> طب وصحة

مضادات الشيخوخة.. ثورة في عالم الطب؟


مضادات الشيخوخة.. ثورة في عالم الطب؟

د. خلود البارون - بغض النظر عن السبب، فالموت هو النهاية الطبيعية للإنسان، وحتى لو تم لوم عدة أمراض، فالشيخوخة وتقدم العمر بحد ذاتها سبب لقرب المنية والوفاة، ولكن هناك عدد متزايد من العلماء يعتقدون بأن الشيخوخة مرض يجب علاجه والوقاية منه، ومنهم د. ديفيد سينكلير، الباحث في علوم الجينات من جامعة هارفرد الذي يشرح قائلا «كثير من الامراض التي تصيب كبار السن، سببها الرئيسي هرم الخلايا وشيخوختها، لذا، فابتكار علاجات تعكس عجلة الشيخوخة أو تؤخرها سيتمكن من الحفاظ على حيوية أعضائنا وإطالة أعمارنا». الفدرالية ترفض ولدى فدرالية الدواء والعقار قوانين صارمة تنظم ما يدرج في قائمة الأمراض المعترف بها طبياً، ورغم الالحاح البحثي والطبي، فلم تقر الفدرالية تصنيف الشيخوخة كمرض إلى الآن، وهذه هي العقبة الأولى التي يجب تخطيها حتى يتمكن العلماء والباحثون من المضي قدما في خطى سريعة نحو ابتكار واختبار علاجات وقائية وعلاجية للشيخوخة، ولكن الخبراء يخشون من هذه الخطوة، لأن هذه الحماسة والاندفاع يخبئان تحتهما الكثير من الجشع التجاري والكسب المادي، بل وقد يسبب ابتكار مضادات الشيخوخة تغيرا في أولويات المجتمع والطب، وعلقت د. إلين سلاجبوم، البروفيسورة في علم الأوبئة من مركز الشيخوخة في جامعة ليدن الطبية الهولندية، قائلة: اعتبار الشيخوخة مرضا يمكن علاجه قد يبدل الاهتمام العام، من الحرص على تشجيع اتباع اسلوب حياة صحي الى التركيز على العلاج العقاقيري، واؤمن بأنه يمكن علاج الشيخوخة عبر تغير عادات البشر وأسلوب حياتهم لتكون أكثر صحة ونشاطا. وليس الاعتماد على حلول تكنولوجية ومعجزات دوائية. من جانب آخر، علق د. نير باركيليا، رئيس معهد ابحاث الشيخوخة في كلية البرت اينشتاين الطبية في نيويورك قائلا: اعتبار الشيخوخة مرضا سيزيد الخوف منها وكره الاشخاص لها، بل وقد يسبب الهجوم على فئة كبار السن وعلاجهم في مصحات كالمرضى. وإذا قمنا بإطالة سنوات عمر البشر فعلينا ايجاد طرق للحفاظ على قدراتهم البدنية والعقلية ايضا. فما المغزى من ان نعيش طويلا إن كنا سنعاني الإعاقة والمرض والتعاسة؟. بارقة أمل وليست إهانة يعتقد الباحثون الذين يطالبون باعتبار الشيخوخة مرضاً ان ذلك لن يسبب إهانة لكبار السن، بل يعطيهم بارقة أمل تزيد فرصة علاجهم وإطالة أعمارهم الى حد معين، حيث بينت دراسة نشرتها اخيرا دورية الطبيعة أن حياة البشر لديها محدودية احصائية وجينية (بنحو 115 سنة)، لذا، يعتبر الخبراء الموت قبل بلوغ 90 سنة، كوفاة مبكرة، وعلق د. براين كندي من مركز سنغافورة للشيخوخة الصحية، قائلا: من يتوفى في عمر 75 سنة، كان يجب ان يتوفى في عمر 115، لذا فهناك 45 سنة لم يعشها. فحوص دقيقة تقيس الشيخوخة يحاول الباحثون تطوير فحوص تقيس هرم الجسم بدقة. ومنها فحص رائج بحثياً يسمى واسم الشيخوخة البيولوجي، وشرح د. فاديم غلاديسيف من مستشفى