لأنْ تحذوَ حذوها، وتبذل مساعيها الجادَّة للوصول إلى اتِّفاقٍ شبيهٍ بالاتَّفاق الّذي حصلتْ عليه السُّعودية، لذا تقدم الشيخ عبدالله السالم الصباح بطلب لشركة نفط الكويت لزيادة العوائد، وكان ذلك في عام 1951م، حيثُ زار الكويت نائب مدير عام شركة نفط الكويت المستر (Cooper)، وتحدَّث معَه الشّيخ في ذلك الموضوع، وجاء الرَّدُ منَ الشّركة في العام نفسِه بالموافقة على تطبيق مبدأ المناصفة. وقد تمَّ إقرارُ مبدأ المُناصفة في الثَّالث من ديسمبر من عام 1951م، كما جرى - فيما بعد - تعديلُ تطبيق مبدأ المناصفة على الكويت، ويتمثَّل في النِّقاطِ التالية: 1) تحديدُ فترةِ الامتيازِ بسبعةَ عشرَ عامًا أخرى بعد انتهاءِ فترته. 2) تتنازلُ الشَّركةُ عن حقِّها في التَّنقيب في الجزر الكويتيَّة، وتدخل بدلًا منها مناطقُ البحر المغمورةُ ضمن مناطق الامتياز، وتحتفظٌ الشَّركة بحقِّ التنقيب في سواحل هذه الجزر. 3) يخضعُ دخلُ الشركة الصَّافي لضريبة الدَّخل المنصوص عليها في مرسوم ضريبةِ الدَّخل الكويتيّة البالغة 5 % من الدخل الصافي. 4) تدفعُ شركةُ نفط الكويت إعانةً ماليَّةً قدرها 45000 ألف جنيه إسترليني سنويّاً للطُّلاب الكويتيِّين الّذين يدرسون في الخارج. وعمومًا فإنَّه نتيجةً لتطبيق مبدأ المناصفة في عام 1952م حدثتْ زيادةٌ هائلةٌ في الدَّخل اتَّضحت مع العام الأوَّل لتطبيق المبدأ. والملاحظ أنَّه بهذا الاتفاق ارتفعتْ أرباحُ الكويت من نفطها من ثلاثة ملايين جنيه إسترليني في عام 1949م إلى ستين مليون جنيه إسترليني في عام 1952م، أي بعد نحوِ عامـين فقط من تطبيق المبدأ. كما حدث تعديلٌ آخرُ في سنة 1953 لاتَّفاقية 1934م، وفيه تمَّ تحديد جزر الكويت عدا جزرِ قاروه، كبر، أم المرادم، لتكونَ خارج نطاق الامتياز، ونصَّ التَّعديل الجديد على شمول قاع البحر بالامتياز، وعلى مسافة 6 أميال من الشَّاطيء، كذلك تتعَّهد الشركة بتقديم تقرير عن حساباتها الختاميَّة. وقد توالت تعديلاتٌ جزئية أخرى على اتفاقيات الامتياز يمكن إيجازها فيما يلي: في عام 1958م أجري تعديلٌ محدودٌ بشأن تحصيل ضريبة الدَّخل لشركة نفط الكويت، وفيه لم يتمَّ الأخذ بعين الاعتبار قيمة الخصم الَّذي تمنحُه الشركة على عقود الشراء. وفي عام 1959م أُجريت إضافةٌ بسيطةٌ تمَّ بموجبها إلزامُ الشَّركة بأنْ تقوم بتزويد الكويت، وبالمجان، بنصف احتياجاتها من النِّفط. وفي عام 1960م ألزمتِ الحكومةُ الكويتيِّةُ الشَّركة بأنْ تتحمَّل رواتبَ موظفي الأمن الحكوميِّين الّذين يعملون لدى الشركة، وكان أغلبُ هؤلاء يعملون في حماية الآبار والمنشآت النفطيَّة وغيرها من أمور الأمن والحراسة في الشركة. وفي عام 1961م وبعد إنشاء شركة نفطٍ وطنيّةٍ سُمِّيتْ بـ(شركة نفط