> اقتصاد

جائحة كورونا عززت ثقافة الادخار وغيرت نمط تسوق المواطن الكويتي


جائحة كورونا عززت ثقافة الادخار وغيرت نمط تسوق المواطن الكويتي

كونا) – فرضت جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19) وما صاحبها من تدابير احترازية تغيرات جذرية في ثقافة إنفاق المواطن الكويتي وتراجع معدله خاصة على مجالي السفر والترفيه.
وحقق العديد من المواطنين مدخرات من معاشاتهم إثر التغيرات التي فرضها نمط الحياة بعد الجائحة لجهة إغلاق المجمعات التجارية ودور السينما وصالات الألعاب الرياضية وصالونات التجميل ومكوث العائلات في المنزل لساعات طويلة فضلا عن تحقيق وفورات مالية نتيجة الإعفاء من الأقساط الشهرية المستحقة لصالح البنوك لفترة قاربت العام. وكشفت الجائحة عن تغير كبير وواضح في العادات الاستهلاكية ونمط التسوق وطريقته وأسلوبه لدى العديد من الأفراد والتي تمثلت بالنظر إلى الأولويات عند شراء المستلزمات المنزلية اليومية.
ودعت المحدودية في الأدوات الاستثمارية التي تقدمها البنوك المحلية بنك الكويت المركزي إلى تخصيص جانب من حملته الإعلانية الأخيرة (لنكن على دراية) لتشجيع المواطن على الادخار والتوفير والاستثمار فضلا عن توفير أدوات استثمارية مجزية للمواطن.
وفي ضوء أسعار الفائدة المتدنية والمخاوف التي صاحبت الجائحة من الاستثمار في الأسهم أو العقارات بقيت خيارات المواطن محدودة جدا لاستغلال الفوائض المالية المتوفرة لديه فبرزت ظاهرة التوجه إلى بعض السلع المكتنزة للقيمة كالساعات الثمينة أو الذهب.

وفي هذا السياق رأى مواطنون في لقاءات متفرقة مع وكالة الأنباء الكويتية (كونا) اليوم الأحد أن نمطا جديدا تشكل بعد الجائحة اتسم بالانتقال من النمط الاستهلاكي إلى الادخاري رغم محدودية الأدوات الاستثمارية التي تقدمها البنوك المحلية. وأضافوا أن "جائحة (كورونا) أثرت على جميع مجالات حياتنا اليومية لاسيما الإنفاق إذ تسببت في بدايتها بإغلاق المجمعات ومعظم وسائل الترفيه". وأوضحوا أن "الإجراءات الاحترازية والتدابير الوقائية صاحبها تغيرات جذرية في كيفية إنفاق الناس لأموالهم إذ كانت هناك زيادة في الإنفاق على المواد الغذائية والتسوق عبر الإنترنت والألعاب الترفيهية بينما قل على السفر والمطاعم".

من جانبها قالت سارة المزيد 32 عاما ل(كونا) إنها تمكنت فور تطبيق قرار تأجيل أقساط المديونيات للبنوك لمدة 6 أشهر في شهر مارس 2020 من توفير المبالغ التي كانت تدفعها للأقساط مضيفة أنها ادخرت مبالغ شهرية أخرى استهلاكية كانت تنفقها في المجمعات والمقاهي مقدرة المبلغ الذي تم توفيره بنحو 1500 دينار كويتي (نحو 4800 دولار أمريكي).

وذكرت أنها فكرت في عدة طرق للاستفادة والاستثمار من هذا المبلغ عوضا عن انفاقه كالعادة إلا أن خيارات الاستثمار والاستفادة بعائد من هذا المبلغ كانت محدودة فقررت الاستفادة منه بشراء الذهب للاستفادة منه في حال الحاجة إليه مستقبلا.

بدوره قال حمد السالم ل(كونا) إنه لم يتمكن خلال فترة الحظر من توفير مبالغ رغم الإعفاء من قيمة الأقساط وإغلاق المجمعات التجارية والمطاعم ووسائل الترفيه إذ كان ينفق أمواله على التسوق والتبضع الإلكتروني إضافة إلى شراء وسائل ترفيهية للأطفال لتعويض جلوسهم المستمر في المنزل خلال فترة الحظر. وأضاف أن من الآثار النفسية للجلوس في المنزل ما يسمى ب"التسوق العاطفي" إذ يمكن أن ننفق أموالنا عبر الإنترنت على احتياجات غير ضرورية.

