> فن وثقافة

كيف فاز الكوريون.. بالأوسكار؟


كيف فاز الكوريون.. بالأوسكار؟

محمد مراح - في مفاجأة لم يسبق حدوثها في تاريخ حفل جوائز الأوسكار، فاز فيلم آسيوي مترجم بجائزة أفضل فيلم، ليدخل التاريخ ويكسر الاعتقاد السائد بأن أكاديمية فنون السينما المانحة للأوسكار، تتجاهل الأفلام المنجزة بغير اللغة الإنكليزية. فيلم Parasite تدور قصته حول عائلة كورية جنوبية فقيرة، تخرق صفوف أسرة ثرية، ويتطرق إلى الهوة بين الأغنياء والفقراء في سيئول، عاصمة كوريا الجنوبية، وقد تمكن هذا الفيلم من التغلب على أكبر مرشح لحصد الجائزة وهو فيلم 1917، للمخرج سام منديس، والذي تدور أحداثه عن الحرب العالمية الثانية، لكن بقالب ورؤية جديدين. كما تمكن الفيلم من حصد ثلاث جوائز أخرى، وهي جائزة أفضل فيلم دولي، وجائزة أفضل سيناريو، وجائزة أفضل مخرج لبونغ جون هو. عمل متقن وتقول المحللة، كيلي دونالدسون، عبر موقع Screen Rant المتخصص في السينما: «حتى عشاق الأوسكار الأكثر تفاؤلاً لم يكن أحد منهم يتوقع أن تمنح الأكاديمية الجائزة لهذا الفيلم الآسيوي، بالنظر إلى قوة الأفلام المنافسة، فمن فيلم 1917 مروراً بفيلم الجوكر الذي تجاوزت إيراداته في شباك التذاكر مليار دولار، وصولاً إلى فيلم الايرلندي الذي كان ينتظر أن يحقق أكبر عدد من الجوائز». وتضيف المحللة: «أن فيلم Parasite بدأ يظهر كعمل ناجح خلال مهرجان «كان السينمائي» في 2019 في دورته 72، فقد كان الفيلم واحداً من الأفلام الرائدة، بل إن البعض صنفه كتحفة فنية، وقد فاز الفيلم بجائزة السعفة الذهبية، ونال بذلك المكافأة الكبرى بعد تمكنه من التغلب على 21 عملاً سينمائياً شاركت في المسابقة غالبيتها لمخرجين عالميين كبار». ولم يكن غريباً جداً فوز هذا الفيلم بجائزة الأوسكار، فقد نال في مهرجان «كان» الذي استضافته فرنسا، تصفيقاً كبيراً من الحضور، وقد أشادت به الصحافة الفرنسية عبر صفحاتها الفنية، كما حقق أيضاً جائزة أفضل فيلم أجنبي في حفل جوائز «غولدن غلوب» في دورته 77، التي أقيمت في بيفرلي هيلز بكاليفورنيا. أسباب النجاح ومن أسباب النجاح الرئيسية أن شركة Neon، وهي شركة أميركية لإنتاج وتوزيع الأفلام، والتي هي الموزع المستقل الذي يملك حقوق الفيلم في أميركا الشمالية، قامت بحملة ترويجية ممتازة وحذرة للغاية في نفس الوقت للفيلم، حيث عملت ليس فقط على تقديم الفيلم إلى هوليوود ولكن لفتح أبواب السينما الكورية الجنوبية أمام جمهور أوسع، وفق ما تقوله المحللة كيلي دونالدسون. وتضيف المحللة أن: «طاقم العمل والممثلين في فيلم Parasite كانوا متواجدين في كل مكان هذا الموسم، حيث حضروا حفلات في مناطق مختلفة، وأجروا مقابلات مع مجلات لامعة، والتقطوا صوراً مع أفضل وألمع الأشخاص في عالم السينما، ومن هنا أرغب في التأكيد أنه لا يكفي أبداً أن تكون مجرد فيلم ممتاز في سباقات أوسكار.. بل