> فن وثقافة

في رواية «الأخ الأكبر».. لسنا فرنسيَين تماماً ولا سوريَين تماماً ولسنا مهاجرَين!


في رواية «الأخ الأكبر».. لسنا فرنسيَين تماماً ولا سوريَين تماماً ولسنا مهاجرَين!

محمد أمين - نشرت جمانة الخطيب مراجعة في مجلة نيويورك تايمز لرواية «الأخ الأكبر» لماهر غوفن، التي تقول انها تكشف عن «الطريقة التي يقود فيها سيارتهم في ضاحية بانليو الباريسية، حيث تجأر الإطارات ويتم تجاوز إشارات المرور الحمراء وعلامات التوقف». قد تكون هذه قصة من الهوامش الخارجية للمدينة، ولكنها تقع في صُلب القضايا التي تقض مضاجع فرنسا المعاصرة. الشخصيات الرئيسية في الرواية، شقيقان نلتقي بهما كشباب، وأصبحا في حالة ضياع. لقد نشآ في ضواحي المدينة في كنف والدهما المهاجر السوري، الذي يعمل سائق سيارة أجرة. إنه مسلم بالاسم فقط، فهو يصف نفسه بأنه شيوعي. أما والدتهما الفرنسية فقد توفيت. هذه ليست باريس الحديثة. معارف الأخوين يرتدون الخلاخيل الإلكترونية بعد صدامهم مع الشرطة، وبعد الثرثرة عن الأئمة المتطرفين وبعد الشكوى من رواتبهم الآخذة في الاضمحلال. انهم يشعرون أنهم «أقل من أصفار في مجتمع يقدم الدروس عن المساواة والتسامح والاحترام». رغبة ساذجة يتمتع الأخ الأصغر بأداء أفضل من معظم افراد المجموعة، حيث حصل على وظيفة كممرض في أحد المستشفيات، لكنه ليس محصنا ضد التمييز. ويشعر في العمل وكأنه دمية. يقول«أعمل مساعداً لناس أكثر غباءً مني، وولدوا في عالم مختلف وعاملوني مثل العم توم في بعض مزارع (العبيد) في ألاباما». وعلى عكس والده، فإن هذا الشاب يتمتع بنزعة روحية وشغوف بالتعلم عن الإسلام، وأحياناً يشعر بالاضطراب. فهو شاب مسلم يشعر أنه محروم من حقوقه في الغرب. ويمكنك أن تتخيل الى أين يمكن أن تذهب الأمور. This ad will end in 27   لكن قصته ليست قصة تطرف اكتسبه من موقع يوتيوب. فلم يحلم يوما بالخلافة أو إطلاق حملة جهادية. بل لديه رغبة ساذجة في مساعدة الناس الذين يعتقد أنهم في أمس الحاجة إليها. لذلك يغادر إلى سوريا، دون أن ينبت ببنت شفة، والتحق بالعمل مع منظمة إنسانية غير حكومية، والتي كانت متورطة في الحرب أكثر مما كان يعلم. وسرعان ما وجد نفسه يعمل مسعفًا ميدانيًا لميليشيات المتمردين التي تحارب نظام بشار الأسد. في فرنسا، جرى الضغط على شقيقه الأكبر للانخراط في حرب مختلفة. فهو سائق تاكسي اوبر للأجرة في الوقت الذي أعلن فيه سائقو سيارات الأجرة تمردهم على تطبيقات مشاركة الركاب، وهي الحرب التي خسرها الجميع باستثناء أصحاب العمل. أما والد الشابين الذي رهن تقاعده على بيع رخصة سيارة الأجرة. فقد تعرض للخذلان من كلا ولديه، فاختفاء الابن الأصغر كاد يفكك الأسرة، لكن عودته إلى فرنسا هي التي قد تعرضهم جميعا للخطر. تناقضات كثيرة وتظل هوية الأخوين مجهولة حتى الصفحات الأخيرة من الكتاب حيث يتبادلان روايتهما، على الرغم من أن الأخ الأكبر يعبر عنها بشكل أفضل. فصوته، المترجَم بخبرة من قبل تينا كوفر، ساخر ومتعَب ولا مُبال. يقول إن نقل الركاب إلى مطارات باريس يشبه «نقل العملاء إلى القلعة، التي لن نحتلها أبدًا». إنه قادر على التعبير برهافة حس حقيقية، ولكنه قادر في كثير من الأحيان على كتم غيظه مثل كثير من «الشباب الساخطين». إنه يعي طبيعة المساحة التي يشغلانها (أخوه وهو). فهما ليسا فرنسيين تمامًا ولكن ليسا سوريين تمامًا. وليسا مهاجريْن، ولكن ليسا مواطنيْن تماماً. «إنهما غريبيْن دون أن يعرفا السبب». ولد غوفن في نانت، وهو ابن اللاجئين، وعمل صحافيا. ولديه موهبة المراسل في تحقيق التوازن بين مجموعة من وجهات النظر حول كل شيء من الاضطرابات الاقتصادية في فرنسا إلى علاقتها المشحونة بالهجرة. ويحقق كتابه -الذي حصل على أرفع الجوائز الأدبية في فرنسا «Prix Goncourt»- يحقق ما يمكن أن يفعله أفضل أنواع التقارير: الخوض في الأسئلة التي لا تقبل الإجابات البسيطة، مع الاحتفاظ بكرامة شخصياتها. الرواية غنية بالتناقضات، وتوجهها بعيدًا عن أراضي الخرافات الثقيلة المفروضة علينا بحكم الواجب. يقول الأخ الأكبر «كان أخي أكثر رجل كرهته في هذا العالم. إنه من لحمي ودمي، رفيق دربي، كل شيء بالنسبة لي، كل ما تتخيله بالنسبة لي، إنه سبب وجودي».



عدد الزيارات : 1461 زيارة

كل التعليقات

    لا توجد تعليقات علي هذا الموضوع

اضف تعليق