> مقالات

موجة الاماني

كتب : فاطمة العسيلي |
موجة الاماني

تسودني حالة غريبة لا أفهمها ولا أعلم ما إن كانت قد أصابتني سابقا ! هي تقريبا كتلك الحالة التي تصيب الحيتان فتجد نفسها لا إراديا تتجه إلى الشاطئ وتلقى بنفسها للهلاك استسلاما وعدم الرغبة في الحياة، أو ربما هي خليط من الإحباط مع بعض من الركود مطعم برشة من اللامبالاة الناتجة عن خيبة الظن التي تحدث لي منذ فترة، لا أرغب في فعل أي شيء سوى السكون والانغلاق وسماع الابتهالات التي أحبها أو مشاهدة فيلم أسطوري مضاف إليه بعض الإثارة من الخيال العلمي والرعب أو فيلما مصريا قديما، أو أن أتأمل السماء المزينة بالنجوم ليلا! أو أن أغوص في أعماق البحر وأستمتع بروعة صنع يد الله، ولا مانع في  أن أجلس على الشاطئ وأمارس هواية قديمة لي لم أمارسها إلا مرة واحدة في حياتي وهي الصيد، أو أن أقرأ رواية تخطف عقلي مني وتذهب به إلا اللاوعي، العجيب في الأمر أنني مع كل تلك الرغبات تتقدمهم الأقوى وهي العزلة والسكون! في الوقت ذاته أشعر بالوحدة والحاجة إلى المشاركة والجمعة الأسرية حتى إنني منذ أيام أصنع الطعام وأطرق باب الجيران وأدعوهم لتناول الطعام  والشاي معا أو أهاتف صديقة لي وأدعوها للغداء! لم أعد أفهم ذاتي ماذا أريد؟! هل رغبتي هي أن أعتزل الناس أم أسعى إليهم وإلى مشاركتهم وقتي، ربما ذلك التخبط عائد إلى أن تلك الأيام هي الذكرى الأولى لمرور عام على وفاة المغفور لها بإذن الله أمي وشعوري بالفقد والاشتياق لها، أو ربما هي حالة من البيات الشتوي التي تصيب بعض الناس والكائنات الأخرى في فصل الشتاء. ما أثار دهشتي في تلك الحالة بالذات أنني لم أستطع تحديد سببها، ولطالما أتميز بتلك القدرة، وهي تحليل ذاتي وكل طارئ أصاب به يجب أن أعي العوامل والأسباب والحكمة والغاية، أما هذه المرة فقد تهت في غياهب عقلي وغرقت في أعماق دواخلي التي كنت أنا المتصرفة بها والمسيطرة عليها، وكنت أعرف متى أغوص فيها وكيف أخرج منها  وطريقة النجاة من التعثر في منحنياتها الوعرة. لا أعلم هل ما يجتاحني الآن أمر طبيعي يحدث لآخرين أم إنه إشارة إلى شيء ما أجهله. في نهاية الأمر حتما ستنتهي هذه الحالة يوما، كغيرها مما يصيبنا على حين غرة. أيام تنقص من عمرنا ولن تعود، النافع فيها هو الفوز برضا وحب الله تعالى ، تلك هي ثمرة عمرنا هذا. نسأل الله العفو والعافية ورضاه وحسن لقاه.

عدد الزيارات : 2142 زيارة

كل التعليقات

    لا توجد تعليقات علي هذا الموضوع

اضف تعليق