> فن وثقافة

موسيقى سامي الشوا.. نغم شرقي عابر للحدود


موسيقى سامي الشوا.. نغم شرقي عابر للحدود

حافظ الشمري - بمقطوعات حملت الإرث الشرقي العريق إلى آفاق إنسانية، عرض الرباعي الشرقي «موسيقى سامي الشوا» ما تختزنه موسيقانا من حس غني، وما تبلغه من مراتب الإتقان وجمال التصوير، وذلك أول من أمس ضمن «حديث الإثنين»، على خشبة القاعة المستديرة التي تحتضن قسما من فعاليات الموسم الثالث بمركز الشيخ جابر الأحمد الثقافي. الرباعي الموسيقي قدم مقطوعات الشوا وألحانه عبر آلات وترية وإيقاعية متنوعة تآلفت أنغامها، عازفوها هم: د. أحمد الصالحي «كمنجة»، مصطفى سعيد «عود»، وغسان سحاب «قانون»، وعلي الحوت «رق». في البداية، استهل العازف مصطفى سعيد الحديث عن مسيرة سامي الشوا، فقال إنه عازف كمان وموسيقي من مدينة حلب، حيث كانت عائلة الشوا أشهر بيت موسيقي في تلك المدينة، وجاء إلى القاهرة، بسبب النهضة السائدة آنذاك في بلاط الخديوي إسماعيل، وكان شبه مستقرا فيها، وكان يجلس فيها ستة أشهر ومن ثم يعود الأشهر الأخرى إلى الشام، لدرجة أنه امتلك منزلا في القاهرة في باب الشعرية. الموسيقى الخالصة وأضاف سعيد أن الشوا موسيقي عابر للحدود، وهو عزف في المغرب العربي، وقدم الصوت في الخليج العربي، والمقام العراقي، وهو موسيقي عربي بامتياز، لافتا إلى أنه في منتصف القرن العشرين سادت ثقافة ان الموسيقى لا بد أن تحوي كلمات مغناة، ولكن قبل ذلك بخمسين عاما كان المجتمع قادرا على سماع الموسيقى بنهم وشغف. وذكر أن الشوا كان خير ممثل للنغم الموسيقي المعبر الذي يخلو من الكلمات المغناة، وقام بجولات عربية وعالمية متعددة في الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا، حاملا معه رسالة الموسيقى المقامية العربية، وأشار سعيد إلى أن تلك الأمسية مهداة إلى روح سامي الشوا وموسيقاه وشخصيته الجميلة الاستثنائية، في هيئة وصلات مثلما كان سائدا إبان عصره الموسيقي. ثلاث وصلات تضمن الحفل ثلاث وصلات متنوعة الموسيقات والمقامات، حيث قدم الرباعي الشرقي «بشرف» الراست، وسماعي البياتي، وعددا من القطع الموسيقية القديمة التي اشتهر الشوا بأدائها، إلى جانب التقاسيم على الآلات الموسيقية والإيقاعية والمقامات الموسيقية، التي تعتبر من الموسيقات التي أسهم الشوا في شيوعها، لتصبح تسجيلاته هي الصيغة الثابتة في المخيلة الموسيقية العربية، وكانت البداية مع مقطوعة «نغم الدجى» من المقام البياتي المربع، وموشح «بالذي أسكر»، وتلتها مقطوعة وتقاسيم من مقام الحجاز من ألحان عثمان بيك الطمبوري.   «رقصة الهوانم» وواصل الرباعي الشرقي عزف الأنغام والألحان المتنوعة من إرث العازف سامي الشوا، فقدم وصلة على أنغام مقام «السيكا» من ألحان خضر آغا، وتضمنت أيضا تقاسيم على آلة العود، وبعدها مقطوعة «رقصة الهوانم»، التي كانت معروفة بـ«رقصة شفيقة» لارتباطها بالراقصة شفيقة القبطية التي رحلت في القرن العشرين، وأضاف الشوا أنغاما على تلك المقطوعة مع تغيير اسمها، والتي تعتبر من أكثر الموسيقات رشاقة، حيث وثقها الشوا في تسعة تسجيلات، وكان مسك الختام مع وصلة موسيقية على مقام «الرست» من ألحان سامي الشوا. الصالحي: تعزيز الموسيقى الشرقية وتعليقا على هذه الأمسية، تحدث د. أحمد الصالحي في تصريح خاص لـ القبس قائلا «قدمنا محتوى موسيقيا متنوعا، ولم يقتصر على ألحان سامي الشوا فحسب، بل قدمنا في الأمسية من ألحانه وألحان غيره من الموسيقيين، وهو حالة، كان يأخذ ألحان غيره ويقدمها بشخصيته، وحاولنا محاكاة أسلوبه، وفي الوقت نفسه حاولنا تعزيز فكرة الحفلات الشرقية الموسيقية وليس الغنائية، فالأوركسترا الغربية من السهل أن يحضر إليها الجمهور ويجلس ساعة أو ساعتين للاستماع، لكن في الموسيقى العربية نرى ذلك مختلفا تماما، ونحن نسعى إلى زرع مثل تلك الأفكار على أمل أن نرى يوما ما حفلات موسيقية عربية متكاملة». الرباعي الشرقي المعروف إن الرباعي الشرقي يهتم بتقديمِ أعمالٍ كلاسيكية عربية غنائية وموسيقية آلية، وكانت له مشاركات عديدة في برلين ولندن وإسطنبول، وهو يقدم القطع الموسيقية المتوارثة غير الشائعة في الأوساط الموسيقية الأكاديمية أو بين العامة، مع التركيز على القوالب الشرقية الأصيلة مثل البشرف والسماعي والتقاسيم المرتجلة. مسيرة حافلة سامي الشوا هو أحد أبرز الموسيقيين العرب في الفترة ما بين 1906 وعقد الثلاثينات من القرن الماضي، حيث قام بإنتاج موسيقي يضاهي في انتشاره التسجيلات الغنائية لكبار المطربين من أمثال أم كلثوم وعبدالوهاب، وهو ما يتضح في مذكرات المؤرخ الفرنسي أليكسي شوتان من عام 1932، حيث ورد فيها «أقام الموسيقي الشهير سامي الشوا حفلة رائقة، عزف في أثنائها على الكمنجة وبرهن عن لطافته ومهارته الساحرة للألباب مع تفوقه الكبير في الفن».



عدد الزيارات : 1314 زيارة

كل التعليقات

    لا توجد تعليقات علي هذا الموضوع

اضف تعليق