> اقتصاد

رندة تقي الدين: توقعات الاقتصاد العالمية بين التشاؤم والتفاؤل الحذِر


رندة تقي الدين: توقعات الاقتصاد العالمية بين التشاؤم والتفاؤل الحذِر

مع بدء مؤتمر دافوس المنتجع للتزلج السويسري الذي يجمع مصرفيين ومستثمرين وواقتصاديين عالميين كثرت التوقعات الاقتصادية واختلفت حتى يقع المتابع للتحاليل المختلفة في حيرة حول الرهان الأرجح.
فحسب بلومبرغ تراجعت ثقة أصحاب الأعمال في آفاق نمو شركاتهم إلى أقصى حد منذ أزمة ٢٠٠٨.
وحذر البنك الدولي في تقريره السنوي أن الاقتصاد العالمي سيقترب من الركود هذا العام نتيجة ضعف النمو في الاقتصادات الكبرى في العالم من الولايات المتحدة إلى الصين وأوروبا . 
أما على صعيد تجار النفط والمستثمرين في الأوراق المستقبلية فقد ارتفع عددهم نسبة للأشهر الستة الماضية بسبب التفاؤل حول انطلاق الطلب الصيني على النفط إثر إعادة فتح الصين حدودها بعد إغلاقها المزمن نتيجة جائحة كورونا .
فقد ارتفعت العقود المستقبلية للنفط الى ٥،٢٤ مليون حسب بلومبرغ أعلى رقم منذ يونيو ٢٠ . 
رأت مجموعة غولدمان ساكس المصرفية والاستثمارية في تقريرها أن قوة أوبك في فرض سعر النفط الآن أصبحت مرتفعة جدا وتوقعت ارتفاع أسعار النفط إلى ١٠٥ دولار للبرميل في نهاية السنة نتيجة عدم توازن بين العرض والطلب في يونيو وزيادة الطلب من الصين و نمو في الطلب العالمي على النفط مرتفع بمستوى ٢،٧ مليون برميل في اليوم في ٢٠٢٣. 
وتضيف غولدمان ساكس أنه في حال تراجعت السوق النفطية بشكل مفاجئ بإمكان أوبك التي أصبح لديها قوة في فرض سعر النفط أن تضع سقفا لعدم تركه يتدهور .
أما أمين عام أوبك هيثم الغيث فأبدى تفاؤلا حذرا بشأن الاقتصاد العالمي وقال إنه يتوقع زيادة الطلب الصيني بنصف مليون برميل في اليوم خلال هذه السنة ، وأكد وزير النفط الإماراتي سهيل مزروعي أن منظمة أوبك ساهمت في العمل على استقرار الأسواق النفطية وتجنيبها التقلبات .
فأوبك كانت قررت في نوفمبر تخفيض مليونين برميل في اليوم حتى نهاية السنة على ألا تعقد اجتماعا وزاريا قبل يونيو هذه السنة. إلا أن التطورات الاقتصادية والجيوسياسية مع روسيا عضو أساسي في أوبك+ قد تجبر المنظمة العودة إلى اجتماعات وزارية بسبب عدم اليقين الذي يسود الأوضاع الاقتصادية والجيوسياسية مع حرب روسيا في أوكرانيا التي ستطول.
ما يخيف العالم حاليا هو زيادة أزمة التضخم بسبب هذه الحرب إضافة إلى الآثار المستمرة لجائحة كورونا الماضية .
فالتضخم زاد التفاوت في المجتمعات وارتفاع فواتير الكهرباء والوقود في عدد من الدول يؤدي الى إضرابات وشلل في القطاعات العامة مثل بريطانيا وفرنسا التي ستشهد يوم الخميس إضراب جميع القطاعات لرفضها مشروع تغيير سن التقاعد من ال٦٢ الى ٦٤ . 
ولكن النقابات الفرنسية بإمكانها تعبئة عدد كبير من المتظاهرين المستائين من التضخم وغلاء المعيشة علما بأن الدولة الفرنسية تقدم مساعدات كثيرة لقطاعات حيوية لحمايتها من بينها صانعيي الخبز"baguetteالباغيت" الفرنسية الشهيرة الذين يعانون من ارتفاع كلفة الكهرباء لأفرانهم . فالأوضاع الاقتصادية متأزمة في أماكن كثيرة في العالم بسبب التضخم، ولكن إن صدقت التوقعات ووصل سعر النفط إلى مئة دولار الدولة النفطية التي ليست تحت العقوبات مثل دول الخليج والدول الغازية مثل قطر والجزائر تستفيد من ارتفاع الأسعار ولو أن تراجع اقتصاد العالم واحتمال الركود من شأنه أن يؤثر على الطلب على النفط .
فعدم اليقين بالنسبة للاقتصاد العالمي ومستوى الركود يضع علامة استفهام على دقة التوقعات وما إذا كان بإمكان المراقب أن يكون متشائما أم متفائلا بالنسبة للمستقبل القريب.

عدد الزيارات : 1449 زيارة

كل التعليقات

    لا توجد تعليقات علي هذا الموضوع

اضف تعليق