برغهام للنساء في بوسطن قائلا: تتصف الشيخوخة بتراكم تغيرات تؤثر سلبا في صحة خلايا الجسم واتزان البيئة البكتيرية التي تعيش في الامعاء، وزيادة معدل الندبات النسيجية والطفرات الكيميائية والجينية لخلايا الاعضاء، وقياس هذه التغيرات من الادوات التي ستساعد في تحديد شيخوخة الجسم وزمن الوفاة. مما سيكشف عن الفئة الاكثر خطرا وحاجة للتدخل العلاجي والوقائي. عقار واعد «الميتافورمين» من العقاقير الشائعة بين مرضى السكري، وقد ركزت الابحاث على تقييم فوائده الصحية منذ أكثر من 10 سنوات. وأظهرت الدراسات الحيوانية تأثيره الوقائي ضد الضعف البدني والزهايمر وبعض أنواع السرطان وحتى تقليل سرعة هرم الخلايا. وللتوضيح، فالميتافورمين هو من العقاقير المثبطة لـ MTOR بمعنى أنه يتدخل في عمل بروتين خلوي له دور في انقسام الخلايا ونموها. كما بينت ابحاث بشرية أن تناول هذا العقار يرفع قوة الجهاز المناعي ويقلل الإصابة بالأمراض المعدية والالتهابية. كما بدأ الباحثون في كلية اينشتين باركيليا بأبحاث بشرية تحت اسم TAME، تقييم فوائد تناوله من قبل كبار السن (اعمارهم من 65 الى 80 سنة) في تأخير هرم الخلايا وأعراض الشيخوخة. ولكن لا يزال وصف هذا الدواء يخضع لقيود طبية، وهو ما تحاول بعض المراكز البحثية تغييره. إيقاف الآلية المسببة لهرم الخلايا يحاول الباحثون اكتشاف آلية العملية التي تسبب ارسال رسائل كيميائية تحفز هرم الخلية وموتها، وذلك حتى يتوصلوا الى طريقة تتمكن من إزالتها او ايقافها. ويعتقد العلماء بأن هذه العملية هي الملامة على عدة امراض مثل التهاب المفاصل واعتام العدسة (كاتاراكت) والزهايمر والباركنسون وهشاشة العظام. ومن المركبات التي يتم تقييم استخدامها لهذا الغرض مركبات تدعى «سينولايتيك». وكشفت نتائج الابحاث المبدئية فائدة هذه العقاقير في تقليل سرعة تقدم عمر خلايا الفئران وإطالة اعمارها. كما بدأت ابحاث صغيرة بشرية في تقييم فائدة هذه العقاقير على امراض هشاشة العظام والتهاب المفاصل وامراض الجهاز التنفسي المزمنة، والشيخوخة ايضا بشكل غير رسمي. الآلية التي تسبب هرم الخلايا تحاول ابحاث جامعة هارفرد اكتشاف الآلية التي تسبب هرم الخلايا حتى تتوصل الى طريقة تتمكن من عكس ساعة التقدم في العمر. وتركز ابحاثهم على استغلال علم جديد يسمى (فوق الجينات – epigenetics) الذي يركز على فهم كيفية تغيير القابلية الجينية او بمعنى اكثر دقة إيقاف تعبير جيني في الحمض النووي DNA لمنع تغيرات فسيولوجية والاصابة بمرض ما (في هذه الحالة الشيخوخة). واقترح الباحثون فائدة العلاج الجيني في إعادة شحن نشاط الآليات الجينية التي ترمم الخلايا وتقي من الامراض. وقد بينت ابحاث أجريت على فئران هرمة فقدت بصرها نتيجة لأعراض الشيخوخة، فائدة استخدام العلاج الجيني في ترميم العصب البصري. بحيث اسهمت في استعادة الفئران بصرها ليصبح مقاربا للشباب.



عدد الزيارات : 1011 زيارة

كل التعليقات

    لا توجد تعليقات علي هذا الموضوع

اضف تعليق