> فن وثقافة

دور نشر عربية.. تعبر بالكتاب فوق الحرب والدمار


دور نشر عربية.. تعبر بالكتاب فوق الحرب والدمار

القاهرة - محمد عبدالناصر - برًا كان أو جوًا، وإن انقطعت السبل وأغلقت الطرقات، فثمة باخرة ستعبر المحيط، بكل الطرق الممكنة، حيث تحدو أصحاب دور النشر العربية الظروف الصعبة التي مرت بها بلدانهم. تحت وطأة انتفاضات الشوارع، وأنقاض المباني، مازالت كتبهم لم تحرقها نيران الحرب. جمعوا بضاعتهم الغالية، ونقلوها في أصعب الظروف، ليحافظوا على مشاركتهم المعتادة في معرض القاهرة الدولي للكتاب، الأكبر والأقدم في الشرق الأوسط، ليضربوا موعدًا جديدًا مع القارئ، في ظل أوضاع هددت بانتفاء مشاركتهم، وأدت إلى تخلف كثير من الدور العربية الأخرى. تحدّوا المستحيل، ليصل الكتاب إلى أيدي محبيه وقلوبهم. القبس.. جالت بين أبرز دور النشر العربية القادمة من بلدان الانتفاضات وأعقاب الحرب، لتتعرف على مغامرتهم الطويلة ورحلتهم الصعبة التي تزامنت مع معرض القاهرة الدولي للكتاب. العراق - يد تهتف.. ويد تحمل الكتاب في قاعة 3، يجلس الرجل الستيني، وهو ينقل للزوار أبرز الأعمال التي تخلد ثقافة بلاد الرافدين، وقال ستار محسن مدير دار سطور العراقية التي تقع في شارع المتنبي بالعاصمة بغداد لـ القبس: مشاركتنا اليوم تأتي في الوقت الذي ينتفض فيه العراقيون لنيل حقوقهم وكرامتهم، هناك يد سلمية شريفة تهتف، وهنا يد تحمل الكتاب، وتواجه الأفكار الظلامية بالحقيقة والنور. وأضاف: ثورتنا التي اندلعت في أكتوبر ومستمرة حتى الآن، تدفع المنتفضين إلى الاتجاه نحو المعرفة، وقراءة تاريخهم، وهو ما دفعنا لإقامة معرض في ساحة التحرير العراقية، وقمنا بتوزيع الكتب على المتظاهرين الذين أقبلوا بشكل كبير عليها. سوريا وباخرة الكتب في ظل الأوضاع الصعبة التي تعيشها سوريا، لجأ أصحاب دور النشر إلى نقل كتبهم إلى القاهرة عن طريق الباخرة لتقليل النفقات، حملت الباخرة على متنها آلاف الكتب، لتبحر بها من ميناء اللاذقية إلى ميناء الإسكندرية، ومنها يأتي دور الحافلات لتقلها إلى القاهرة، في رحلة طويلة وشاقة. وقال محمد الرفاعي مدير دار العماد الكائنة في مدينة حلب السورية لـ القبس: منذ اندلاع الحرب في سوريا ودور النشر والمكتبات تعاني تبعات الأزمة على كل الأصعدة. مئات المكتبات دُمرت من قبل داعش، وتعرضت للقصف والسرقة والمصادرة والإحراق. رفقة كثير من أصحاب الدور، يحاول الرفاعي انتشال دور النشر من الوضع القائم، وإعادة إحياء مكتباتهم بعد سنوات من التدمير والخراب. يقول الرفاعي: مشاركتنا بالكتب هي قضية وجود، سوريا موجودة وباقية رغم الشتات والحرب، وهذه الكتب هي صورة من صور الصمود التي نريد أن نقدمها للقارئ. اليمن.. ورقابة الحوثي اليمن السعيد، لم يكن سعيدًا بالقدر المأمول في معرض القاهرة الدولي