الكويت الوطنيَّة) جرى اتَّفاق بين الحكومة وشركة نفط الكويت بأنْ تتنازل الأخيرةُ عن حقِّها في بيع النَّفط ومنتجاته داخل الكويت لحساب الشَّركة الوطنيَّة الجديدة الَّتي قامت فيما بعد بشراء منشآت التَّوزيع المحليَّة منها، وأنْ يتمَّ بيع هذا النفط المستهلك محليّاً من قبل شركة نفط الكويت إلى الشَّركة الوطنيَّة الجديدة بسعر التَّكلفة. ونظرًا لوجود بعض الأراضي المشمولة بامتياز عام 1934م لم تقمْ شركة نفطِ الكويت المحدودة باستغلالها أو التَّنقيب عن النّفط فيها، لذا قرَّرت الحكومة الكويتية في عام 1962م أنْ تطلب من الشركة التنازل عن 9262كم2 من مجموع هذه الأراضي، ووافقت الشركة على ذلك. كما أنَّ الكويت لم تغبْ عن الشَّأن العربيِّ إذ اتَّخذت في الخمسينيات قرارًا آخرَ مُهمَّا متعلِّقًا هذه المرَّة بموقفها من الصِّراع العربيِّ الإسرائيليِّ، حيث نجد أنَّها قرَّرت في سبتمبر 1953م إنهاء إمدادات نفطها الخام إلى مدينة حيفا. كما صاحبت دعوةُ الرَّئيس جمال عبد النّاصر للبلدان العربيَّة بالاحتجاج على مؤتمرِ لندن السَّاعي لتدويل قناة السّويس بعد تأميمها أنْ نفذ عمّال شركات نفط الكويت إضرابًا عامًّا، وشمل هذا الإضرابُ أغلب المرافق الحيويّة بالكويت، بل إن إنتاج الكويت تأثر من جراء العدوان الثلاثي على مصر، حيث هبط إلى 44000 طنّ يوميّاً بعد أنْ كان 160000 طنّ يوميّاً. هذا فضلًا عن تخريبِ بعض المنشآت النَّفطيَّة بالكويت كردِّ فعل على العدوان الثلاثيّ على مصر عام 1956م بعد تأميم قناة السّويس، وهو ما أدَّى إلى إعلان منع التّجوال ليلًا في مناطق حقول النّفط نتيجة الحركة الوطنيّة الكويتيّة الّتي تعاطفتْ مع موقف مصرَ من العدوان. وفي عام 1958م تعهَّد الشيخُ عبد الله السّالم الصَباح في حضور الرَّئيس جمال عبد الناصر بمنع وصول النّفط الكويتيّ إلى إسرائيل نهائيّاً. وفي العام نفسِه مُنحتِ الكويتُ امتيازًا للتّنقيب عن البترول في المنطقة التّابعة لها بالمنطقة المحايدة، حيث نالت حقَّ الامتياز الشّركة العربيّة للنّفط؛ وهي شركةٌ مملوكةٌ لليابان، إلَّا أنَّ 20 % منها كان مملوكًا للكويت والسّعودية مناصفة، ونصَّ الاتِّفاق على أن تكون حصَّة الكويت 57 % من الإنتاج والتّسويق، بينما بلغتْ حصَّة السّعودية 56 % من الامتياز الّذي وقَّعتْهُ مع الشَّركة ذاتها قبل الكويت بعام، أيْ: عام 1957م. وقد تضمَّنتِ الاتَّفاقية شروطًــا أخرى هي: - تعيينُ الكويتِ والسّعودية لثلث أعضاء مجلس الإدارة. - مراقبةُ حساباتِ الشركةِ عن طريق لجنةٍ مُؤلَّفةٍ من ممثِّلي الدَّولتين والشركة.. - لا تتدخلُ الشّركة في الشؤون السِّياسية. - تسدِّدُ الشَّركة ضريبة الدَّخل في الدَّولتين. - لا تبيعُ الشَركة إنتاجها للدُّول