> تحقيقات ومقابلات

صغار في السجون: هذا ما جنته عليّ أمي


صغار في السجون: هذا ما جنته عليّ أمي

محمد إبراهيم - خلف الأسوار قصص وحكايات ومواقف وتفاصيل حياة مختلفة تماماً عن مجريات حياتنا العادية حيث البراح والعمل والحرية في التحرك والتصرف والتفاعل وغيرها من الأعمال اليومية. لكن السجناء القابعين خلف أربعة جدران منطق حياتهم مختلف، وتصرفاتهم محسوبة بحزمة قوانين وجملة لوائح تحددها المؤسسات الإصلاحية، الأمر الذي يستحق الرصد وتسليط الضوء عليه، وهو ما قامت به القبس خلال جولتها في أروقة مجمع السجون بمنطقة الصليبية الأربعاء الماضي بمعية مسؤولين أمنيين وعدد من وسائل الإعلام الأخرى. يبدأ كثير من السجناء يومهم في الخامسة صباحاً، وهؤلاء هم الذين سيغادرون السجن لحضور جلسة محاكمة أو مراجعة المستشفى وغيرها، وهناك تصرفات وأعمال يتوجب عليهم فعلها قبل خروجهم أبرزها العناية بالملابس وحلاقة الشعر والنظافة الشخصية وغيرها. لكن أي سجين يصاب بوعكة صحية ويرفض الذهاب إلى المستشفى يتوجب عليه توقيع إقرار بأنه سيعالج داخل السجن، على عكس من لديهم جلسة محاكمة فلا خيار لديه سوى حضورها. رغم التطور الملحوظ في أوضاع السجون، بدت بعض العنابر مكتظة بالنزلاء، وتبين أن السجن المركزي طاقته الاستيعابية لا تتجاوز 2327 نزيلاً لكن القابعين فيه يبلغ عددهم 3295 سجيناً بما يعني أنه يختنق بنحو ألف نزيل زيادة على العدد المخطط له، وشهد خلال العام الماضي دخول 1596 سجيناً والإفراج عن 1486 سجيناً. لن أقابلكم وكان من اللافت أيضاً أن بعض السجناء ممن لديهم مراكز اجتماعية مرموقة يرفضون مقابلة ذويهم لفترات طويلة عقب دخولهم السجن، ومن هؤلاء مواطن وصف بأنه «شخصية مهمة» وموقوف منذ حوالي عام كامل داخل أسوار السجن، وكلما قدم ذووه طلباً لزيارته يرفض مراراً وتكراراً الالتقاء بهم، وعندما وصل الأمر الى الوكيل المساعد لشؤون المؤسسات الإصلاحية وتنفيذ الأحكام اللواء فراج الزعبي اجتمع به وأقنعه برؤية ذويه والالتقاء معهم، وهو ما جرى مؤخراً، لكنه عاد وقال لذويه: انا خجول من وضعي ولا أريد أن ترونني في هذه الحالة. وما أن دلفنا إلى داخل مجمع السجن بدا السجناء كأنهم خلية نحل، حيث انهمك بعضهم في زراعة الحديقة، وآخرون في ممارسة الألعاب الرياضية، بجانب من يعملون في ورش حرفية للحياكة والنجارة وغيرها من أعمال. أما السجينات من النساء فقضين سويعات الصباح داخل مخيم مخصص لهن خارج العنابر للالتقاء بذويهن وتناول الإفطار والقيام بأعمال حرفية ويدوية وغيرها. لكن أكثر موقف إنساني يؤثر في النفس هو احتضان بعض النزيلات لأطفالهن، حيث دخلن السجن لتنفيذ أحكام بحقهن وهن برفقة صغارهن وقد حصلن على تصريح من المحكمة المختصة ببقاء أطفالهن معهن داخل أروقة السجن. وتبين أن بعض الأطفال يقضون نحو 7 سنوات داخل السجن لا لقضاء عقوبة بل لأنهم برفقة أمهاتهم السجينات، وبدا هؤلاء الصغار كأنهم يتحملون جريرة لم يرتكبوها وذنباً لم يقترفوه، وكأن لسان حالهم يقولك هذا ما جنته عليَّ أمي!. هؤلاء الأطفال لهم حياتهم الخاصة وبرنامجهم اليومي الذي ينخرطون فيه وتعده إدارة المؤسسات الإصلاحية، حيث لهم حضانات مخصصة لهم، تشرف عليها جهات الدولة وتخصص لها معلمون وموظفات، ويجري تعليمهم وتأهيلهم نفسياً وبدنياً. وتمنح إدارة السجن 300 فلس