للكتاب، حيث اقتصرت مشاركته هذا العام على ثلاث دور فقط، بعدما كان يشارك بعشرات المكتبات في السنوات السابقة، لكن الحرب المستمرة هناك، تجعل رحلة الخروج بهذا الكم من الكتب، أقرب الى المستحيلات. وقال عبدالعليم الحزمي، مدير مكتبة خالد بن الوليد الكائنة في العاصمة صنعاء لـ القبس: صناعة النشر في اليمن أصبحت بائسة وغير مجدية، وأكثر من 300 مكتبة أغلقت أو استبدلت نشاطها، وبعد أن كان يقام في اليمن أربعة معارض دولية للكتاب، أصبحنا بلا معرض واحد، كما أن سلعة الكتب أصبحت باهظة في اليمن. الموظفون لا يتلقون رواتب من الحكومة، ومصروفات الطباعة والورق ارتفع سعرها إلى جانب تدهور العملة، وهذا ما يجعل معرض القاهرة الدولي للكتاب وجهتنا الأولى، وهدفنا الأول. وأضاف الحزمي: مشاركتنا في المعرض جاءت صعبة للغاية، فالكتب التي تطبع خارج إطار جماعة الحوثي لا تُقبل ولا تُمرر، وكذلك الحال مع الحكومة اليمنية، وبعض أصحاب المكاتب يتعرضون للاعتقال بسبب الكتب، وهذا ما كلفنا الكثير من الوقت والجهد والإجراءات، ناهيك عن إجراءات الشحن الجوي من مطار عدن، والضرائب في مصر، من دون أي اعتبارات أو استثناءات خاصة تقدم لنا في هذه الظروف. لبنان.. «ممنوع تحكي» وسط عشرات دور النشر اللبنانية المشاركة، رفض أصحابها الإدلاء بأي تصريح خاص عن الأوضاع المضطربة في لبنان، وعلمت القبس من مصادرها، بأن أصحاب المكتبات ملتزمون بعدم نقل صورة عن تلك الأوضاع خلال مشاركتهم في المعرض، وأوضحت المصادر أن الأوضاع الحالية في لبنان جعلت القارئ اللبناني غير مهتم بالقراءة، وأن ما يشغله هو تحسن الأوضاع المعيشية التي هوت بشكل كبير في السنوات الأخيرة. ‏سينتهي هذا الإعلان خلال 12   وقالت المصادر لـ القبس: إن معرض القاهرة رغم عدد زواره الكبير، فانه الأقل من حيث الأرباح مقارنة بمعارض عربية أخرى، بسبب ضعف القوة الشرائية ومشكلة العملة، كما أن الضرائب وأسعار مساحات التأجير هي الأعلى أيضًا، وهو ما صعب مشاركتهم هذا العام. ليبيا.. مشاركٌ وحيد وحيدًا.. لا أحد يؤنسه من أبناء موطنه، عبر بالكتب جوًا من بلاده إلى الجارة مصر، ليمثل ليبيا وحده، في صورة تعبر عن وضع الناشرين والمكتبات التي دمرتها الحرب المستمرة حتى اليوم. وقال سالم سعدون، مدير دار الرواة ليبيا، الكائنة في العاصمة طرابلس لـ القبس: الانقسام الليبي، والحرب المستعرة هناك، هو ما أدى إلى هذه الحالة في ليبيا، ولهذه المشاركة الفقيرة، بدار نشر واحدة. وأضاف سعدون: الإعلام في ليبيا هو الذي أدى إلى الفتنة، والكتب هي خلاصها الوحيد لتطهر النفس وتوحد الإنسان وتزيل الانقسام، وهو ما أحاول أن أدفع به من خلال هذه المشاركة في معرض يعد الأبرز في الوطن العربي.


عدد الزيارات : 879 زيارة

كل التعليقات

    لا توجد تعليقات علي هذا الموضوع

اضف تعليق