> اقتصاد

رندة تقي الدين: تداعيات التضخم في الغرب


رندة تقي الدين: تداعيات التضخم في الغرب

بعد سنتين من الممنوعات والقيود التي فرضتها جائحة الكورونا على سكان الدول في جميع القارات التي أصيبت بهذا الوباء هناك اندفاع لا مثيل له في الدول الغربية في فترة الاجازات الصيفية في شهر أغسطس للانتقال إلى أماكن الراحة في الجبال أو شواطئ البحار أو إلى المناطق الريفية .
ولكن غلاء المعيشة يمنع الكثير من الذهاب بعيد عن أماكن سكنهم لتوفير الطاقة وأسعار الفنادق وغيرها من أماكن سياحية . 
التضخم في عدد من هذه الدول بلغ أعلى مستوى منذ ١٩٨٥ ، فمثلا التضخم في فرنسا تجاوز ٦ في المئة لمدة سنة ، في بريطانيا توقع مصرف بريطانيا Bank of England أن يصل مستوى التضخم إلى ١٣ في المئة هذ السنة .
أسعار المواد الغذائية بلغت ارقام قياسية اثر غزو روسيا لاوكرانيا فارتفعت أسعار القمح والحبوب والزيوت النباتية ، كما أن ارتفاع أسعار الطاقة من غاز إلى نفط وكهرباء أدى إلى رفع تجار المواد الغذائية في أوروبا أسعار مبيعاتهم بشكل كبير، فأصحاب معامل السكر والقهوة وغيرها يشكون من ارتفاع أسعار الطاقة . 
فالمطاعم والفنادق رفعت أسعارها بشكل باهظ، وقلة اليد العاملة في الأماكن السياحية في أوروبا من المشاكل المستجدة في فرنسا وفي بريطانيا بعد الكورونا ، أما في الولايات المتحدة فالوضع مختلف بعض الشيء ولو أنه غير مؤكد بعد . 
غدا ستطلق بورصة الولايات المتحدة وهو أكبر اقتصاد في العالم مستوى التضخم الذي قد ينخفض قليلا بسبب انخفاض أسعار الغاز والنفط بحوالي ١٥ في المئة في الولايات المتحدة ولكنه يبقى التضخم مرتفع اذ من المتوقع أن يبلغ ٨،٧ في المئة لمدة سنة نسبة الى ما كان في يونيو بـ ٩،١ في المئة . 
فالعالم بأسره ينتظر ارقام التضخم الامريكي ولو أن جميع التوقعات تشير إلى انخفاض أسعار الغذاء والطاقة في الولايات المتحدة، فسعر الغالون الأمريكي للغاز في الولايات المتحدة اصبح اقل من ٤ دولار للغالون وأسعار القمح والذرة يتجهان نحو الانخفاض في الولايات المتحدة . 
انخفاض التضخم في الولايات المتحدة مرده إلى سياسة الرئيس جو بايدن باستخدام عدد من براميل النفط من المخزون الستراتيجي والضغط على أصحاب محطات البنزين لتخفيض اسعارهم، فالبعض يتوقع أن تعاني أوروبا من تباطؤ في اقتصادها فيما الاحتياطي الفيدرالي في الولايات المتحدة يستخدم آلية رفع الفوائد لتخفيض التضخم . 
وقيمة الدولار سجلت مقابل العملة الأوروبية ارتفاعا قياسيا إذ وصل إلى التساوي مع اليورو في منتصف الشهر الماضي جزئيا بسبب سياسة الاحتياطي الأمريكي وأيضا لأنها العملة الأقوى والمهيمنة في ظروف عالمية مقلقة مع تراجع اقتصاد أوروبا .
ارتفاع قيمة الدولار يؤدي إلى انخفاض سعر المستوردات للمستهلك الامريكي كما أنها تشجع سفر الامريكيين إلى الخارج . 
ففرنسا مليئة مثلا بالسواح الامريكيين الذين حلوا مكان السواح الأثرياء الروس الذين فروا من أوروبا بسبب العقوبات على عدد من المقربين من الرئيس بوتين واوساطه . 
إلا أن ارتفاع قيمة الدولار تحمل بطياتها مخاطر على الاقتصار الامرييكي لأن السلع المصدرة للخارج تصبح أغلى والتنافس مع الشرق الصيني وأوروبا يحتد نسبة للدولار. فارتفاع الدولار سيف ذو حدين لامريكا ، وارتفاع الدولار للدول الآسيوية حسب خبراء في سنغافورة هو أخطر لآسيا من الكساد الاقتصادي.
والملاحظ أن الأيام الأخيرة هبطت قيمة الدولار مع ترقب بيانات التضخم الامريكية وارتفع الجنيه الإسترليني إلى ١،٢١٢٥واليورو الى ١،٠٢٤٢ للدولار . فهذه التقلبات في قيمة الدولار وفي توقعات التضخم تجعل عدم اليقين مسيطر على احتمال حصول كساد اقتصادي عالمي أو أن الولايات المتحدة وهي أكبر اقتصاد ستتمكن من مقاومة هذا الخطر في حين أن دول الاتحاد الأوروبي التي تعتمد على الطاقة الروسية من غاز ونفط أكثر تأثيرا من الولايات المتحدة. 
دول الاتحاد الأوروبي اقترضت بشكل كبير من أجل إعادة إطلاق اقتصادها بعد جائحة الكورونا ، وما إن انتهت من الكورونا إلا وأتى الرئيس الروسي بحرب على أبواب أوروبا في غزوه لاوكرانيا .
فالأوضاع الاقتصادية والاجتماعية ما زالت متقلبة في الدول الأوروبية إذ إن الاتجاه المؤكد غير واضح بعد ولكن ارتفاع أسعار كل شيء أصبح واقعا جديدا مع تراجع القوة الشرائية للجميع في كل دول الاتحاد الأوروبي وفي بريطانيا ما يشير إلى احتمال كبير بتراجع اقتصادي عالمي.

عدد الزيارات : 345 زيارة

كل التعليقات

    لا توجد تعليقات علي هذا الموضوع

اضف تعليق