المُعادية. - تقدَّر الأرباح على أساس الإنتاج والتَّسويق معًا. - يحصلُ حاكم الكويت منَ الشركة على1.5 مليون دولار بشكل ربع سنوي عند اكتشاف النّفط، وخمسة ملايين عند وصولِ النّفط إلى مُعدَّل 50000 برميل يوميّاً. - تعيدُ الشِّركة النَّظر في بنود الاتَّفاقية إذا حصلت أيَّةُ دولةٍ من دول الشَّرق الأوسط على امتيازاتٍ أفضلَ ممَّا أعطتْهُ الشَّركةُ للكويت والسُّعودية. ويُعَدُّ عام 1959م إنجازًا لشركة ناقلاتِ النَّفط الكويتيّة، حيث وصلت أوّل شحنةٍ إلى مدينة نوتردام الّتي وصلتْها عن طريق قناة السويس. كما كان عام 1960م هو العام الّذي بدأت فيه شركةُ نفط الكويت عملياتِ الحفر على بعد 28 ميلًا داخل البحرِ من ساحل المنطقة المحايدة، ثمَّ تطوَّر العمل في استخراج النفط بصورةٍ عاليةٍ جدّاً من آبار بلغت أربعين بئرًا في فترةٍ لا تتعدَّى أربعَ سنواتٍ. كذلك شهدَ هذا العامُ ولأوَّل مرَّةٍ في تاريخ شركة نفط الكويت تعيينَ كويتيِّين في مجلس الإدارة، وكان ذلك بناءً على الأمر الصَّادر من أميرِ الكويت الشّيخ عبد الله السالم الصُّباح بتعيين السَّيد محمود خالد العدساني والسيد فيصل منصور المزيدي عضوين كويتيين نيابةً عن حكومة الكويت بمجلس الإدارة. وبعد فترةٍ قصيرةٍ أقدمتْ شركاتُ النَّفط العالميَّة على إجراء تخفيضات على الأسعار المُعلنة دون استشارة البلدان المُنتجة، الأمرُ الَّذي أدَّى إلى انخفاض معدل إيراداتها النَّفطيَّة ممَّا دفع البلدان المُنتجة إلى عقد اجتماع في بغداد امتدَّ لمدَّة أربعةِ أيّامٍ وقَّع بعدها مندوبو الدول الخمس على وثيقة تأسيس منظمةٍ جديدةٍ وهي «الأوبك» «OPEC»، وهذه الدّول هي السّعودية، إيران، العراق، فنزويلا، الكويت. والموقِّعون على وثيقة التّأسيس هم: خوان بابــلو (وزيــر المعادن الفــنزويلي)، عــبد الله الــطريقيّ (وزير النّفط السعوديّ)، فؤاد روحانيّ (مُمثِّل إيران، أوّل سكرتير للأوبك)، طلعت الشيباني (وزيرالنّفط العراقيّ بالوكالة)، أحمد سيِّد عمر (وكيل دائرة المالية بدولة الكويت)، وقد اجتمعوا ليقرِّروا ما يرونَه بشأن ما يجدُ من ظروفٍ فيما يَخصُّ القِطَّاع النّفطيّ في دولهم جميعًا، وللاتِّفاق على سياسةٍ مُوحّدة وَفْق أطرٍ تلزمُ جميع الدول المُصدِّرة للنِّفط ممّا جعل عقد الستينيات يمثِّل مرحلة الدِّفاع بالنسبة للبلدان النَّفطيّة، واتّسمت المرحلة بالهدوء، إذ لم يؤدِّ إنشاءُ منظمة الأوبك إلى أيِّ هجومٍ من جانب الدول الأعضاء، بل إنّه كان خطوةً من خطواتِ الدِّفاع عن المصالح الوطنيّة. وقبل استقلال الكويت، وتحديدًا في 15 يناير 1961م، منح الشّيخ عبدُ الله السالم الصّباح شركة شل Shell الهولندية امتيازًا للتَّنقيب عن النَّفط واستخراجه من أرض البحر، تضمَّن