> مقالات

الواسطة قبل الشهادة

كتب : خليل العريان |
الواسطة قبل الشهادة

شاهد المدير أحد موظفيه وهو مستاء فأمر على الفور بصرف علاوة دورية له، وهي عبارة عن وردة حمراء ترفع له من معنوياته، ذلك ما جاء في أحد مقاطع إحدى المسلسلات العربية التي تنتقد الأوضاع التي نعيشها ولكن بأسلوب كوميدي ساخر والفقرة كانت بعنوان "المدير العاطفي".

وفي المقابل نشرت دراسة قبل فترة وجيزة في احد الصحف العالمية بأن 50% من الموظفين الذين يتركون وظائفهم تكون بسبب المدراء وطريقة تعاملهم معهم .. وذلك طبيعي، فالمدير هو القائد فإما أن يقود فريقه إلى الإنجاز والنجاح والإبداع أو يقوده الى الهاوية والضياع.

‏وفى الكويت ينهي الشاب تحصيله العلمي بعد جهد جهيد، وبعد معاناة في ديوان الخدمة المدنية يوافق مجبرا للالتحاق بوظيفة بعيدة عن تخصصه لان وظيفته اخذها شخص عنده واسطة او تم تعين وافد فيها، وبعد ان استعان بالله ألتحق في العمل في إحدى الجهات الحكومية وهو كتلة من الشباب والنشاط والحيوية...

‏وينطلق في محاولة لتحقيق طموحه وترجمة الاحلام التي عاشها وما تعلم الى واقع .. ولكن .. يصدم بجدار شاهق من البيروقراطية الحكومية تبدأ بنظام البصمة والتي هي أهم حتى من وجوده فالنظم الحكومية تطالب الموظف بالبصمة وليس الإنجاز، ويحاول .. ويحاول أن يتأقلم ويبدع ويفكر وينجز ولذلك يستعين بمديره ومسئوله المباشر ويحمل الأوراق والاقتراحات ويذهب لمقابلته .. ولكن كيف يستعين بذلك المدير (اللي ما يدري وين الله حاطه) الذي جاء من القرون الوسطى وفي الغالب من العصر الحجري ووصل للكرسي بالواسطة ‏وتشكلت لديه العقد النفسية والشعور بالنقص ويعمل على محاربة الشباب فقط لأنهم قليلي الخبرة في المجاملات والعلاقات الاجتماعية ولا يجيدون استخدام مفردة "طال عمرك"..

‏ويحاول الشاب بعد ذلك اللجوء إلى الموظف او المسؤول الأعلى رتبة في الهيكل التنظيمي ولكن للأسف يجد أن ذلك المسؤول أيضا قد وصل لمنصبه بواسطة أكبر ربما بواسطة وزير أو عضو في البرلمان أو ربما حزب قوي يملك صلاحيات التعيين ولكن النتيجة المؤكدة أنه قد جاء بالواسطة ..

‏ذلك باختصار أحد اهم أسباب تراجع أداء الجهات الحكومية وعزوف الشباب عن العطاء والإنتاج حيث أن غالبية المسؤولين الذين يتمترسون خلف المكاتب الوثيرة جاؤوا بالواسطة، وتسبب ذلك باستياء غالبية الموظفين أصحاب الخبرة والمستحقين لذلك المنصب وتم تدمير مستقبلهم الوظيفي وأصبحت الوظيفة بالنسبة لهم مجرد روتين يومي ..

ومن وجهة نظري ‏إذا اردنا لهذا الوطن النهوض والنمو يجب أن نضع الرجل المناسب في المكان المناسب ويجب علينا جميعا أن نقف كالسد المنيع ضد الواسطة ‏فنحن تقبل أن يكون اختيار الوزراء ضمن اطر سياسية معينة وترضيات لأطراف معينة، ولكن أن يكون المدير والمراقب والوكيل المساعد بالواسطة فذلك يعني اننا نساهم بقصد أو دون قصد بنشر ثقافة جديدة بين أبنائنا وهي البحث عن الواسطة قبل الشهادة.


عدد الزيارات : 1740 زيارة

كل التعليقات

    لا توجد تعليقات علي هذا الموضوع

اضف تعليق