> دولي |
احتدمت الاشتباكات حول طرابلس في ليبيا مؤخرأ بعد أن أعلن الجنرال خليفة حفتر، قائد قوات شرق ليبيا، يوم الخميس الماضي عن بدء "المعركة الحاسمة" للسيطرة على العاصمة طرابلس.
لكن هذه المعركة ليس كسابقاتها، إذ يمكن أن تتصدى له قريباً هذه المرة قوات تركية بجانب الفصائل المسلحة المسيطرة على طرابلس.
ففي 27 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وقع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ورئيس حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليا في طرابلس، فايز السراج، مذكرتي تفاهم.
المذكرة الأولى تتعلق بترسيم الحدود الملاحية في البحر المتوسط، والتي أثارت غضب الحكومة اليونانية التي اعتبرت الاتفاقية تعديا على مياهها الإقليمية، ودعمتها في ذلك مصر وقبرص. وتسببت الاتفاقية في طرد السفير الليبي لدى اليونان بعد عدم الإفصاح عن بنود الاتفاقية.
وأقر البرلمان التركي هذه المذكرة في الخامس من ديسمبر/ كانون الأول، كما أقرها المجلس الرئاسي الليبي في اليوم ذاته، ودخلت بالفعل حيز التنفيذ.
أما المذكرة الثانية، فهي المتعلقة بإرسال قوات تركية إلى ليبيا إذا طلبت حكومة الوفاق الوطني دعما عسكريا. وتشمل هذه المذكرة التعاون في مجالات الأمن والتدريب العسكري، والصناعات الدفاعية، ومكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية، وغيرها من أشكال التنسيق العسكري.
وأقر المجلس الرئاسي الليبي هذه المذكرة، لكنها ما زالت تُنظر أمام البرلمان التركي. ويرى خبراء أن هذه الخطوة مسألة إجرائية، خاصة بعد تصريحات وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، أمام البرلمان التركي اليوم والتي أكد فيها دعم بلاده "للحكومة الشرعية الوحيدة في ليبيا".
وكان أردوغان قد أشار من قبل إلى استعداد حكومته للنظر في أي طلب للتدخل العسكري يرد من حكومة الوفاق الوطني، وهي التصريحات التي أعاد أوغلو الإشارة إليها اليوم.
وقال أردوغان في حديث تليفزيوني يوم التاسع من ديسمبر/ كانون الأول إن حكومة الوفاق الوطني بإمكانها طلب تدخل القوات التركية، وبإمكان تركيا إرسال قواتها إليها وإن ذلك لا يؤثر على الحظر الأممي المفروض على إمدادات السلاح.
وتقدم تركيا دعما عسكريا بالفعل لحكومة الوفاق الوطني، في شكل أسلحة وطائرات بدون طيار. لكن نشر قوات تركية سيكون تصعيدا كبيرا، خاصة في وجود قوات المرتزقة الروسية في ليبيا والتي تقدم الدعم لحفتر، بجانب الدعم العسكري المصري والإماراتي.
وأدانت الأمم المتحدة الحكومتين الإماراتية والتركية سابقاً، واتهمتهما بإنتهاك حظر الأسلحة المفروض على أطراف الصراع في ليبيا. لكن يبدو أن تركيا عازمة على تأمين جبهتها في البحر المتوسط بتجديد أشكال الدعم لحكومة الوفاق الوطني.
ويرى الخبراء المقربون من الحكومة التركية إن الوجود العسكري التركي في ليبيا يعزز نفوذها وموقفها أمام روسيا، ويحقق نوعاً من توازن القوى في المنطقة.
كما أن المذكرة الخاصة بالحدود الملاحية في البحر المتوسط تدعم موقف تركيا أمام قبرص واليونان، خاصة بعد الاتفاقيات التي عقدتها كل منهما مع مصر، والتي قيل إن الهدف منها هو حصار تركيا في الصراع الدائر حول التنقيب عن الغاز الطبيعي في البحر المتوسط.
وبالعودة إلى طرابلس، تحاول قوات حفتر حسم معركة طرابلس سريعاً لقطع الطريق أمام وصول القوات التركية. وبالفعل منعت من قبل الرحلات الجوية التجارية بين البلدين، وفرضت حظرا على رسو السفن التركية على السواحل الليبية. كما تستمر تهديدات قوات شرق ليبيا باعتقال الأتراك في أراضيها.
وبالفعل احتجزت قوات حفتر ستة مواطنين أتراك في يونيو/حزيران الماضي، لكنها أطلقت سراحهم خلال ساعات بعد تهديدات تركية بالتصعيد.