من جهته رأى عمر المطوع أن جائحة (كورونا) كانت فرصة لكل مواطن في توفير الأموال لا سيما مع تأجيل البنوك للأقساط المستحقة مرتين إضافة إلى حظر السفر مع بداية الجائحة الذي كان يستحوذ على جزء كبير من ميزانية الفرد وتابع المطوع "كوني رب أسره لثلاثة أطفال فإن هذه الجائحة أسهمت في تقليل مصروفات الأطفال مع إغلاق المدارس والاعتماد على (التعليم عن بعد) الذي قلل من المستلزمات الدراسية إلى جانب إغلاق المراكز الترفيهية للأطفال". وأظهرت أرقام الإدارة المركزية للإحصاء الكويتية أن عدد العمالة الكويتية في القطاع الحكومي بلغ 323358 مواطنا ومواطنة - يتراوح متوسط الأجر الشهري للفرد 1520 دينارا (نحو 4850 دولارا) - استطاعوا خلال فترة الحظر توفير مبالغ مالية نتيجة اعفائهم من كل الأقساط خلال الجائحة. وبحسب بنك الكويت المركزي شهدت ودائع النظام المصرفي زيادة بنسبة 1ر4 في المئة خلال عام 2020 رغم تدني سعر الخصم إلى مستويات قياسية لتصل لأعلى مستوى لها بمبلغ 61 مليار دينار "1ر78 في المئة منها من مصادر محلية".

من جهته ذكر الرئيس التنفيذي لشركة الخدمات المصرفية المشتركة (كي.نت) عبدالله العجمي ل(كونا) أن عمليات الشركة لا يمكنها رصد توجه انفاق المستهلكين نحو الادخار أو الاستثمار أو الانفاق إلا أنه يمكن رصد حركة السحوبات وطريقتها. وأضاف العجمي أن الشركة رصدت مع بدء جائحة كورونا نموا كبيرا في حجم المدفوعات الإلكترونية وتراجعا في حجم المدفوعات النقدية المباشرة (الكاش). وأوضح أن المستهلكين وأصحاب الأعمال تبنوا بسرعة التجارة الإلكترونية وقنوات المدفوعات الإلكترونية وهو ما انعكس بالنمو الحاد والهائل للتحويلات الإلكترونية عبر منصة الشركة مما دفعها إلى وضع أكثر من ثلاثة آلاف نقطة بيع جديدة في مختلف أنحاء البلاد خصوصا في الجمعيات التعاونية والصيدليات والمستشفيات. وبين أن عمليات السحب عبر أجهزة (السحب الآلي) في مايو 2020 بلغت 870 ألف عملية بنسبة تراجع قدرها 67 في المئة مقارنة بشهر مايو 2019 حين بلغت 6ر2 مليون وهو الانخفاض الأكبر خلال هذه الجائحة. وأفاد بأن الانخفاض في عمليات السحب عبر (أجهزة السحب) تقلص تدريجيا إلى 39 في المئة في يونيو 2020 و20 في المئة في الشهر الذي يليه ثم 15 في المئة في أغسطس 2020 مقارنة بالشهور ذاتها من 2019.

وأشار إلى أن الانخفاض طال أيضا عمليات (السحب النقدية) لتهبط بنحو 64 في المئة إذ بلغت قيمتها 6ر70 مليون دينار في مايو 2020 مقارنة بالشهر ذاته من 2019 "وهو الانخفاض الأكبر" في القيمة خلال فترة جائحة كورونا. ولفت إلى انخفاض العمليات عبر (نقاط البيع) بنسبة 55 في المئة في مارس 2020 على أساس سنوي مبينا أن الانخفاض بلغ ذروته في مايو 2020 بنحو 66 في المئة متراجعا من 17 مليون عملية إلى ستة ملايين عملية فقط في حين انخفضت قيمة هذه العمليات في الشهر المذكور إلى 230 مليون دينار من 855 مليونا مقارنة بذات الشهر من 2019.

من جانبه قال أستاذ التمويل والمنشآت المالية في جامعة الكويت الدكتور طلاع الديحاني ل(كونا) إن موضوع الادخار مرتبط بالنشاط الاقتصادي العام لافتا إلى أن الفرضية العلمية تؤكد أن الجائحة أسهمت في إغلاق الأعمال أو التقليل من نشاطها لذلك ادخر الناس أموالهم. وأضاف الديحاني أن الأسواق والدول السياحية أغلقت أبوابها مع ظهور فيروس كورونا وتفشيه في العديد من دول العالم "ونتيجة ذلك تباطأ الاقتصاد لشح السيولة المحتفظ بها في الحسابات البنكية".

عدد الزيارات : 1053 زيارة

كل التعليقات

    لا توجد تعليقات علي هذا الموضوع

اضف تعليق