> اقتصاد

رندة تقي الدين: أوبك لحماية مستوى أسعار النفط


رندة تقي الدين: أوبك لحماية مستوى أسعار النفط

واضح أن أوبك وحلفاءها في أوبك+ الذين ينتجون حوالي ٤٠ في المئة من إنتاج النفط العالمي لن يتركوا أسعار النفط تنخفض إلى مستويات لا تناسبهم.
لم يكن كما قال معظم المحللين قرار أوبك + مفاجئا في طليعتهم أكبر مصدر عالمي "السعودية" تخفيض ١،٦٦ مليون برميل في اليوم لأعضاء أوبك + .
فالسعودية ودول أوبك كانت ترى أسعار النفط تهوي إلى ٧٠ دولار لبرميل البرنت خلال الشهر الماضي عندما بدأت أزمة المصارف في أمريكا وسويسرا . 
وكانت أرقام نمو الطلب على النفط في الصين غير مؤكدة رغم أن تقارير عديدة كانت تشير إلى زيادة في الطلب على النفط في الربع الثاني من السنة . 
ولكن قرار زيادة الإنتاج الطوعي الذي تم اتخاذه يوم الأحد الماضي لبداية مايو والذي يضاف إلى المليونين برميل في اليوم التخفيض المقرر سابقا حتى نهاية السنة يشير بوضوح أن أوبك على رأسها السعودية وجميع الدول فيها تريد بقاء برميل البرنت بسعر يتجاوز ٩٠ دولار. 
إن هذا التخفيض رفع سعر البرنت يوم الاثنين بأكثر من ٦ في المئة بعد أن وصل إلى حوالي ٨٥ دولار . 
أن مجمل التخفيض المقرر بـ٣،٦٦ مليون برميل في اليوم من الآن إلى نهاية السنة يساوي ٣،٧ في المئة من الطلب العالمي على النفط . 
فإن توقعات عدد من المستثمرين والبنوك منهم غولدمان ساكس Goldman Sachs أن يصل سعر برميل النفط في دسمبر ٢٠٢٤ إلى ١٠٠ دولار . 
فهذا قد يرضي دول أوبك التي جميعها الغنية والأقل غنى تريد مكاسب وأرباح من النفط لموازناتها وخططها التنماوية ومئة دولار للبرميل يناسب كل منها . 
إلا أن خطورة ارتفاع سعر النفط بشكل كبير تعود وتشجع منتجي النفط الصخري في أمريكا . 
كثير تخلوا عن استثماراتهم بسبب الإفلاس عندما انخفضت أسعار النفط، ثم إن الرئيس الأمريكي جو بايدن قلص امتيازات الشركات الصغرى للتنقيب عن النفط الصخري لأسباب بيئية. 
بامكانه بعد الآن العودة عن القرار وإطلاق امتيازات جديدة إذا ارتفع سعر النفط خصوصا أن الإنتاج الامريكي يرتفع حاليا. 
قرار أوبك الأخير هو اقتصادي أولا لأن الدول المنتجة للنفط حريصة على حماية السعر والخبرة علمتها على إدارة السوق . 
فوزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان خبير في الأسواق والمضاربين فيها وله فترة طويلة قبل توليه الوزارة يعمل في قطاع الطاقة في المملكة ويعرف الشاردة والواردة في الاسواق العالمية. 
فلا شك ان المملكة والدول النفطية في الخليج تدعم مسار حماية الأسعار ومنعها من التدهور بل رفعها الى مستويات مرضية . 
إلا أن هذا القرار ولو انه اقتصادي بامتياز لكن تدخل فيه عناصر سياسية إن شئنا أو أبينا كونه يعمل لصالح دولة أساسية في أوبك + وهي روسيا.
فهي تحت عقوبات شبه عالمية غربية بسبب غزوها لاوكرانيا ومعاقبة من الولايات المتحدة وحلفائها في امريكا وأوروبا . 
وتسعى الإدارة الامريكية عبر هذه العقوبات إضعافها والضغط على رئيسها فلاديمير بوتين للانسحاب من أوكرانيا، ولكن رغم العقوبات منذ أكثر من سنة تضاعفت صادرات الصين من الطاقة الروسية من نفط إلى منتوجات إلى فحم إلى غاز وبلغت ٨٨ مليار دولار للسنة لروسيا حتى فبراير . 
فبيع طاقتها إلى الصين وفي آسيا يمكنها من تمويل حربها في أوكرانيا، والإدارة الامريكية هي فعليا تقود المقاومة الأوكرانية ضد روسيا. 
إن ارتفاع أسعار النفط لصالح دول أوبك ولكنه يناقض مصالح الحليفة الكبرى لدول الخليج الولايات المتحدة التي أعربت عن استيائها لرفع الأسعار على لسان وزيرة الفدرالي المالي . 
والسبب الإضافي إلى ارتفاع سعر البنزين في الولايات المتحدة هو الحرب الروسية في أوكرانيا والعلاقة السيئة بين بايدن وبوتين . 
تدرك الإدارة الامريكية أن وراء قرار أوبك إرادة الدول المنتجة للنفط الحصول على أرباح أكبر من مواردها النفطية ولكنها قد ترى فيه انعكاسات سياسية سلبية من حلفائها في الخليج على مصالحها ضد روسيا، ولكن طالما تحالف أوبك+ يخدم مصالح دول أوبك الاقتصادية لا مجال للتراجع عنه.

عدد الزيارات : 1041 زيارة

كل التعليقات

    لا توجد تعليقات علي هذا الموضوع

اضف تعليق