عليك أن تخوض المعركة أيضا وتعمل بجد لإرضاء الجميع»، كما ترى المحللة أنه «كان من المستحيل تقريبا العثور على ناقد يرغب في القول إن الفيلم كان أقل من ممتاز». وتقول المحللة عن المخرج، بونغ جون هو، أنه كان واحداً من أكثر ضيوف الحفلات المرغوبة لهذا الموسم، ونجح في فرض نفسه كشخصية مميزة استحقت الفوز بجائزة أفضل مخرج. وقال المخرج بعد الإعلان عن فوزه بالجوائز: «أشعر بأنني سأستيقظ لأكتشف أنه مجرد حلم.. الأمر سريالي». توقع صحيح هذا وكان موقع Rotten Tomatoes، المتخصص في تقييمات وأخبار ومعلومات حول الأفلام، قد توقع أن فيلم Parasite سيحصد جائزة الأوسكار عن أفضل فيلم بنسبة %99، ويرى محللو الموقع أن الفيلم استحق وبجدارة الفوز. كما أن الفيلم حقق إيرادات جيدة في شباك التذاكر بأميركا الشمالية، بإجمالي مبيعات تجاوز 36 مليون دولار في الولايات المتحدة، كما جمع ما يقرب من 167 مليون دولار حول العالم. ‏سينتهي هذا الإعلان خلال 20   السيناريو الأفضل فوز الفيلم بجائزة أفضل سيناريو أصلي لم يكن غريباً أيضاً، فقد فاز هذا الفيلم بهذه الجائزة في مهرجان الأكاديمية البريطانية للأفلام (بافتا)، كما فاز الفيلم أيضاً بجائزة نقابة الكتاب الأميركية WGA Awards. ونال سيناريو الفيلم استحسان النقاد، فقد كان يراوح بين التشويق والكوميديا العائلية والسخرية اللاذعة حول التفاوت الاجتماعي بين العائلات الفقيرة والغنية في كوريا الجنوبية. وكتب المحلل جوستين تشانغ لصحيفة «لوس أنجلوس تايمز»: «أن لجنة الأوسكار كانت سترتكب خطأ كبيراً إن لم تمنح الجائزة لفيلم Parasite، فقد كان يضم بعضا من أفضل العروض الفردية الأكثر إبداعا ودقة في التمثيل التعاوني، وكان مخيباً للآمال أن تخلو ترشيحات من الممثلين، لكن الفيلم رغم ذلك تمكن من حصد جائزة أفضل فيلم رئيسي وأفضل سيناريو وأفضل فيلم دولي». وقال جايسن بيشيرفيز الأستاذ في جامعة «سونغسيل الكورية»، إن «الفيلم نال استحسانا يتجاوز مجتمعا محددا، فثمة غضب سياسي مستعر في العالم بأسره يؤججه الشعور الملموس بتوسع انعدام المساواة الاجتماعية والفيلم يلعب على هذا الوتر بفعالية كبيرة». في حين قال، جون لي، الأستاذ في جامعة كاليفورنيا في بيركيلي إن الفيلم «نجح في إظهار كيف أن الفقر والثراء متشابكان بشكل وثيق، فالأغنياء هم بمنزلة طفيليات على الفقراء والعكس صحيح». وتوقعت ديبورا شو، أستاذة الدراسات السينمائية في جامعة بورتسمث في بريطانيا، وفق وكالة فرانس برس، أن يفتح هذا النجاح مجالات أكثر لأفلام أخرى ويجعل «منتجين وموزعين عالميين أكثر ميلا إلى الاستثمار في فيلم بلغة أجنبية غيرالإنكليزية»، وأضافت «لقد أثبت الفيلم أن القصة المروية بشكل احترافي ولها بعد عالمي، يمكنها أن تتجاوز حاجز اللغة

عدد الزيارات : 942 زيارة

كل التعليقات

    لا توجد تعليقات علي هذا الموضوع

اضف تعليق