ويبدو أن "المعركة الحاسمة" التي شنها حفتر مؤخرا هي أحد أشكال الضربات الاستباقية التي يشنها قبل احتمال التدخل العسكري التركي المباشر، ما قد يصعّب من مهمة تركيا في دعم قوات حكومة الوفاق أو يجعل التدخل ذلك اكثر صعوبة أو غير مجد.
وثبُتت صعوبة المعركة في طرابلس بالفعل، إذ فشل حفتر في السيطرة على العاصمة الليبية رغم مرور أكثر من سبعة أشهر على إطلاق حملته العسكرية.
وتعتمد تركيا، البلد الفقير في موارده من النفط والغاز الطبيعي، على استيراد الوقود بالكامل تقريبا. إذ تستورد 99 في المئة من استهلاكها من الغاز الطبيعي، و93 في المئة من استهلاك البترول.
وأنفقت تركيا 42 مليار دولار أمريكي تقريبا على واردات الطاقة في عام 2018. ومن المتوقع أن يزيد هذا الرقم إلى 45 مليار دولار بنهاية العام الجاري.
وتجلب تركيا أغلب إمداداتها من الغاز الطبيعي من نيجيريا وإيران والجزائر. لكن روسيا لها ثقل كبير كذلك، إذ أبرمت الدولتان خمس اتفاقيات بشأن الغاز بين عامي 1997 و2013، أربعة منها عبر خط البلقان.
لكن أغلب اتفاقيات الغاز هذه تنتهي بحلول عامي 2021 و2022، ما يجعل تركيا في حاجة للبحث عن مصادر جديدة، خاصة مع تغير المشهد السياسي وتورطها في صراعات المنطقة، تحديدا في سوريا.
وربما تكون ليبيا هي الوجهة الأقرب لجلب إمدادات البترول والغاز، إذ تنتج حوالي برميل من النفط يوميا. كما أن اتفاق ترسيم الحدود معها يضمن لتركيا نصيبا من موارد الغاز الطبيعي تحت مياه البحر المتوسط.
كما أن المصالح التركية-الروسية متشابكة بشكل كبير، فبجانب اتفاقيات الغاز هناك اتفاقية استيراد تركيا لنظام الدفاع الجوي إس-400 من روسيا، والذي كان سببا في خلاف كبير مع الولايات المتحدة.
وهنا يبدو الدعم التركي لحكومة الوفاق الوطني أمام قوات حفتر المدعومة من روسيا متناقضا مع هذه العلاقات المتشابكة بين البلدين. لكن المحللين الموالين للحكومة التركية يرون هذا التدخل فرصة لكسب ورقة ضغط في وجه روسيا وتقوية للموقف التركي.
في حين أشار محللون آخرون إلى أن مثل هذا التدخل ربما يكون فرصة لتسوية الوضع في ليبيا وإنهاء حرب بالوكالة، عن طريق الاتفاق بين أنقرة وموسكو، على غرار اتفاقهما بشأن سوريا.
وهو بالفعل ما أشار إليه أردوغان في كلمته التلفزيونية، إذ قال إنه لا يريد "ملفا سورياً جديداً مع روسيا"، وأضاف أنه يرى أن "روسيا ستراجع موقفها من حفتر بسبب غياب أي جانب قانوني في موقفه. حفتر غير شرعي، وأي دعم له سيظل في هذا السياق من غياب الشرعية".
عدد الزيارات : 948 زيارة
كل التعليقات
لا توجد تعليقات علي هذا الموضوع
آخر الأخبار
الطوارئ الطبية: جاهزون لتغطية القمة الخليجية وكأس الخليج العربي
سلاح الدفاع الجوي في الجيش الكويتي ينظم فعالية يوم التخضير
الخطوط الكويتية توقع اتفاقية مع الخطوط الحديدية سار لبيع تذاكر قطار الحرمين السريع
المعلومات المدنية: شطب عناوين سكن 322 شخصا من السجلات
العوضي: الكويت أول دولة في الشرق الأوسط توفر عقارا لحماية الأطفال من الأمراض التنفسية
إقرأ أيضا
الطوارئ الطبية: جاهزون لتغطية القمة الخليجية وكأس الخليج العربي
سلاح الدفاع الجوي في الجيش الكويتي ينظم فعالية يوم التخضير
الخطوط الكويتية توقع اتفاقية مع الخطوط الحديدية سار لبيع تذاكر قطار الحرمين السريع
المعلومات المدنية: شطب عناوين سكن 322 شخصا من السجلات
العوضي: الكويت أول دولة في الشرق الأوسط توفر عقارا لحماية الأطفال من الأمراض التنفسية