يومياً لكل نزيل منضبط وملتزم بإنجاز الأعمال المكلف بها، لكن أكد المسؤولون أن هذه المكافأة أقرتها الجهات المعنية منذ زمن طويل ولم تتغير، ونسعى لزيادتها لتتناسب مع غلاء المعيشة ولتكون حافزاً للانضباط والعمل. حجب الهواتف وكشف وكيل وزارة الداخلية المساعد لشؤون المؤسسات الإصلاحية وتنفيذ الأحكام اللواء فراج الزعبي عن مشروع جديد داخل السجن المركزي يُسمي بـ«حجب الهواتف» على جميع مرافق السجون يضمن عدم جدوى تهريب الهواتف النقالة الى داخل السجون كون المشروع يضمن عدم إجراء أي مكالمة هاتفية من داخل السجن سوى من أرقام السجن المخصصة فقط. مشروع التشويش وأوضح أن المشروع يختلف كلياً عن مشروع «التشويش» على المكالمات، متوقعاً الانتهاء من مشروع «حجب المكالمات» نهاية العام الحالي، على أن يتم العمل به بداية العام المقبل، مؤكدا ان المشروع سيسهم كثيرا في ضبط السجون ومنع تهريب الهواتف النقالة، مشدداً على أن المؤسسات الاصلاحية تحرص على الارتقاء بخدماتها التي تقدمها للنزلاء لتواكب التطور الكبير في السجون العالمية النموذجية. واعلن عن نقلة نوعية ستحدث داخل السجون نهاية العام المقبل، تتمثل في مشروع التحول الالكتروني الكامل داخل مجمع السجون، مؤكداً ان المشروع سيخدم كل وزارات الدولة الى جانب السجناء وأهاليهم، وكذلك توفير العديد من العناصر العاملة داخل السجن وتكليفهم بمهام أخرى، فضلاً عن توفير الوقت والجهد. وأضاف أن المشروع سيغطي كل الجوانب داخل السجون بداية من الزيارات التي ستكون من خلال الحجز على الموقع الالكتروني، فضلاً عن توفير شهادة براءة الذمة بالنسبة للوافدين إلكترونياً من دون الحاجة إلى مراجعة مجمع السجون، مروراً بربط الأحكام مع وزارة العدل مباشرة وهذا الجانب تم إنجاز 80 في المئة منه، وكذلك الربط مع ديوان الخدمة المدنية، والتأمينات، والقوى العاملة. أحكام جنائية وكشف اللواء الزعبي عن أن عدد الاحكام الجنائية المسجلة في العام الماضي بلغ نحو 86 ألف حكم، وبلغت الأحكام الجنائية المنفذة 85701 حكم، وبلغ عدد المحكومين المضبوطين 1754 محكوماً، وتجاوز عدد الأشخاص المضبوطين في الاحكام المدنية المنفذة 13 ألفاً بواقع 102821 ملفاً. واكد ان عدد النزلاء في المؤسسات الإصلاحية يبلغ 4662 نزيلاً، موضحاً أن المؤسسات الإصلاحية هي الجهة المعنية بتنفيذ أوامر الحبس والافراج الصادر من المحكمة او الجهة المختصة، كما تعد أحد المراكز المهمة لقياس حضارات الشعوب وتقدم دولها، وقد جعلها في تلك المرتبة مدى التزامها واحترامها لتطبيق حقوق النزيل داخل المؤسسات الاصلاحية، وتحويل الفكرة من عقوبة الى الاصلاح والتأهيل وما تضمنه من برامج اصلاحية وانشطة تربوية وثقافية. 10 آلاف في العمومي قال اللواء الزعبي إن عدد النزلاء في السجن العمومي بلغ 1096 نزيلاً، والذي استقبل 4679 موقوفاً خلال العام الماضي، في حين أُفرج عن 4700 آخرين، مؤكداً أن الطاقة الاستيعابية للسجن العمومي 900 نزيل فقط. وأشار إلى أن عدد نزيلات سجن النساء يبلغ 271 نزيلة رغم أن طاقته الاستعابية 250 نزيلة فقط، مؤكداً أنه استقبل خلال العام الماضي 210 نزيلات، في حين أُفرج عن 204 نزيلات. عنابر أمن الدولة يخضع المحكومون في قضايا أمن الدولة الى مراقبة صارمة وشديدة على مدار الساعة، وتبين أن أغلبية كاميرات المراقبة موجهة عليهم طيلة الوقت لخطورتهم. عناصر نسائية This ad will end in 34   خصصت إدارة العمليات عناصر نسائية مدربة على أعلى مستوى لمراقبة سور السجن والأبراج داخلياً وخارجياً على مدار الـ24 ساعة لكشف أي محاولة لاختراق السجن. 