> اقتصاد

رندة تقي الدين: مع ذكري الغزو الغاشم.. الغيص يتسلم أمانة «أوبك»


رندة تقي الدين: مع ذكري الغزو الغاشم.. الغيص يتسلم أمانة «أوبك»


تسلم هذا الشهر هيثم الغيص أمانة عام "أوبك"، والملفت أن صدفة تسلم الكويت قيادة منظمة الدول المصدرة للبترول تؤكد أن رغم كل ما مرت به هذه المنظمة من حروب وعقوبات بقيت صامدة والعالم يتطلع الى أعمالها .
فاليوم وغزو روسيا لأوكرانيا قلب كل توقعات الدول الغربية لجهة العمل على الابتعاد عن الطاقة الاحفورية نرى أن دول أوروبا وأمريكا تنتظر ماذا تفعله أوبك ومجموعة أوبك+ في اجتماعها الشهري غدا الأربعاء وما إذا كانت ستسجيب لضغوط الغرب بشأن زيادة الإنتاج النفطي للحد من مستوى أسعار البنزين في الدول الأوروبية وفي الولايات المتحدة .
ان موضوع الطاقة أخذ حيزا مهما من محادثات ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان مع الرئيس الأميريكي جو بايدن عندما زاره في جدة ومع رئيس الحكومة الإغريقية خلال زيارة الأمير إلى أثينا ثم في زيارته الرسمية إلى فرنسا حيث أجرى محادثات مع رئيسها ايمانويل ماكرون. 
وشارك في المحادثات الفرنسية السعودية إلى جانب شقيقه وزير النفط السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان الذي يرأس مجموعة أوبك+ مع الوزير الروسي الكسندر نوفاك. 
منذ غزت روسيا أوكرانيا بدأت العقوبات الأوروبية والاميريكية تنهال على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وأوساطه فأدت إلى تقليص استيراد النفط الروسي الذي كانت أوروبا تعتمد عليه بـ٤٠ في المئة من امداداتها .
مبدأيا في الخريف قد تتوقف الدول الأوروبية استيراد النفط الروسي في حين أن الاتحاد الأوروبي لم يتمكن من إيقاف استيراد الغاز الروسي. 
ألمانيا عجزت عن ذلك لأنها تعتمد بشكل كبير على الغاز الروسي ولن تتمكن من إيجاد ما يكفي من بدائل لهذا الغاز، فروسيا انتقمت وبادرت بإيقاف إمداداتها من الغاز عبر خط نورد ستريم ١ الى المانيا ثم عاودت التصدير بكميات قليلة جدا . 
فأسعار الطاقة في أوروبا والولايات المتحدة قد ارتفعت بسبب الغزو الروسي لاوكرانيا ونتائجه من عقوبات على روسيا وردات فعل روسية على أوروبا . 
أوضح ولي العهد السعودي وشقيقه وزير النفط خلال محادثتهما مع القيادات الغربية أن قرار أوبك واوبك + جماعي يتخذ مع جميع الأعضاء بما فيهم روسيا . 
والمعروف أن وحدها السعودية تملك طاقة إنتاجية زائدة ب١،٢ مليون برميل في اليوم والامارات لديها طاقة زائدة ب٤٠٠٠٠٠ برميل في اليوم .
ورفعت السعودية في شهر يوليو انتاجها ب١٨٠٠٠٠ برميل في اليوم الى ١٠،٧٨ مليون برميل في اليوم اعلى مستوى منذ ابريل ٢٠٢٠ والامارات والكويت رفعتا انتاجهما أيضا في يوليو. فكانت زيادة الإنتاج لشهر يوليو ٢٧٠٠٠٠ برميل وهي اقل بثلثي ما كان مقررا بسبب عدم توافر القدرات الإنتاجية الزائدة نتيجة قلة الاستثمارات التي أشار اليها ولي العهد السعودي في جميع محادثاته وأيضا بسبب العقوبات على ايران وفنزويلا . 
تعول السعودية على الحفاظ على مشاركتها مع روسيا رغم الغزو على أوكرانيا لان هذه الشراكة اتاحت لرفع أسعار النفط الى أكثر من مئة برميل في اليوم بعد جائحة الكورونا .
وترى الدول المنتجة أن ارتفاع أسعار البنزين مرده إلى الضرائب في الغرب وإلى أرباح التكرير التي ارتفعت بشكل هائل إلى أكثر من ١٤٠ دولار للبرميل أحيانا فيما كانت منخفضة جدا من قبل . والدول الخليجية في أوبك تعتبر أن ليس هناك شح في النفط بل المشكلة هي في أسعار الغاز والكهرباء وليس النفط فيما يشير إلى أن أوبك لن ترفع انتاجها بشكل ملموس لشهر أيلول سبتمبر في اجتماعها غدا وهذا ما ادركته الدول المطالبة لأوبك برفع إنتاجها . 
فاستطاعت أوبك في البقاء رغم الحرب الإيرانية العراقية ثم الغزو العراقي للكويت والآن وانضمت اليها روسيا ودول مصدرة أخرى والعقوبات تزيد على روسيا بوتين. 
اصبح غزو روسيا لاوكرانيا ملف يهم أوبك ولو ان المنظمة تقول باستمرار انها ليست سياسية . 
وهنا يجدر التذكير بمقابلة اجريتها مع السفيرة الاميريكية السابقة الى العراق ابريل غلاسبي عندما زرتها في ٢٠١٠ في كيب تاون لتروي لأول مرة حديثها مع الرئيس العراقي صدام حسين قبل غزوه الكويت حين قالت" له إنني لن أغادر إلى إجازتي قبل أن تسحب قواتك من الحدود ورد قائلا لها "اذهبي ولا تقلقي وقولي لرئيسك ( آنذاك جورج بوش الاب ) إن عليه أن يعمل للضغط على دول الخليج السعودية والكويت بعدم إغراق الأسواق بالنفط وجعل سعر البرميل ينهار " وقالت غلاسبي في حديثها آنذاك "كذب علي كما كذب في مكالمته مع الرئيس المصري حسني مبارك قائلا إنه لن يفعل شيئ ". فقالت غلاسبي في حديثي معها " انني عكس مزاعم طارق عزيز لم أقل له قطعيا إننا لا نتدخل في نزاعاتكم مع الكويت وقالت انني أبلغته أننا قلقين من هذا الحشود وحذرته ".
فتحجج حينئذ صدام حسين بأسعار النفط ولكنها كان يريد غزو الكويت معتقدا ان البلد جزء من العراق . فغزو الكويت كلف الكويت والعراق ضحايا ودمار وخراب ولكن في نهاية المطاف أدى الى سقوط نظام وحشي وقمعي افقر بلده ودمره .
ورغم ذلك صمدت منظمة أوبك، لكن السؤال اليوم هل تصمد "أوبك +" رغم غزو بوتين لاوكرانيا دون معاقبة الغازي الروسي؟ فهذا ما سنراه في المستقبل القريب.

عدد الزيارات : 900 زيارة

كل التعليقات

    لا توجد تعليقات علي هذا الموضوع

اضف تعليق