> محليات

رندة تقي الدين: ذكرى انفجار مرفأ بيروت في ظل وضع متدهور


رندة تقي الدين: ذكرى انفجار مرفأ بيروت في ظل وضع متدهور

كيف ينسى اللبنانيون ذكرى انفجار المرفأ الأليم في ٤ أغسطس٢٠٢٠ عندما انفجر٢٧٥٠ طنا من نترات الامونيوم في أحد مخازن المرفأ وقتل فيها ٢٢٤ شخص وجرح ٦ آلاف آخرين ودمرت منازل ومحلات حوالى ٣٠٠ الف شخص في بيروت واليوم لبنان ينزلق إلى جهنم .
ثلاث سنوات مرت على هذه الفاجعة دون أي نتيجة تحقيق العالم بأسره يطالب بها.. من المسوؤل عن هذا التخزين ولماذا بقيت هذه المدة طويلا في مرفأ يسيطر عليه ككل مرافق لبنان حزب الله؟ ومن استخدمها وهل كانت للتصدير إلى سورية لصنع المتفجرات؟ لا يمكن معرفة الحقيقة، فأصحاب النفوذ في لبنان كما في كل القضايا الإجرامية يعيقون عمل القاضي طارق بيطار لأنهم لا يريدون كشف الواقع. 
عندما زار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لبنان غداة الانفجار واجتمع برؤساء الأحزاب اللبنانية كان أول من أصر عليه على رفضه تحقيق دولي أو خارجي نائب حزب الله محمد رعد الذي بدأ كلامه مع الرئيس الفرنسي قائلا إن حزبه يرفض أي تحقيق دولي. 
فرعد مدرك أن القضاء في لبنان تحت نفوذ الحزب وأنه لن يطاله، و لسوء الحظ رضخ ماكرون لهذا الطلب قائلا له إن التحقيق سيكون محلي وطني. لكن سرعان ما أدركت فرنسا وغيرها من الدول الخارجية أن ليس هناك أي إمكانية بالتوصل إلى نتيجة بتحقيق محلي بسبب الفلتان من العقاب الذي يتمتع به حزب الله بوجه القضاء اللبناني وحتى القضاء الدولي . 
إلا أن الدول المهتمة بلبنان غيرت لهجتها وأصرت على ضرورة إصدار نتيجة التحقيق ولو أنها عارفة بالعمق أن التحقيق لن يصل إلى نتيجة طالما حزب الله النافذ في البلد . 
أكبر مثل على ذلك المحكمة الدولية بقضية اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري التي حكمت على عناصر حزب الله بارتكاب الجريمة بالغياب إذ إنهم لن يسلموا يوما للعدالة الدولية التي منذ البداية أكد أمين عام الحزب حسن نصر الله أنه لن يعترف بها . 
واليوم أيام قليلة قبل الذكرى الأليمة الثالثة لسقوط الطفلة الملاك البريئة الكسندرا نجار التي كانت في الثالثة من عمرها عندما قتلها انفجار المرفأ وتركت أب وأم مفجوعين بما حدث لابنتهما الحبيبة كيف تستمر حياتهما في بلد دون عدالة ينزلق يوما بعد يوم في فراغ مؤسساتي كارثي .
في نهاية هذا الأسبوع تنتهي مهلة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الذي تراس هذه الحاكمية منذ ١٩٩٣ وكان أعاد بناء المصرف المركزي بعد الحرب الأهلية وانتهى ملاحَقا من القضاء الدولي وانتربول علما أنه كبش فداء لمسوؤلين سياسيين فاسدين كان من الأفضل ألا يتحمل مسوؤلية تغطيتهم. فالبلد يتخوف من فراغ على رأس الحاكمية لكن الانزلاق الاقتصادي والمالي مستمر مع أو دون حاكم . 
لكن الاتجاه الحالي هو أن يعين رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي بتأييد من رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري كميل أبو سليمان حاكم خلف لرياض سلامة وهو محامي دولي معروف بشبكة علاقات دولية واسعة ويحظى باحترام في الخارج والداخل رغم أن البعض يصفه بأنه شخصية متعجرفة لكنه عمل في المجال القضائي في قضية اليوروبند للبنك المركزي وسمعته جيدة ولو أن البعض انتقده بأنه نصح حكومة حسان دياب بعدم تسديد الدين الخارجي . 
فإذا تمكنت حكومة تصريف الأعمال برئاسة نجيب ميقاتي من تعيين حاكم جديد قد يكون ذلك إنجازا.
كما أن البعض يضع أملا ضئيلا وحذرا بوصول إلى بيروت للمرة الثانية مبعوث رئاسي فرنسي الوزير جان ايف لودريان ليحث الجميع مجددا على ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية بعد أن اجتمع في الدوحة بممثلي خمس دول السعودية وقطر ومصر والولايات المتحدة لبحث كيفية القيام بهذا الضغط. 
إلا أن التشاؤم بإمكانية نجاحه يسود معظم الأوساط الدولية والمحلية بسبب انقسام وتعنت المسوؤلين عن مختلف الأحزاب في لبنان. 
فاللبنانيون ينظرون إلى بلدهم ينزلق في جهنم والسياسيين يتخاصمون حول مرشحهم والشعب والبلد ضحية افعالهم. فالمشهد اللبناني مؤلم إذ إن الفراغ يهدد الأمن والبلد يزداد فقرا والخارج مل من قضاياه ويبتعد عنه شيئا فشيئا علما بأن الرئيس الفرنسي يقول لمن يلتقيه إنه مصر على عدم ترك لبنان يغرق . 
ولكن فرنسا وحدها لا يمكنها إيجاد حل.. فمهما حاول المبعوث الفرنسي لا يستطيع وحده إقناع الأطراف بالتوافق على رئيس ثم على حكومة ثم على إصلاحات لان مصالح البعض من السياسيين تتقدم على مصلحة الوطن. 
يبقى للبنان الصلاة لروح الضحايا الأبرياء مثل الطفلة الكسندرا والباقي وليقظة المسوؤلين عن الخراب في لبنان لأن انزلاقه سيكون للجميع بما فيهم أصحاب القرار.

عدد الزيارات : 522 زيارة

كل التعليقات

    لا توجد تعليقات علي هذا الموضوع

اضف تعليق