هذا الاتّفاق امتيازًا جديدًا للكويت من النَّاحية الماليَّة، وهو كالتالي: - خمسة شلنات عن الطّنّ من صافي إنتاج النّفط الخام سنويّاً. - 12.5 % من السّعر المُعلَّن يوم الإنتاج عن كلّ برميل من صافي الإنتاج بعد بدء التصدير المُنتظم. - شراءُ الكويت 20 % من رأس مال الشَّركة لترفع حصَّتها في الأرباح إلى 60 %. - تعيينُ هيئة مراجعين مُعترف بهم كمحاسبين دوليِّين، وتختارهم بنفسها لفحص دفاتر الشركة نيابةٍ عن الحكومة. ويذكر أنّه في العام التّالي للاستقلال وصل إنتاج الكويت من النّفط قرابة الـ 715 مليون برميل بمعدَّل 1.957.906 براميل يوميّاً، وقد شهدتِ الأعوام التّالية 1963م و1964م و1965م زيادةً في الإنتاج، وبالتّالي زيادة في العائدات، حيثُ زاد الإنتاج الكويتيّ بنسبة 61 %. وفي نفس العام ونتيجةً للاستمرار في إجراء التّعديلاتِ على اتّفاقيات الامتياز فإنَّ هناك تعديلًا آخرَ قد أُجري مع شركة الزَّيت الأمريكيَّة* نصَّ على أنْ تدفعَ الشَّركة ما يعادل 57 % من أرباحها الكليّة، أو 50 % من أرباحها على أساس الأسعار المُعلنةِ أيِّهما أكبر، وتشمُل هذه الرُّسوم رسوم الامتياز مضافًا إليها ضريبة الدَّخل ودفعة تكميليّة. ويمكنُ اعتبار الفترة من 1952 - 1961م فترةَ ازدهار الدَّخل القومي حيث وصل إلى 173 مليون دينار، بينما قدر حجم الاحتياطيّ المالي الكويتيّ في عام 1962م بحوالي 300 مليون جنيه إسترليني، وقدر لهذا المبلغ أن يدرَّ ربحًا سنويّاً يقدَّر بحوالي 15 مليون جنيه نتيجة استخدامه في مختلف أوجه الاستثمار التي بدأت الكويت بالتَّوجه إليها في تلك الفترة، وهو ما يعادل نسبة 5 % من الاحتياطي. وقد ارتبط بتطوُّرِ استخراج النَّفط تكوين شركات للعمل في هذا المجال والمجالات المُتَّصلة به، ومنها: أولا: شركة البترولِ الوطنية **: وقد أنشئتْ هذه الشَّركة في عام 1960م، وأسهمتِ الدَّولة بحوالي 60 % من رأس مالها الَّذي بلغ 7.5 مليون دينار، ولم يكن أمرُ إنشاء هذه الشّركة مقصورًا على الصِّناعات البتروليّة، وإنّما تعدَّى ذلك إلى مشاركة الشركات الأُخرى صاحبة الامتياز في التنقيب والاستكشاف، بل يمكن القولُ بأنَّ إنشاء هذه الشَّركة ما هو إلا محاولةٌ للوقوف في مواجهة الشركات الأجنبيَّة كشركة وطنيَّة لا تعتمدُ على الأجنبيّ إلا فيما يخص الخبرة الفنية. وقد أخذت هذه الشركة في بداية إنشائها في الاضطلاع بمهام توزيع المُنتجاتِ البتروليَّة، ثم بدأتْ أولى مشاركاتها في عمليات الاستكشاف في وقتٍ لاحقٍ. وقد توسعت استثمارات هذه الشركة محليّاً وخارجيّاً، إذ امتلكتْ حوالي 51 % من أسهم الشركة الكويتيَّة لتزويد الطائرات بالوقود، ثم امتلكتْ 5 % من أسهم شركة الصّناعات الكيماويّة البتروليّة، وخارجيّاً