> منوعات

صالون الزمبيلي»: الاحتلال يقاوَم بإحياء الذاكرة.. و«روضة المعارف» بالقدس


صالون الزمبيلي»: الاحتلال يقاوَم بإحياء الذاكرة.. و«روضة المعارف» بالقدس

أشار صالون د. عبد الحميد إبراهيم الزمبيلي، في فعاليته الثامنة، إلى أن التعامل مع الاحتلال لا يمكن إلا بإحياء جميع أشكال المقاومة، ومنها العالِم المقاوِم، و«المدرسة المقاومة»؛ والتي تعد «روضة المعارف» بالقدس نموذجًا لها.
وقال الدكتور سيد علي إسماعيل، أستاذ المسرح بآداب حلون، إن مدرسة «روضة المعارف» بالقدس قدمت إسهامًا تعليميًا وتربويًا يصعب نسيانه أو تجاهله ، رغم المحاولات الكثيرة التي جرت من الاحتلال قديمًا وحديثًا.
وأوضح إسماعيل، خلال محاضرته «روضة المعارف الوطنية بالقدس- تاريخ يأبى النسيان»، وبحضور ناجي الناجي المستشار الثقافي لدولة فلسطين بالقاهرة، أن «روضة المعارف» أنشأها الشيخ محمد الصالح عام 1906م، وتعكس جزءًا مهمًا من تاريخ فلسطين.
وقال: تعرفت على «روضة المعارف» خلال إعدادي كتابي «المسرح في فلسطين قبل النكبة»، ولفت نظري ما أسهمت به هذه المدرسة في تاريخ فلسطين، وما قامت به من جهود، ثم ما وقع بحقها من طمس من قِبل الاحتلال الآن؛ فنذرت نفسي لكتابة تاريخها، لأثبت أنها صنعت تاريخًا يأبى النسيان.
وأضاف: روضة المعارف مدرسة وطنية «أهلية» أنشئت في العهد العثماني، وكانت أول مدرسة تعلم باللغة العربية، وبدأت بمرحلة الروضة والكتاتيب، ثم المرحلة الابتدائية «خمس سنوات»، والمرحلة الاستعدادية «خمس سنوات»، ثم فصل تمهيدي للجامعة، ثم تحولت إلى كلية.. وكان خريجوها يحق لهم الالتحاق بالجامعة الأمريكية بالقاهرة وبيروت، دون أي اختبار، بعد شهدت لجان عدة لمناهجها بالتميز والكفاءة.
وأشار إلى أن الاحتلال الإنجليزي لفلسطين حارب «روضة المعارف» وحاول إيقافها، والاحتلال الإسرائيلي أغلقها، ولم يكتب عنها أحد بما يليق بها، رغم أن مبانيها مازالت موجودة حتى الآن.
وتابع: «روضة المعارف» كانت النموذج العربي المماثل لكلية إيتون البريطانية، ومدرسة سان سير الحربية الفرنسية. وزارها علماء التربية والتعليم من بريطانيا وأمريكا والصين والهند وأشادوا بتقدمها العلمي والتربوي. وكان أول المتخرجين فيها كل عام يحصل على ميدالية ذهبية من «السير عبد الكريم غزنوي» عضو مجلس حكومة البنغال في كلكتا بالهند، ويحصل المتفوق في اللغة العربية والدين الإسلامي على وسام مفتي القدس الحاج أمين الحسيني.
وذكر أستاذ المسرح بآداب حلون أن «روضة المعارف» تعكس التعاون الوثيق بين منشئها الشيخ الصالح، ومفتي القدس أمين الحسيني، الذي كان يتخذ من القاعة الكبرى بالمدرسة مقرًا لاجتماعاته ولقاءاته.
وبيّن أن «الروضة» كانت أول مؤسسة تعليمية فلسطينية تستخدم مولد الكهرباء، وأول من أدخلت المرصد الفلكي بفلسطين لرصد درجة الحرارة وكمية الأمطار، وصاحبة أول فرق للكشافة بفلسطين منذ عام 1919، وأول فريق لكرة القدم في المدارس الوطنية الفلسطينية، وفازت بالكأس الفضية عام 1927 على جميع فرق مدارس فلسطين، وأول من أدخلت الألعاب الأوليمبية في فلسطين بحفلاتها الرياضية السنوية منذ عام 1931.