1350 كاميرا لمراقبة السجون أكد مدير إدارة العمليات في السجن المركزي العقيد طلال الجزاف ان السجن المركزي مراقب بـ1350 كاميرا تعمل بشكل متواصل طيلة الـ24 ساعة، لمراقبة كل ما يدور داخل وخارج أسوار السجن، ونقله أولاً بأول للمختصين. وأضاف أن كاميرات المراقبة هي عين القطاع للإبلاغ عن أي شيء مخالف أو من شأنه الاضرار بالمصلحة العامة، لافتا الى ان الغرض من وضع تلك الكاميرات في المقام الأول وقائي لمنع دخول الممنوعات، وكذلك التعرف على أي حدث مفاجئ يحدث داخل السجن كالمشاجرات أو الحرائق. وكشف الجزاف عن وجود ارتباط مباشر بينهم وبين غرفة العمليات المركزية الرئيسية، مشيراً الى ان الإدارة تتبع وكيل وزارة الداخلية مباشرة، وهي إدارة محايدة، ولا تتبع قطاع المؤسسات الإصلاحية، وتنقل كل ما يدور داخل السجن أولاً بأول لوكيل الداخلية. وشدد على أنه لا أحد فوق التفتيش والحساب داخل السجن، وان المقصر في عمله يُعاقب مهما كانت رتبته. الاتصالات الهاتفية قال اللواء الزعبي ان هناك ساعات محددة للنزلاء يسمح من خلالها الاتصال هاتفيا مع ذويهم، لافتا الى ان كل سجين من حقه وضع أرقام محددة لأقرباء له من الدرجة الأولى يتواصل معهم فقط من دون غيرهم، مشيراً الى ان ادارة السجن وفرت خدمة الاتصال الدولي للوافدين بذويهم، وذلك عبر برنامج معين من الانترنت لإجراء المكالمات الدولية. نظام النقاط وضعت إدارة السجن نظاماً موحّداً على السجناء يسمى نظام «النقاط»، بحيث تكون لكل مخالفة داخل السجن عدد معين من النقاط، وكلما ارتفعت النقاط يُحرم السجين من الحصول على شهادة حسن سير وسلوك، وبالتالي يتم حرمانه من الدخول في كشوفات العفو الأميري، ومن الإفراج الشرطي، ومن دمج العقوبات. ومن يتم ضبط هاتف نقال بحوزته، يجري حرمانه من الحصول على شهادة حسن سير وسلوك لمدة عام كامل، ومن يتورط في مشاجرة يتم حرمانه منها لمدة 6 أشهر، وهناك مخالفات أخرى تحرم السجين من الحصول على شهادة حسن السير والسلوك لمدة 3 أشهر. 60 عاماً على السجن أظهرت الجولة ان بعض مباني السجن المركزي قديمه جداً ومضى عليها أكثر من 60 عاماً، وتعد أقدم عنابر للسجن في البلاد، وتجرى حالياً عمليات لصيانتها وترميمها، فيما تبين ان السجن المركزي رقم 2 والذي افتتح عام 2007 يضم العديد من المميزات والأنشطة، وكذلك الحال في السجن العمومي الذي افتتح في 2005. كاميرات ذكية بعض الأماكن داخل السجن المركزي مُراقبة بالكاميرات الذكية (سمارت) التي لا تحتاج الى عناصر بشرية كثيرة في المراقبة، لأنها كاميرات مصممة على أنها تعطي إنذاراً في حال حدوث أي مخالفة، فضلاً عن أن مدة تسجيلها للأحداث كبيرة، وتصل إلى 4 أشهر كاملة، ويمكن الرجوع إليها لكشف أي مخالفات حدثت خلال تلك الفترة. وتقدمت الجهة المختصة في وزارة الداخلية بطلب لتعميم الكاميرات الذكية على جميع مرافق السجن، لما لها من أهمية قصوى في ضبط الأوضاع داخل السجن، والحد من دخول وتهريب الممنوعات.

عدد الزيارات : 876 زيارة

كل التعليقات

    لا توجد تعليقات علي هذا الموضوع

اضف تعليق