امتلكت 5 % كحصّة لها في مُصفاةٍ شركة مصافي أفريقيا الوسطى. وفي عامِ 1964م حقَّقت الشركة أرباحًا وصلت إلى 2.8 مليون دينار، وبلغ احتياطيها في عام 1965م حوالي 5.5مليون دينار، وبلغت قيمةُ مبيعاتها في الأسواق المحليَّة في نفس السَّنة حوالي 4.6 مليون دينار. ثانيا: شركةُ ناقلات النَّفط الكويتيَّة: أنشئت هذه الشَّركةُ في عام 1957م، إلَّا أنَّها نمت وتطوّرت في بداية الستينيات؛ فبعد أنْ كان رأسمالها عند الإنشاء 3.5 مليون دينار ارتفعَ ليصل إلى 5.75مليون دينار في عام 1964م، وتشجيعًا من الحكومة لهذه الشّركة فقد قدَّمت لها دعمًا ماليّاً قدره 6.8مليون دينار وذلك لكي تتمكَّن من توسيع عملياتها، وتطوير برامجها. وفي عام 1965م امتلكت الشَّركة ثلاث ناقلات للبترول هي كاظمة ووربة والصّبية، وقد بلغت أرباح هذه الشّركة في عام 1964م حوالي 488.544 دينار، وبلغ مجموع احتياطيها 1.4 مليون دينار. وقد ساهمت هذه الشركة - رغم أنَّها مُختصَّة بالنّقل - في تطوير صناعة تعبئة الغاز وتوزيعه محليّاً وخارجيّاً ممّا أدّى إلى تدعيم القطاع الصَّناعيّ. ثالثا: شركةُ صناعة الكيماويات البتروليَّة*: أُسست هذه الشركة في عام 1961م، وهي شركة مُشتركة ما بين الحكومة وشركة البترول الوطنيَّة الكويتية وشركة الصِّناعات الوطنيّة، وتُعدُّ شركة وطنيَّة نظرًا لأنَّ الأقطاب المُؤسَّسة لها وطنيَّة 100 %، وكان رأسمال هذه الشّركة عند تأسيسها 16 مليون دينار كويتيّ مُوزَّعة على مليوني سهم كالتالي: 80 % للدولة، 3 % لشركة الصِّناعات الوطنيّة، 5 % لشركة البترول الوطنيّة، 12 % للأهالي، وشكَّلت نسبة الأهالي كأسهم حوالي 240.000 سهم طرحت للاكتئاب. رابعا: شركة الأسمدة الكيماويّة: تأسَّست هذه الشركة في عام 1964م، وكان الهدفُ من إنشائها هو تطوير قطاع الزراعة في الكويت نظرًا لما تعانيه التربة فيها من مشاكل أدَّت إلى عدم صلاحيتها للإنتاج الزراعيّ. وقد اشتركَ في تأسيس هذه الشّركة كلّ من شركة صناعة الكيماويات البتروليّة، وكانت نسبة مشاركتها 60 %، ودخلت شركات أجنبية بالنسبة الباقيَّة وهي 40 %. وقد ساهم تدفق عائدات النفط في شروع الكويت في التنمية، لذا أخذت البلاد تشهد زيادة في أعمال البناء والتشييد، مع ازدياد الاتّجاه للعمل بالكويت، وتوافد المهاجرين والبدوُّ الَّذين وفدوا إلى مدينة الكويت ممَّا أدَّى إلى التّوسُّع في أعمال البناء والتَّشييد، وهو ما اعتبر في حينه ثورةٍ عمرانيَّة، لذلك نُوقش في مجلس الإنشاء موضوع إنشاء العديد من المصانع الّتي تخدم عمليّة البناء، والموادّ المُتعلَّقة بكلِّ ما يمتُّ له بصلةٍ كالإسمنت والطّوب.

0

عدد الزيارات : 966 زيارة

كل التعليقات

    لا توجد تعليقات علي هذا الموضوع

اضف تعليق