وأضاف: بين جدران القاعة الكبرى بروضة المعارف، كُتب تاريخ النضال الفلسطيني ضد الاحتلال؛ ففيها انعقد المؤتمر الإسلامي العام للدفاع عن المسجد الأقصى والأماكن الإسلامية المقدسة عام 1928، وودّعت فلسطين الوفد المسافر إلى لندن من أجل القضية عام 1930، كما اجتمع أعضاء وفود العالم الإسلامي المشاركين في المؤتمر الإسلامي العام الأول عام 1931، وتم رثاء أمير الشعراء أحمد شوقي وتأبينه، واجتمع علماء الإسلام في فلسطين لمنع بيع الأراضي لليهود، وأصدروا فتوى بتكفير البائع والسمسار عام 1934، كما حاضر فيها المازني في موضوع «الأدب الجديد وما يقوم عليه»، ومثّل يوسف وهبي وفرقته مسرحيتي «البؤساء» و«وراء الستار».
وفي كلمته، قدم المستشار الثقافي لفلسطين بالقاهرة، ناجي الناجي، الشكر للصالون على هذا الاهتمام بفلسطين، لاسيما في تاريخها الثقافي والعلمي.. لافتًا إلى أهمية الاهتمام بكل ما له علاقة بالهوية والتراث، في مقابل عدو مدجج بكل أنواع الفتك ويعمل على محو الذاكرة، ويجب أن يقاوَم أيضًا بإحياء الذاكرة.
وأشار د. حسام الزمبيلي، رئيس الصالون، أستاذ طب وجراحة العيون، إلى أن التعامل مع الاحتلال لا يمكن إلا بإحياء جميع أشكال المقاومة، ومنها العالِم المقاوِم، و«المدرسة المقاومة»، والتي تعد «روضة المعارف» نموذجًا لها؛ فهي رسّخت العلم والمعرفة، وعزّزت الهوية من خلال التدريس باللغة العربية.
من جانبه، رحّب د. محمد صالحين؛ أمين عام الصالون، بالمستشار الثقافي لفلسطين، قائلاً: حضوركم شرفٌ كبير للصالون، ويُضفي على الندوة مزيدًا من الألق والأهمية والسعادة، بقدر ما يضعُ على عاتق مسؤولي الصالون مزيدًا من المسؤولية في تقديم كل ما يوقظ الوعي العربي، ويدعم القيم، ويناهضُ أسباب التخلف الثقافي، والتردي الأخلاقي.
وأضاف: إن ما قدمه الدكتور سيد علي «جبرتي العصر» من بعثٍ للوعي، وتوثيقٍ للسبق الفلسطيني في مجالات التربية، والتعليم، والجودة المؤسسية، والمشاركة المجتمعية- ممثلة في «روضة المعارف»- برهانٌ على أن المقاومة الثقافية لا تقل أهمية عن المقاومة في ساحة المعركة الحقيقية، وأن «الصالون» يُهدي هذا السبق الذي خصنا به الدكتور سيد علي إلى أرواح جميع الشهداء، وإلى روح الشيخين الجليلين الحسيني والصالح، وكذلك إلى الشرفاء الذين لا يزالون يؤمنون بحق الشعب الفلسطيني في العيش الحر الكريم، على كامل ترابه.
وقال السنوسي محمد السنوسي، المستشار الإعلامي للصالون: من المهم رصد وتوثيق جوانب الحياة في فلسطين قبل النكبة، مثل «روضة المعارف»؛ لتفنيد المزاعم بأن فلسطين كانت أرضًا بلا شعب.. فالتوثيق يثبت العكس، ويؤكد حقيقة هذا الوجود، وأنه كان وجودًا فاعلاً وسابقًا في التمدن والتحضر.

عدد الزيارات : 375 زيارة

كل التعليقات

    لا توجد تعليقات علي هذا الموضوع

اضف تعليق